الكرملين يأمر بنقل السفن الروسية بعيداً عن مناطق الاستهداف
بعد نحو عقد من احتلالها شبه جزيرة القرم الأوكرانية، تواجه موسكو خطر فقدان ذلك المركز البحري الرئيسي، في ظل تصعيد أوكرانيا لهجماتها على المنطقة، بحسب موقع وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية.
وذكر التقرير أن الكرملين أمر بنقل السفن الروسية بعيدًا عن مناطق الاستهدافات في القرم. وفي هذا الصدد قال مدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتقنيات في موسكو، رسلان بوخوف: “لم يعد أي ميناء في القرم آمنًا للسفن الحربية الروسية”.
وتابع: “قامت أوكرانيا بطرد الأسطول من شبه جزيرة القرم”.
وإجمالاً، فقدت روسيا ما لا يقل عن 20 سفينة، بما في ذلك سفن حربية وغواصة وزوارق إنزال، منذ أمر بوتين بغزو واسع النطاق لأوكرانيا في فبراير 2022، وذلك وفقًا للقوات المسلحة الأوكرانية وتقييمات مستقلة من منفذ الاستخبارات مفتوح المصدر “أوريكس” (Oryx).
ووفقا لخبراء، فإن الهجمات على أسطول الكرملين في البحر الأسود، زادت الضغط على الدفاعات الروسية في شبه الجزيرة، وكذلك على خطوط الإمداد لقواتها في جنوب أوكرانيا المحتلة، لافتين في الوقت نفسه إلى أنه من المرجح أن يكون لها تأثير “محدود” على التطورات في ساحة المعركة، مع وصول القتال على الأرض إلى طريق مسدود إلى حد كبير، وفق بلومبيرغ.
ومع ذلك، فإن نجاح أوكرانيا في البحر جدير بالملاحظة، لأنها تفتقر إلى سفنها الحربية الخاصة، وبدلاً من ذلك، فهي تتحدى التفوق البحري الروسي باستخدام الصواريخ والدرونز.
وساعدت إمدادات صواريخ كروز البريطانية “ستورم شادو”، وصواريخ كروز “سكالب” الفرنسية، أوكرانيا على ترجيح كفة الميزان لصالحها، مما مكنها من تجاوز الدفاعات الجوية خلال توجيه ضربات دقيقة على أهداف روسية.
وأثبتت الضربات فعاليتها لدرجة أنها ساعدت أوكرانيا على كسر جهود الكرملين لمنع صادراتها من الحبوب عبر البحر الأسود، بعد أن تخلت موسكو في يوليو عن اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا، والذي يضمن المرور الآمن للسفن.
وقامت أوكرانيا بشحن 10 ملايين طن من السلع، معظمها من الحبوب، عبر الممر منذ أغسطس.
وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في 24 أكتوبر الماضي، إن الأسطول الروسي “لم يعد قادرًا على العمل في الجزء الغربي من البحر الأسود”، واصفًا ذلك بأنه “إنجاز تاريخي” لبلاده.
ورغم أن القوات الأوكرانية لم تتمكن بعد من فرض سيطرتها الكاملة على شبه جزيرة القرم ومياهها، بيد أن زيلينسكي أكد أنها “مجرد مسألة وقت”.
وكان إغراق الطراد الصاروخي الروسي “موسكوفا” في أبريل من العام الماضي، هو الضربة الأقوى للأسطول الروسي، لكن موسكو زعمت وقتها أن سفينتها الشهيرة غرقت بسبب “عاصفة”، وذلك رغم أن مقاطع الفيديو المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي تناقض هذا التفسير.
وتعرض جسر مضيق كيرتش الذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم، ويستخدم لإعادة إمداد القوات الروسية، للهجوم مرتين، في يوليو وأكتوبر من العام الماضي.
وفي سبتمبر الماضي، ضربت أوكرانيا حوض بناء السفن الآخر على الساحل الغربي لشبه جزيرة القرم، مما أدى إلى إصابة سفينتين تابعتين للبحرية.
وأطلقت صواريخ كروز على مقر أسطول البحر الأسود الروسي في سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم في سبتمبر، مما تسبب في أضرار جسيمة، ودفع روسيا إلى نقل السفن إلى موانئ أخرى، بما في ذلك فيودوسيا ونوفوروسيسك.
ولم تغب أهمية ضربة فيودوسيا عن الكرملين، الذي أفاد في غضون ساعات أن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أبلغ بوتين بالأضرار التي لحقت بسفينة إنزال.
وجاء الهجوم بعد يوم من حضور بوتين حفل رفع العلم في سانت بطرسبرغ لثلاث سفن عسكرية جديدة، كجزء من برنامج لبناء السفن قال إنه يهدف إلى “تحسين القوة البحرية الروسية بشكل أساسي في جميع المجالات الاستراتيجية”.
وبعد الهجوم الذي وقع، الثلاثاء، في فيودوسيا، أصبح الأسطول الآن يعتمد بشكل أساسي على ميناء نوفوروسيسك. ومع ذلك، يذكر أن الطائرات بدون طيار التابعة للبحرية الأوكرانية نجحت في تدمير سفينة إنزال كبيرة هناك في أغسطس.
وكان سلاح الجو الأوكراني، قد أعلن فجر الثلاثاء، أنه دمر سفينة حربية روسية في البحر الأسود، يشتبه أنها كانت محملة بطائرات مسيرة إيرانية الصنع تستخدمها موسكو في حربها ضد كييف.
وقال سلاح الجو في منشور على تطبيق “تليغرام”، إن “سفينة الإنزال نوفوتشركاسك دمرت على أيدي طياري القوات الجوية”.
ومن المتوقع أن تستغرق الخطط الروسية لبناء قاعدة بحرية جنوبًا على طول ساحل البحر الأسود في منطقة أبخازيا الانفصالية المدعومة من الكرملين في جورجيا، عدة سنوات.
وأثبت الأسطول الروسي أنه “ضعيف” في شبه جزيرة القرم، على الرغم من الإنفاق واسع النطاق لتعزيز الدفاعات في شبه الجزيرة، وفق بلومبيرغ.
قال شويغو بعد فترة وجيزة من ضم روسيا للقرم عام 2014، إن بلاده “ستستثمر 86 مليار روبل (أكثر من 2.4 مليار دولار في ذلك الوقت) حتى عام 2020، على وحدات دفاع جوي وبحرية جديدة”.
ووجهت قناة “رايبار” العسكرية الموالية لروسيا على تطبيق تليغرام، التي تضم 1.2 مليون مشترك، غضبها إلى القيادة البحرية الروسية بسبب الخسارة الأخيرة، مشيرة بأصابع الاتهام إلى “إهمال أسطول البحر الأسود”.
ولم تؤكد كييف أو لندن استخدام صاروخ ستورم شادو في الهجوم الأخير الذي دمر سفينة الإنزال الكبيرة نوفوتشركاسك، الثلاثاء الماضي، وذلك على الرغم من ترحيب وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس بالضربة الأوكرانية.
وقال شابس على منصة إكس: “إن هيمنة روسيا في البحر الأسود تواجه الآن تحديًا”، مردفا: “هذا التدمير الأخير لبحرية بوتين يظهر أن أولئك الذين يعتقدون أن هناك جموداً في الحرب الأوكرانية مخطئون!”.