قصص من زلزال تركيا وسوريا قبل عام
في مثل هذا اليوم من العام الماضي اهتزت الأرض بشدة جنوب شرق تركيا وشمال سوريا في زلزال مُدمر أدى إلى مقتل أكثر من 50 ألف شخص في أسوأ كارثة طبيعية في تاريخ تركيا الحديث، فضلا عن ما يقرب من 6 آلاف قتيل في سوريا.
وطالت آثار الزلزال إحدى عشرة مقاطعة من الأفقر في تركيا ملحقةً أضراراً بـ14 مليون تركي، ما زال عدد كبير منهم في حالة صدمة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
ولإحياء ذكرى مرور عام على أسوأ زلزال شهدته تركيا الحديثة تجمّع أقارب الضحايا بالآلاف الثلاثاء بدت وجوههم متجهّمة، بعضهم حمل صوراً لطفل أو لوالدين أو أحباء قُتلوا في المأساة، أصدقاء وأفراد عائلات مفقودين شاركوا في التجمّع أيضا في وسط مدينة هاتاي.
ساد الصمت، بينما حمل المشاركون في أيديهم غصناً من شجرة الغار الرمزية في أنطاكية الواقعة في محافظة هاتاي المتاخمة لسوريا والتي دمرت بنسبة 90 بالمائة.
عفراء.. قصة أمل
قبل عام، وُلدت عفراء تحت أنقاض منزل دمّره الزلزال في شمال سوريا، وعثر عليها مسعفون موصولة عبر حبل الصرة بوالدتها التي قتلت في الكارثة.
كانت بلدة جنديرس في محافظة حلب من المناطق الأكثر تاثراً بالزلزال. في هذه البلدة الواقعة قرب الحدود التركية، تكمل عفراء الثلاثاء عامها الأول بين أطفال عمتها التي تكفّلت وزوجها بتربيتها.
ويقول زوج عمتها خليل السوادي (35 عاماً)، وهو ابن عمّ والدها أيضا، لوكالة فرانس برس، “لدي سبعة أطفال. مع عفراء أصبحوا ثمانية”، مضيفاً “أسميتها عفراء تيمناً بوالدتها حتى نخلّد اسمها ولا تنسى عائلتها”.
منذ اللحظات الأولى لإنقاذها في بلدة جنديرس والمشاهد التي تم تداولها عنها على نطاق واسع على شبكات التواصل الاجتماعي، أسرت قصة الرضيعة قلوب السوريين وتصدّرت عناوين الصحافة العالمية التي وصفتها بـ”معجزة” الزلزال.
في سوريا، أحصت الحكومة السورية مقتل أكثر من 1400 شخص في الزلزال في مناطق سيطرتها، بينما قتل أكثر من 4500 وأصيب عشرات الآلاف في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في شمال غرب البلاد.
يحمل السوادي عفراء وطفلته التي تكبرها بأيام. ويوضح “ترضع زوجتي عفراء وطفلتنا التي أسميناها عطاء.. أصبحتا كالتوأم”.
منذ اللحظات الأولى لإنقاذها في بلدة جنديرس والمشاهد التي تم تداولها عنها على نطاق واسع على شبكات التواصل الاجتماعي، أسرت قصة الرضيعة قلوب السوريين وتصدّرت عناوين الصحافة العالمية التي وصفتها بـ”معجزة” الزلزال.
في باحة المنزل، تحمل بنات أخريات أكبر سنّا في عائلة السوادي عفراء التي ترتدي سترة شتوية من الفرو، ويغنين لها. وبدأت الطفلة ذات الوجنتين الورديتين والعينين الواسعتين تحبو وتلفظ كلماتها الأولى.
ويقول السوادي بتأثر “عندما بدأت النطق، أصبحت تناديني بابا وتنادي عمتها ماما”. ويتمنى لها في المستقبل “أن تنال أعلى الشهادات” وتعيش بسعادة.
ويشعر الرجل النازح قبل سنوات من شرق سوريا بثقل المسؤولية لتربية عفراء وتعليمها مع أطفاله في منطقة فاقم الزلزال ظروفها المعيشية سوءاً.
وبحسب الأمم المتحدة، تدمّرت منازل أكثر من 265 ألف شخص في شمال غرب سوريا جراء الكارثة. ولم يعد 43 ألفاً إلى منازلهم بعد وغالبيتهم يقيمون حالياً في مراكز إيواء.
نجت ياسمين الشام (10 سنوات) من الزلزال، لكن والدها ووالدتها الحامل وإخوتها الثلاثة قضوا تحت الركام ولم يبق لها إلا جدتها التي تعتني بها.
تقول الطفلة إنها تشتاق لعائلتها، خصوصاً شقيقتها التوأم مال الشام. وتضيف لفرانس برس “كنا نقضي أوقاتنا معاً في الصف ذاته في المدرسة ونلعب معاً”.
وتسبّب الزلزال بمقتل 47 شخصاً، جميعهم أقارب كانوا يقطنون في المبنى ذاته حيث عائلة ياسمين.