تصاعد الغضب في إيران بعد جلد ناشطة في “عيد الأم”
نفذت السلطات الإيرانية عقوبة “74 جلدة” بحق الناشطة المدنية رؤيا حشتمي؛ في “عيد الأم”، والذي صادف الاحتفال به في طهران في الثالث من يناير الجاري، بسبب رفضها ارتداء الحجاب الإجباري.
وقالت الناشطة -بحسب ما ذكرته إيران إنترناشيونال– إنها تعرضت أيضًا لمضايقات من قٍبل الضباط، الذين طالبوها خلال إجراءات “تنفيذ عقوبة الجلد” بارتداء الحجاب، لكنها رفضت، وأوضحت لهم أنها تُعاقب أساسًا من أجل هذا الأمر الذي لا تنصاع إليه.
وذكرت “حشتمي” أن القاضي، الذي أصدر الحكم بحقها، قال لها إنها تستطيع مغادرة إيران لو أرادت العيش بالطريقة التي تريدها هي، مضيفة أنها ردت عليه بالقول: إن إيران هي بلد للجميع، وإن النساء الرافضات للحجاب الإجباري سيستمررن في مقاومتهن ضد إجراءات السلطة.
غضب واسع
وشهدت إيران حالة كبيرة من الغضب في أعقاب العقوبة، التي أكد القضاء الإيراني تنفيذها بالجلد. وذكرت وكالة “ميزان”، التابعة للسلطة القضائية، أن هذه الإجراءات تم تنفيذها وفقاً للقانون. وردّ الإيرانيون بغضب كبير، معبّرين عنه عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
من انحيتها، احتجت الناشطة زهرا رهنورد، بأشد العبارات على تنفيذ الحكم، وقالت “إنها بمقاومتها وضميرها الحي تسخر منكم، أكره طريقتكم في إدارة البلاد” حسبما أورد موقع “كلمة” الإصلاحي. وتقيم رهنورد تحت الإقامة الجبرية مع زوجها مير حسين موسوي منذ نحو 13 عاماً.
وقالت رئيسة جبهة الإصلاحات، الناشطة آذر منصوري: “لا يمكن أن تكون مسلماً وتلتزم الصمت على جلد رؤيا حشمتي”. وأضافت: “هذا الإصرار على تقديم صورة مشوهة للدين، الذي رسالته الأساسية الدفاع عن كرامة الإنسان، مثير للحيرة”.
كما كتب عالم الاجتماع الإيراني محمد فضلي على منصة “إكس”: “تجلدون في عيد الأم وتنسبونه للقانون؟ القانون من أجل صون كرامة الإنسان، لكي يعيشوا في سلام وهدوء، وليس تألم القلوب بسبب سماع خبر جلد امرأة مواطنة.
“ليست أنا”
وذكرت صحيفة “شرق” أن حشمتي اعتُقلت في أبريل (نيسان) الماضي بعدما نشرت صورة لها دون حجاب، الذي هو إلزامي للنساء في إيران، حسبما أوردت “وكالة الأنباء الألمانية”.
وجرى بعد ذلك توجيه عديد من التهم القانونية لها. وقال محاميها مازيار طاطايي للصحيفة، إن المرأة نجحت في الاستئناف ضد حكم بسجنها أكثر من 13 عاماً. ومع ذلك، ظلت عقوبة الجلد في الجرائم الأخلاقية قائمة.
وانتشرت صور تظهر آثار التعذيب على جسم امرأة مغطاة الوجه. وفي وقت لاحق، كتبت حشمتي عبر حسابها في “فيسبوك” قبل إغلاقه، إن الصور المزعومة ليست لها.
وقالت: “أردت التأكيد أنني لا أنشر أي صورة من جسمي، وأرجح وسائل أخرى لرواية ما جرى”. مضيفة: “ضربات السوط لم تكن قوية لحد تسبب هذه الجروح”.
وأعلنت حشمتي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي الحكم الصادر ضدها، وفي 3 يناير، كتبت حشمتي أنها مثلت أمام السلطات مع محاميها بعد استدعاء لها.
وأضاف طاطايي، محامي حشمتي، أن المحكمة أصدرت حكماً بسجنها 13 عاماً و9 أشهر، ودفع غرامة مالية و148 جلدة، لكن محكمة الاستئناف أبقت على الغرامة المالية وحكمت بـ74 جلدة.
ووصفت المكان الذي تم جلدها فيه بأنه “غرفة تعذيب من العصور الوسطى”.
وقال محامي حشمتي لشبكة “شرق” الإيرانية إن موكلته اعتُقلت بعد نشر صورة من دون حجاب، وجرى ضبط جوالها والكومبيوتر المحمول. مضيفاً أنها “واجهت تهمة الدعاية ضد النظام، وكذلك الخروج إلى الشارع من دون حجاب، والإضرار بالعفة العامة، وإنتاج محتوى مبتذل، وتشجيع الناس على الفساد”.
يشار إلى أنه قبل أكثر من عام، اجتاحت إيران احتجاجات حاشدة بعد وفاة مهسا أميني، وهي شابة كردية، بعد أن اعتقلتها شرطة الأخلاق بزعم ارتداء حجاب غير مناسب.
ودخلت مهسا أميني في غيبوبة وماتت على أثرها. وأثارت وفاتها العام الماضي أخطر الاحتجاجات في إيران منذ عقود، التي قمعتها السلطات بعنف. ومنذ ذلك الحين، شوهد عدد متزايد من النساء الإيرانيات في الأماكن العامة من دون ارتداء الحجاب أو الالتزام بالقواعد ضد الملابس التي تعد ضيّقة جداً أو كاشفة بأي شكل من الأشكال.