تقرير يحذّر من أن الحوثيين قد يقدموا على استهداف كابلات الاتصال والإنترنت البحرية
مع استمرار التصعيد في البحر الأحمر جراء الهجمات الحوثية على السفن البحرية من جهة، والضربات الأمريكية البريطانية للحد من قدرات هذه الجماعة المدعومة إيرانياً من جهة أخرى، يرتفع منسوب القلق حيال إمكانية أن يقدم الحوثيون على تعديل استراتيجيتهم وتصويب أسلحتهم نحو هدف آخر، ربما أكثر أهمية من السفن التجارية: شبكة كابلات الاتصالات تحت البحر.
تخوّف تقرير أعدّه منتدى الخليج الدولي من أن يتمكن الحوثيون على تطوير بعض التكتيكات البحرية لاستهداف البنية التحتية الحيوية للاتصالات.
وقال التقرير: مياه الخليج الضحلة – التي يصل عمقها إلى 100 متر فقط – تقلل من الحاجة إلى غواصات عالية التقنية لإنجاز المهمة.
وأضاف: يمكن للحوثيين، الذين خضعوا لتدريب الغواصين القتاليين، استخدام طريقة لا تتطلب معدات أو تدريباً خاصاً لتنفيذ الهجوم، خصوصاً أن لديهم ترسانة من الألغام البحرية التي يمكنهم من خلالها إتلاف الكابلات.
اليمن في موقع استراتيجي
في 24 ديسمبر/كانون الأول 2023، نشرت قناة تليغرام مرتبطة بالحوثيين خريطة توضح شبكات كابلات الاتصالات البحرية في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر وبحر العرب والخليج العربي. وأرفقت الصورة برسالة مشؤومة: “هذه خرائط للكابلات الدولية التي تربط جميع مناطق العالم عبر البحر. ويبدو أن اليمن في موقع استراتيجي، حيث تمر بالقرب منه خطوط الإنترنت التي تربط قارات بأكملها – وليس الدول فقط”.
وعلى تطبيق تليغرام أيضاً، أصدر كل من حزب الله اللبناني والميليشيات المدعومة من إيران في العراق بياناتهم الخاصة التي تشير إلى أنهم سيفكرون في قطع الكابلات – وهي خطوة من شأنها أن تمثل تطوراً جديداً في الصراع الإقليمي.
وشدد تقرير منتدى الخليج الدولي على أن شبكة كابلات الاتصالات الحيوية تحت الماء يمكن أن تكون هدفًا سهلاً مثاليًا لهجوم الحوثيين المقبل، معتبراً أنه يجب أن يثير هذا الاحتمال قلق جميع الدول التي تعتمد على هذه البنية التحتية الحيوية، القريبة والبعيدة على حد سواء.
تداعيات تعطل الكابلات
يعتبر العديد من الأشخاص، سواء في الشرق الأوسط أو في جميع أنحاء العالم بشكل عام، أن وسائل الراحة الحديثة التي توفرها الكابلات البحرية أصبحت تحصيل حاصل أو أمرًا مفروغًا منه.
ففي العصر الحالي، تعمل هذه الكابلات كواحدة من أهم البنى التحتية الرقمية في العالم – حيث تخدم أكثر من 95% من تدفقات البيانات والاتصالات الدولية – بما في ذلك ما يقدر بنحو 10 تريليون دولار في المعاملات المالية كل يوم. وحتى الأضرار الجزئية التي لحقت بالكابلات البحرية يمكن أن تؤدي إلى منع الوصول إلى الإنترنت عبر مناطق شاسعة، مما يتسبب في اضطرابات اقتصادية كبيرة لبلدان بأكملها.
في هذا السياق أكّد رولان أبي نجم، الخبير في التحوّل الرقمي، في حديث لـ”أخبار الآن” أن كابلات الإنترنت الموجودة تحت الماء استراتيجية لأنها تربط بين آسيا وأوروبا، قائلاً إن “كل ما يتعلق بها يعتبر حساساً”.
وشدد على أن وجودها ضروري للاقتصادات ولسرعة الانترنت، مشيراً إلى أن الدول التي قد تتأثر في حال تعرضها للضرر هي تلك المطلة على البحر الأحمر، مثل مصر والسعودية والسودان، ودول أفريقية أخرى إضافة إلى دول الخليج العربي.
ولا شك أن إتلاف الكابلات قد يؤدي إلى قطع الاتصالات العسكرية أو الحكومية، فهي الجهاز الوحيد الذي يتمتع بنطاق ترددي كافٍ لاستيعاب terabytes من بيانات أجهزة الاستشعار العسكرية.
وعن هذا الموضوع، أوضح أبي نجم لـ”أخبار الآن” أن الكابلات تنقل حجماً هائلاً من البيانات والداتا وهنا تكمن أهميتها. وقال: بتعطيلها في البحر الأحمر، يكون قد قطع مصدر رئيسي للانترنت عن عدد من الدول.
ورداً على سؤال عما يمكن أن يكون البديل، أشار أبي نجم إلى أن الدول يمكن أن تلجأ إلى مصادر دعم backup للانترنت من خلال الخدمات التي تؤمنها الأقمار الصناعية أو أمثال شركة إيلون ماسك، لكن هذا الأمر يتطلب الكثير من الوقت، فضلاً عن كلفته العالية، والجوانب اللوجستية المرتطبة به كالغطس والعمل تحت الماء.
أما بالنسبة للأفراد، فأكّد أبي نجم أن الشركات والأشخاص سيتأثرون بتضرر الكابلات، وقال: عندما تنتقل الدول الى مصادر بديلة للانترنت، يكون التركيز على المؤسسات العامة والحكومات والمستشفيات وغيرها من المراكز الحيوية، وبالتالي تكون السرعة أقل لدى الأفراد مما قد ينعكس على حياتهم وعملهم.