الحرب على غزة تدخل شهرها الثالث
لم يختلف المشهد كثيرًا في بداية الشهر الثالث لـ “الحرب الإسرائيلية” على قطاع غزة عن باقي أيام الحرب التي بدأت منذ السابع من أكتوبر 2023؛ تواصل سقوط القتلى والقصف العشوائي والمكثّف لمنازل المواطنين لا زال مستمرا.
وفي ظل استمرار الحرب على غزة، ارتفعت حصيلة القتلى إلى نحو 16 ألفًا و250قتيلاً، من بينهم أكثر من 1240 قتيلاً منذ انتهاء “الهدنة الإنسانية المؤقتة” التي حدثت مطلع الشهر الجاري.
ويحاصر الجيش الإسرائيلي مدينة خان يونس الكبيرة في جنوب قطاع غزة، حيث تجري اشتباكات هي الأعنف على الأرض منذ بدء الحرب قبل شهرين بينه وبين حركة حماس. ويفر آلاف المدنيين يفرون من المنطقة مشيا أو على دراجات نارية أو على عربات محملة بأمتعتهم. بعدما باتوا محاصرين في منطقة تتقلص مساحتها يوما بعد يوم قرب الحدود مع مصر ويواجهون وضعا إنسانيا كارثيا.
وفي حين حذرت منظمات تابعة للأمم المتحدة من سيناريو أكثر رعباً للمدنيين جراء احتدام القتال بغزة، أفادت أوساط أمريكية وإسرائلية بأن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ترغب في انتهاء المرحلة النشيطة من القتال في غضون شهر، وتحدثت عن انفتاح دول عربية، على مقترحات سابقة بإرسال قوات إلى القطاع الفلسطيني لاستعادة الاستقرار في مرحلة «ما بعد حماس».
اشتباكات عنيفة
وقالت مصادر في حركتي حماس والجهاد الفلسطينيتين لوكالة “فرانس برس” إن مقاتليهما يتواجهون في اشتباكات عنيفة مع القوات الإسرائيلية لمنعها من الدخول إلى خان يونس والمناطق الواقعة شرقي المدينة، فضلا عن مخيمات اللاجئين القريبة.
ويواجه الجيش الإسرائيلي في شمال وجنوب قطاع غزة مواجهة شرسة، كبّدته خسائر بشرية وفي المعدات، في مؤشر على أنه ما زال بعيداً عن تحقيق الأهداف التي وضعتها قيادته السياسية.
كيف تبدو الأوضاع الإنسانية في غزة؟
أدى الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي الموسع في جنوب غزة إلى نزوح عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتفاقم الظروف الإنسانية المتردية في القطاع، حيث يمنع القتال توزيع الغذاء والماء والدواء خارج جزء صغير من جنوب غزة، وبسبب أوامر الإخلاء العسكرية الجديدة يحتشد السكان في منطقة أصغر من أي وقت مضى في الجنوب.
وقالت الأمم المتحدة إن 1.87 مليون شخص – أي أكثر من 80% من سكان غزة – طردوا من منازلهم منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس، والتي اندلعت بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل.
مستشفيات غزة تعيش وضعا مأساويا
أكد مصدر طبي فلسطيني أن المرحلة الثانية من الحرب الإسرائيلية على غزة أضافت عبئا جديدا على القطاع الصحي، بينما لم يعد بمقدور الكوادر الطبية الوصول من منازلهم إلى المستشفيات والعكس، وسط قصف الشوارع وانتشار القوات الإسرائيلية بها.
نزوح إلى رفح
وذكر المتحدث باسم وكالة الأونروا كاظم أبو خلف، أن اتصالات الوكالة مع خان يونس جنوب قطاع غزة انقطعت بسبب القصف الإسرائيلي. وأضاف أبو خلف، أن الجيش الإسرائيلي أصدر أوامر تطالب المواطنين الذين نزحوا من الشمال وغزة إلى مناطق الجنوب والمحافظات الوسطى بأن ينزحوا مرة أخرى لرفح.
منظمات أممية
قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونسيف» إن المستشفيات في غزة أصبحت ساحات حرب وميادين معارك، وأشارت إلى أن هناك ظروفا صعبة جدا تمنعها من تقديم المساعدات داخل غزة وأن الوضع الآن «قاتم وقاتل».
وأكدت المنظمة الأممية أن كثافة القصف تعيق تقديم المساعدات الإنسانية داخل غزة، وأن هناك انعداما للمياه النظيفة والغذاء.
غزة من أخطر الأماكن في العالم
قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) إن موجة أخرى من النزوح تجري في غزة والوضع يزداد سوءا كل دقيقة، وأكدت الأونروا أن قطاع غزة بأكمله أصبح من أخطر الأماكن في العالم ولا توجد به منطقة آمنة.
وقالت الأمم المتحدة، اليوم الأربعاء، إن نحو 85% من سكان قطاع غزة أصبحوا نازحين بفعل هجمات إسرائيل المتواصلة.
من جانبه، دعا برنامج الأغذية العالمي بشكل عاجل إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة، وأوضح أن توزيع المساعدات في القطاع أصبح شبه مستحيل ويعرض حياة العاملين في المجال الإنساني للخطر.
رسالة غير مسبوقة لغوتيريش
وجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رسالة غير مسبوقة إلى مجلس الأمن بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، محذرا من مخاطرها على مستوى العالم، كما حذر من أن النظام العام في القطاع يوشك أن ينهار بالكامل.
واعتمد الأمين العام على المادة 99 من الميثاق التأسيسي للأمم المتحدة التي نادرا ما تستخدم والتي تخوله “لفت انتباه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى أنها قد تهدد حماية السلم والأمن الدوليين”.
وهذه أول مرة يستخدم فيها غوتيريش هذه المادة منذ توليه منصبه عام 2017، وقال “إننا نواجه خطرا شديدا يتمثل في انهيار المنظومة الإنسانية. الوضع يتدهور بسرعة نحو كارثة قد تكون لها تبعات لا رجعة فيها على الفلسطينيين وعلى السلام والأمن في المنطقة”.
توقعات أمريكية لمآل الحرب
قال البيت الأبيض إن المسؤولين الأميركيين تحدثوا مع نظرائهم الإسرائيليين مرات عدة بشأن مستقبل قطاع غزة، لكن واشنطن ما زالت لا تعرف كيف سيكون حكم القطاع بعد الحرب.
من جانب آخر، نقلت شبكة “سي إن إن” عن مسؤولين بإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أنهم يتوقعون استمرار العملية البرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة إلى يناير المقبل، قبل أن تقوم إسرائيل باستهداف قادة حركة حماس بشكل ضيق، حسب تعبيرهم.