هل يتمتع ترامب فعلا بالحصانة من الملاحقة؟
تمسك الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بحجة الحصانة القانونية على أفعاله خلال توليه الرئاسة، وذلك في جلسة محكمة الاستئناف في واشنطن، والمتعلقة بتهم التآمر لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020، حيث دفع بوجوب منحه حصانة من الملاحقة القضائية.
وقال ترامب: “أشعر أنه كرئيس، يجب أن تتمتع بالحصانة، بكل بساطة”، مشددا على أنه “لا يمكن أن يكون لديك رئيس دون حصانة. وعليك كرئيس، أن تكون قادرا على القيام بعملك”.
ولأكثر من ساعة، دخل ثلاثة قضاة في محكمة الاستئناف الأمريكية بدائرة العاصمة في جدال مع محامي ترامب بشأن مزاعمه بالحق في الحصانة من الملاحقة الفيدرالية.
وقال، دين جون سوير، محامي ترامب أمام اللجنة، إن “السماح بمحاكمة رئيس على أفعاله الرسمية سيفتح صندوق باندورا لن تتعافى منه هذه الأمة أبدا”.
لكن القاضية، فلورنس بان، قاطعت محامي ترامب لتسأله: “من وجهة نظرك، هل يستطيع الرئيس بيع العفو أو بيع الأسرار العسكرية؟ هذه أفعال رسمية”.
وأضافت “هل يمكن لرئيس أن يأمر فريق SEAL 6 باغتيال منافس سياسي وعدم اتهامه بارتكاب جريمة؟”.
هل الرئيس محصن من المسؤولية المدنية؟
يتمتع الرئيس الأمريكي بالحصانة من المسؤولية المدنية في الدعاوى الناشئة عن الإجراءات المتعلقة بالواجبات الرسمية. وهذا يشمل جميع الأفعال الواقعة في ما يعرف بـ “المحيط الخارجي” لتلك الواجبات. ومع ذلك، فإن الرئيس ليس في مأمن من الإجراءات الناشئة عن سلوك غير رسمي.
هل الرؤساء السابقون محصنون من المسؤولية؟
ولم تبت المحاكم بعد في ما إذا كانت الحصانة تمتد إلى الرؤساء السابقين بسبب الإجراءات التي اتخذوها في “المحيط الخارجي” لسلوكهم الرسمي أثناء وجودهم في مناصبهم.
ومع ذلك، كما هو الحال مع الرئيس الحالي، لن يكون الرئيس السابق محصنا من الإجراءات الناشئة عن السلوك غير الرسمي أثناء وجوده في منصبه، والسلوك الذي يحدث قبل دخول المنصب والسلوك الذي يحدث بعد ترك المنصب.
ماذا تشمل الحصانة الرئاسية؟
تشمل الحصانة الرئاسية الإجراءات المتعلقة بالواجبات الرسمية للرئيس، بما في ذلك تلك الموجودة في “المحيط الخارجي” لتلك الواجبات. ولا تمتد الحصانة إلى السلوك غير الرسمي، والسلوك الإجرامي، والسلوك الذي يحدث قبل تولي المنصب.
من أين جاءت فكرة حصانة الرئيس؟
ولم تقض المحكمة العليا بأن الرئيس الأمريكي يتمتع بالحصانة من الملاحقة الجنائية، لكن وزارة العدل هي التي تقول ذلك.
ولأن وزارة العدل هي مرجعية جميع المدعين الفيدراليين، فهذا يعني أنه لا يمكن لأي مدع عام فيدرالي، بما في ذلك المستشار الخاص الجديد التحقيق مع الرئيس حالي.
ويعتقد مكتب المستشار القانوني في وزارة العدل أن توجيه الاتهام الجنائي والملاحقة القضائية، وبالطبع العقوبة، من شأنه أن يعيق الرئاسة.
كما أنه من غير الدستوري إعاقة الرئيس الحالي، وأن الوسيلة الوحيدة التي يمكنك من خلالها، قانونيا، إعاقة الرئيس هي عزل الرئيس من خلال الكونغرس، أو استخدام التعديل الـ25، الذي يهمش الرئيس في حال كان عاجزا عن أداء مهامه.
ويرى مكتب المستشار القانوني في وزارة العدل أنه لا يجب أن يكون المدعي العام للولاية، أو حتى المدعي العام الفيدرالي قادرا على محاكمة الرئيس ووضعه في السجن في النهاية، لأن الدستور لن يسمح للمدعي العام المحلي أو الفيدرالي بإعاقة الرئيس.
ويستند ادعاء مكتب المستشار القانوني إلى حدس بنيوي من نفس النوع الذي دفع المحكمة العليا إلى استنتاج مفاده أنه لا يمكن مقاضاة الرئيس مدنيا بسبب أفعاله الرسمية.
ويعتقد مكتب المستشار القانوني أنه إذا تعرض الرئيس لملاحقات قانونية سيكون مشتتا، ولن يكون قادرا على العمل، وقد يغير سياسات مختلفة من أجل محاولة كسب تأييد الجمهور بطريقة ما.
لذلك، خلصت وزارة العدل، بناء على بعض البديهيات الهيكلية، وبعض الاستقراء من سوابق المحكمة العليا، إلى أنه لا ينبغي توجيه الاتهام للرئيس أثناء وجوده في منصبه، ناهيك عن محاكمته أو معاقبته أثناء وجوده في منصبه.
“الحق الإلهي”
ويقول المحامون أيضا إنه لا يمكن محاكمة ترامب لمحاولته عكس نتائج الانتخابات، وذلك بسبب تبرئته خلال إجراءات المساءلة البرلمانية التي كانت تستهدفه بشأن الهجوم على مبنى الكابيتول في السادس من يناير 2021.
ورفضت القاضية التي تنظر محاكمته الفيدرالية، تانيا تشوتكان، طلبا لتأكيد الحصانة مطلع ديسمبر، معتبرة أنه لا وجود لنص يحمي رئيسا سابقا من ملاحقات جنائية.
وأشارت في قرارها إلى أن السابقة القضائية لنيكسون لا تطبق على ملاحقات جنائية لرئيس سابق، وأن إجراءات العزل لا تشكل محاكمة جنائية.
وقالت: “إن السنوات الأربع التي قضاها المدعى عليه كرئيس (ترامب) لم تمنحه الحق الإلهي الممنوح للملوك في الهروب من المسؤولية الجنائية التي يخضع لها مواطنوه”.