الحرب الأعنف منذ سنوات.. هجوم حماس خلّف مئات القتلى من الإسرائيليين والفلسطينيين
اندلعت السبت حرب جديدة بين إسرائيل وقطاع غزة بعد هجوم حماس التي أطلقت آلاف الصواريخ وتوغلت في أراضٍ إسرائيلية وأسرت إسرائيليين.
وردّت إسرائيل بغارات جوية مكثفة على قطاع غزة الذي تسيطر عليه الحركة بعد هجوم حماس، مع تواصل الاشتباكات مع “مئات” المتسللين ليل السبت. وتوعد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بأن الجيش سيقوم بكل ما يلزم لـ”القضاء على حماس”.
وصدرت إدانات دولية لهجوم حماس، ودعت دول أخرى إلى ضبط النفس. وسيعقد مجلس الأمن جلسة طارئة الأحد لبحث الوضع في ظل خشية من توسع التصعيد.
وبلغت حصيلة القتلى في الجانب الإسرائيلي 250 قتيلا وفق وسائل إعلام، وفي الجانب الفلسطيني 232 قتيلا و1697 جريحا بحسب وزارة الصحة في قطاع غزة.
وتوعّد نتانياهو ليل السبت بعد اجتماع للحكومة، بأن الجيش “على وشك استخدام كل قوته للقضاء على حماس”، مضيفا في خطاب متلفز “سنضربهم حتى النهاية وننتقم بقوة لهذا اليوم الأسود الذي ألحقوه بإسرائيل وشعبها”.
كما دعا الفلسطينيين إلى ترك القطاع المحاصر منذ أعوام طويلة، مؤكدا أن قواته ستقوم بتدمير مخابئ الحركة.
وكان رئيس الوزراء اليميني قال في وقت سابق “نحن في حرب، ليست مجرد عملية أو دورة عنف، إنما هي حرب”.
وتحدث عن “هجوم مباغت” من حماس، مضيفا “نحن في حرب وسنكسبها”.
ولم تتوقف صفارات الإنذار في المدن والقرى الإسرائيلية المتاخمة لقطاع غزة، وكذلك دوّت الصفارات في تل أبيب والقدس حيث اعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية العديد من الصواريخ.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيخت إن إسرائيل أحصت إطلاق أكثر من 3000 صاروخ من قطاع غزة.
ويأتي هذا التصعيد في اليوم الأخير من عيد المظلات (سوكوت) في إسرائيل، وبعد خمسين عاما على حرب أكتوبر 1973 التي قتل فيها 2600 إسرائيلي وبلغ عدد القتلى والمفقودين في الجانب العربي 9500 خلال ثلاثة أسابيع من القتال.
وأعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، صباحا بدء عملية “طوفان الأقصى”.
وقالت إنّ القيادة “قرّرت وضع حد لكل جرائم الاحتلال، وانتهى الوقت الذي يعربد فيه دون محاسب”.
وتابعت “نعلن بدء عملية طوفان الأقصى ونعلن أن الضربة الأولى التي استهدفت مواقع العدو وتحصيناته تجاوزت خمسة آلاف صاروخ وقذيفة”.
وقال قائد الأركان في كتائب عز القسام محمد الضيف إن العملية “رد على جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين واقتحاماته المتكررة للمسجد الأقصى”.
بدوره، قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية “نحن على موعد مع النصر العظيم والفتح المبين من على جبهة غزة”. وأضاف “طفح الكيل ولا بد من استكمال حلقة الانتفاضات والثورات بمعركة التحرير لأرضنا وأسرانا القابعين في سجون الاحتلال”.
وبدأ إطلاق وابل من الصواريخ من قطاع غزة في اتجاه الأراضي الإسرائيلية الساعة السادسة والنصف (03,30 ت غ). وبدأت إسرائيل بالرد قرابة الساعة 11,00 (08,00 ت غ).
وحتى مساء السبت، أكد الجيش أن قواته ما زالت تخوض في “22 موقعا”، مواجهات مع “مئات” المسلحين الفلسطينيين الذي تسللوا إلى أراضي الدولة العبرية.
وقال المتحدث باسم الجيش ريتشارد هيخت للصحافيين إن “المئات غزوا” البلاد وأن “المئات” ما زالوا داخل إسرائيل ويقاتلون جنودها.
وتحدث عن وجود “حالات احتجاز رهائن خطرة في بئيري وأوفكيم”، في إشارة إلى مستوطنتين تقعان في صحراء النقب، وتبعد الثانية منهما أكثر من 20 كلم عن الحدود مع القطاع المحاصر.
وكان الجيش أكد في وقت سابق أن قواته تخوض معارك “على الأرض” ضد مقاتلين في المناطق المحيطة بقطاع غزة بعد تسلل هؤلاء “بالمظلات” بحرا وبرا.
وقال هيخت “كانت عملية مزدوجة تمت من خلال طائرات شراعية عبر البحر والأرض”.
وأشار إلى أنه سيتم نشر الآلاف من جنود الاحتياط على الحدود مع قطاع غزة وكذلك شمال إسرائيل وعلى الحدود مع لبنان وسوريا وفي الضفة الغربية المحتلة.
أسرى ونزوح
وأكد الجيش الإسرائيلي أن حركة حماس “خطفت عسكريين ومدنيين” خلال هجماتها.
وقال المتحدث باسم الجيش دانيال هاغري “هناك جنود ومدنيون مختطفون”. وأضاف “لا أستطيع تقديم أرقام عنهم في الوقت الحالي، إنها جريمة حرب ارتكبتها حماس وسوف تدفع الثمن”.
وبثت كتائب القسام مقطع فيديو يظهر أسر مقاتليها ثلاثة رجال يرتدون ملابس مدنية قالت إنهم إسرائيليون.
وظهرت في مطلع الفيديو العبارة التالية: “مشاهد أسر كتائب القسام عددا من جنود العدو ضمن معركة طوفان الأقصى”. ويبدو من اللافتات في خلفية الفيديو باللغة العبرية أن اللقطات أُخذت في الجانب الإسرائيلي.
كما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو أخرى تظهر فيها جثث جنود بملابسهم العسكرية، إضافة لجثث أشخاص وركاب على الطريق السريع، لم يكن في الإمكان التأكد من صحتها.
وأعلنت حركة الجهاد احتجازها “عددا من الجنود الإسرائيليين”.
وشاهد صحافيون من فرانس برس في قطاع غزة مئات السكان يفرون من منازلهم الواقعة على الحدود مع إسرائيل.
وشوهد رجال ونساء وأطفال يحملون مواد غذائية وبطانيات ويخرجون من منازلهم ومن بينهم أم أحمد غبن التي كانت تمسك بيد إثنين من أبنائها الأربعة في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.
وقالت المرأة التي حملت أكياسا ملأتها بالطعام والملابس “قامت الحرب، سأذهب إلى بيت أهلي في حي النصر رغم أن لا مكان آمن”.
ولجأ البعض منهم إلى مدارس في غزة بإدارة وكالة غوث اللاجئين (أونروا).
ومساء السبت، شنّت طائرات حربية غارات على قطاع غزة أدت إلى تدمير برجين على الأقل، وفق مراسلي فرانس برس.
وأكد الجيش الإسرائيلي في بيان عمليات القصف، قائلا إن “منظمة حماس الإرهابية تتعمد زرع مرافقها العسكرية بين السكان المدنيين في قطاع غزة”. مشيرا إلى أنه أصدر تحذيرا مسبقا للسكان … وطلب منهم إخلاء” المباني.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود إن غارة أصابت المستشفى الإندونيسي في القطاع وسيارة إسعاف خارج مستشفى ناصر في جنوب قطاع غزة، مما تسبب في مقتل عدة أشخاص.
كما أعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية السبت قطع إمدادات الكهرباء للقطاع.
من جهتها، أعلنت الأمم المتحدة أن اجتماعا طارئا لمجلس الأمن بشأن الشرق الأوسط سيعقد الأحد.
قتلى في الضفة الغربية
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن حركة حماس ارتكبت “خطأ كبيرا عبر شن حرب على دولة إسرائيل”.
وقال الجنرال الإسرائيلي راسان إليان الذي يرأس وحدة الشؤون المدنية في الأراضي الإسرائيلية إن حماس “فتحت على نفسها أبواب جهنم”.
وأطلقت إسرائيل على عمليتها اسم “السيوف الحديدية”.
بالتوازي مع التصعيد في غزة ومحيطها، قُتل خمسة فلسطينيين في صدامات مع القوات الإسرائيلية في أنحاء متفرقة الضفة الغربية المحتلة، وفق ما أفادت وزارة الصحة الفلسطينية.
كما أصيب 120 فلسطينيا في الصدامات مع الجيش ومستوطنين، وفق الوزارة.
وشهدت عدة نقاط تماس في كل من الخليل وقلقيلية ورام الله في الضفة الغربية مواجهات بين شبان فلسطينيين والقوات الإسرائيلية.
إدانات ودعوات لضبط النفس
ودانت الولايات المتحدة “هجمات إرهابيي حماس غير المبررة على مدنيين إسرائيليين”.
وتعهدت واشنطن بـ”ضمان حصول إسرائيل على ما تحتاج إليه للدفاع عن نفسها وحماية المدنيين من العنف العشوائي والإرهاب”.
وفي خطاب بشأن التصعيد، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن دعم بلاده لإسرائيل “صلب كالصخر” و”راسخ”.
ودان الاتحاد الأوروبي ودول غربية عدة العملية التي تنفذها حماس وأكدت حق إسرائيل بالدفاع عن النفس.
ودعت روسيا ودول عربية عدة إلى “ضبط النفس”.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى بذل جهود دبلوماسية في الشرق الأوسط لمنع توسع رقعة العنف بين حماس وإسرائيل.
في المقابل، عبرت إيران عن دعمها لعملية حماس التي “باركها” أيضا حزب الله اللبناني.
وتفرض إسرائيل منذ العام 2007 حصاراً مشدّداً على القطاع، تاريخ تفرّد حركة حماس بالسيطرة عليه. وخاضت الفصائل الفلسطينية وإسرائيل عدّة حروب مدمّرة منذ ذلك الحين.