دول إفريقية رهينة للفخ الصيني
تطوّق الصين دولا أفريقية بـ”فخ الديون” ضمن سياسة عرفت بها تكبر مثل الفقاعة في حال التخلف عن السداد، ما يستنزف عائدات الضرائب واحتياطيات العملات الأجنبية ويصل إلى رهن سيادة تلك الحكومات.
ومع حلول موعد سداد الديون المستحقة للصين وسائر المقرضين الأفارقة في عام 2024، عبّرت عدة بلدان عن عدم قدرتها على الامتثال للحساب الاقتصادي، ما قد يقوض تقدمها واستقرارها ويخلف عواقب وخيمة على الأمن البشري.
وكشف البنك الدولي عن 9 بلدان أفريقية بدأت هذا العام بالتعثر عن سداد الديون، من بينها إثيوبيا وغانا وزامبيا، وانضمت إليها تشاد بسعيها إلى إعادة هيكلة ديونها، مقابل 15 دولة أخرى معرّضة بشدة لخطر التعثر، و14 بلدا مصنفا على أنها تتعرّض لخطر متوسط.
كما فشلت إثيوبيا في سداد قسط بقيمة 33 مليون دولار، في وقت حاولت السنغال ترتيب بعض احتياجاتها التمويلية لعام 2024 في وقت مبكر، لتجنب المخاطر المحتملة التي يعاني منها معظم المقترضين الأفارقة.
وتعد الصين مقرضا محوريا في أفريقيا، حيث قدمت قروضا تتجاوز 170 مليار دولار أمريكي إلى 49 دولة أفريقية ومؤسسة إقليمية بين عامي 2000 و2022.
وأكد مركز أبحاث معهد الدراسات الأمنية الجنوب أفريقي أنه رغم أن الصين لم تكن السبب الرئيس لأزمة الديون، إلا أن هناك مخاوف بشأن الافتقار إلى الشفافية، والبنود التي تؤثر على الصناعات المحلية، وغياب خيارات إعادة الهيكلة الجماعية في عقود القروض الصينية.
ولعبت القروض الصينية دورا محوريا في تمويل مشاريع البنية التحتية وتحفيز النمو الاقتصادي في العديد من الدول الأفريقية.
ومع ذلك، تشير الاتجاهات الأخيرة إلى انخفاض في هذه القروض بسبب مجموعة من العوامل، بما في ذلك كوفيد-19 والأولويات الصينية.
ويرتبط الإقراض الصيني بما يوصف بـ”فخ الديون”، وقد صاغ هذا المصطلح مركز أبحاث هندي في عام 2017 ليتم تداوله عبر الحكومات الغربية ودوائر الإعلام والاستخبارات.
ويشير المصطلح إلى أن الصين قد تستخدم قروضها لتوريط البلدان الأفريقية بأعباء ديون لا يمكن تحملها، ما قد يؤدي إلى فقدان السيادة.
ورغم أن هذه الادعاءات موضع خلاف شديد وتم دحضها، فإن بعض أنماط الإقراض في الصين تتطلب فحصا دقيقا.
وتعد كينيا مثالا على الخيارات التي على البلدان أن تتخذها إذ ترزح تحت وطأة ديونها، إذ تدين بأكثر من 6 مليارات دولار أمريكي للصين، فقد عدّ الشطر الأكبر من هذا الدين لتمويل السكة الحديد التي أنشأتها شركات صينية بطول 700 كيلومتر بين مومباسا ونيروبي، وكان المصممون الصينيون قد وعدوا في البداية بأن إيرادات السكة الحديد سوف تسدد تكاليف إنشائها، ولكن لم يحدث ذلك، فصارت الحكومة في مأزق لسداد الدين.
واضطرت الحكومة الكينية إلى سداد قرض إنشاء السكة الحديد بعد تدني إيراداتها، وبلغ القسط الأخير لبنك الصين للاستيراد والتصدير 471 مليون دولار أمريكي، ودُفع في بداية السنة المالية الجديدة في كينيا في منتصف عام 2023.
وترتب على ارتفاع معدلات الفائدة أن الفوائد وحدها تجاوزت 160 مليون دولار أمريكي، أي أكثر من ضعف القسط المدفوع في الفترة نفسها من عام 2022 وهو 77.6 مليون دولار أمريكي.
وفي ظل الضغوط المالية التي تعيشها كينيا، فإذا بالرئيس ويليام روتو يطلب من الصين مؤخرًا أن تقرض بلاده مليار دولار أمريكي آخر وإبطاء سداد القروض الحالية.
ويقول متابعون إن القروض المقدمة من الصين تختلف عن القروض المقدمة من المؤسسات الغربية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وتشير تقديرات دراسة جنوب أفريقية إلى أن نصف القروض الصينية في منطقة جنوب الصحراء الكبرى لم يتم الكشف عنها في سجلات الديون السيادية.
ومن الجدير بالذكر أن هذا التعتيم يمتد إلى ما هو أبعد من الإقراض الصيني، حيث تنشأ مخاوف أيضا بشأن قروض القطاع الخاص الغربي.
وخلفت الديون الصينية مشاعر معادية لبكين من سياسيين في دول مثل غانا وزامبيا وزيمبابوي استعملوا الظاهرة للحصول على الدعم الانتخابي.