إلحاق أذى جسدي ونقل أطفال من جماعة.. تعريف الإبادة الجماعية ومخاطرها على المجتمعات
في الـ 9 ديسمبر من كل عام، يحل اليوم الدولي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية ومنع هذه الجريمة، والذي يُسلط الضوء ليس فقط على تنفيذ العقاب تجاه مرتكبيها، بل ومنعهم بشكل حاسم، وفهم الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة البشعة.
والخطوة الحاسمة على طريق منع الإبادة الجماعية إنما تتمثل في تحديد العوامل (أي الممارسات التمييزية) الموجودة في حالة معينة التي تؤدي إلى تفاوتات حادة في طرق إدارة مجموعات متنوعة من السكان، والبحث عن سبل للحد من هذه الأسباب، والقضاء في نهاية المطاف على الأسباب المحتملة للعنف الذي يفضي إلى الإبادة الجماعية.
اتفاقية الإبادة الجماعية
وبحسب الأمم المتحدة، تتضمن اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 (المادة 2) تعريفًا للإبادة الجماعية بأنها: “أيا من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية …“، بما في ذلك:
- قتل أعضاء من الجماعة
- إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة
- إخضاع الجماعة، عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً
- فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة
- نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى
الإيغور والإبادة الجماعية
ولعل أبرز مثال يعكس ممارسات الإبادة الجماعية في العالم، هو ما يتعرض له مسلمو الإيغور، إذ يتركب النظام الصيني في تركستان الشرقية جرائم مروعّة بحقهم، تتضمن تعذيب النساء، ومنع حيازة المواد الدينية، وتصنيف هؤلاء كـ “متطرفين خطرين”، بالإضافة إلى الفظائع التي تُمارس داخل معسكرات الاعتقال الصينية.
وفي يوليو الماضي، أعلن مركز الدراسات الأويغورية عن نشر كتاب “الخطر القادم من الشرق: الاستعمار الصيني للعالم الإسلامي والإبادة الجماعية للعالم للأويغور” باللغة العربية، وهو من تأليف المدير التنفيذي عبد الحكيم إدريس، وقد نشر لأول مرة باللغة الإنجليزية باسم “Menace”، واللغة التركية باسم “Kizil Kiyamet” في ديسمبر 2020.
My book, Menace, is now available for Arabic readers. The book examines the true nature of #China's Uyghur Genocide and exposes the #CCP's unyielding campaign to corrupt and exploit the #Muslim world, while waging a war on Islam and committing Uyghur Genocide in #EastTurkistan.… pic.twitter.com/vnELqHBNXB
— Abdulhakim Idris (@AHakimIdris) July 26, 2023
ويتطرق الكتاب إلى الإبادة الجماعية والحرب على الإسلام، التي يرتكبها النظام الصيني في تركستان الشرقية (منطقة الإيغور)، حتى تقضي على العائق الأول أمام خطتها الاستعمارية، بينما تتظاهر كصديق للإسلام والمسلمين في العالم الإسلامي.
أيضًا يُحذر الكتاب العالم من الخطر القادم من الشرق، عبر التوعية بسياسات الاحتلال للنظام الشيوعي الصيني، والتي تأتي تحت غطاء الاستثمار حول العالم.
كتاب آخر
أما الكاتب الإنكليزي مارتن شو، فأصدر كتابًا بعنوان “الإبادة الجماعية”، وحاول من خلاله أن يدخل في أعمق تعقيدات الجريمة التي شهدتها البشرية عبر التاريخ.
ويسعى شو إلى تقديم تعريف شامل للإبادة الجماعية، بدءًا من الأصول التاريخية للكلمة وصولًا إلى كيفية استخدامها في القانون الدولي. ولكنه لا يتوقف هنا، فهو يأخذ القارئ في رحلة عبر الأزمان، مُقدمًا أمثلة حية على الإبادات الجماعية التي وقعت في العديد من أنحاء العالم.
حريق أورمتشي
وقبل نحو أسبوعين من اليوم الدولي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية، صادف الـ 24 من نوفمبر 2023، الذكرى السنوية الأولى للحريق المميت في أورومتشي في منطقة الإيغور، أو شينجيانغ باللغة الصينية، والذي أثار موجات من الاحتجاجات في جميع أنحاء الصين، والتي سُميت فيما بعد بحركة الكتاب الأبيض.
وكانت الاحتجاجات التي اندلعت في الصين في أعقاب حريق أورومتشي غير مسبوقة، وأدت الحركة إلى إنهاء عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا في جميع أنحاء الصين.
أوكرانيا وروسيا
وفي ظل الحرب الروسية – الأوكرانية المستمرة منذ فبراير 2022، ارتكبت قوات الغزو الروسي، جرائم إبادة بحق الشعب الأوكراني، ما دفع مجلس أوروبا خلال شهر أبريل الماضي، إلى اعتبار في قرار اعتمدته جمعيته البرلمانية أن نقل روسيا عنوة أطفالا أوكرانيين يرقى إلى مستوى “إبادة جماعية”.
ودعا المجلس إلى إعادة الأطفال بأمان إلى أوكرانيا مشددا على أن “الأدلة الموثقة لهذه الممارسات ينطبق عليها التعريف الدولي لجريمة الإبادة الجماعية”.
وحينها، قال الرئيس الأوكراني فولودمير زيلينسكي إن: “ترحيل أطفال أوكرانيين يشكل أحد عناصر محاولة روسيا محو هوية شعبنا والقضاء على روح الشعب الأوكراني”.
تحذيرات من إبادة جماعية في غزة
وفي أعقاب اندلاع المواجهات بين حماس وإسرائيل، منذ هجوم الـ 7 من أكتوبر، واستمرار الحرب ودخولها في شهرها الثالث، حذر الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية في أكتوبر الماضي، من أن الاجتياح البري لإسرائيل قد يفضي إلى “إبادة جماعية غير مسبوقة”.
وطالب حينها بيان مشترك صدر عقب اجتماع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي “بوقف فوري للأعمال العسكرية في غزة“.
يأتي هذا فيما شدّدت الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وفقا للقانون الدولي في مواجهة هجمات عنيفة وعشوائية” لحركة حماس، وذلك في بيان مشترك نُشر الأحد.