بعد تأخير دام أكثر من أسبوعين.. إقامة جنازة أليكسي نافالني في موسكو وسط احتشاد الآلاف
أعلنت كندا الأحد عقوبات جديدة على مسؤولين روس بعد وفاة أليكسي نافالني، بسبب “الانتهاكات الجسيمة والمنهجية” لحقوق الإنسان التي ترتكبها روسيا.
وتستهدف هذه المجموعة الجديدة من العقوبات الكندية ستة من كبار الموظفين في دوائر النيابة الجنائية والقضاء والإصلاحيات.
وقالت أوتاوا في بيان إن هؤلاء المسؤولين “شاركوا في انتهاك حقوق نافالني ومعاقبته القاسية وفي النهاية وفاته”.
وأعلنت وزيرة الخارجية ميلاني جولي أن “كندا ستواصل مع شركائها الضغط على الحكومة الروسية لإجراء تحقيق كامل وشفاف في وفاة نافالني”.
وبعد وفاة نافالني، المعارض الشرس لفلاديمير بوتين، استدعت حكومة جاستن ترودو السفير الروسي في كندا “للمطالبة بإجراء تحقيق كامل وشفاف” في وفاته.
جنازة نافالني
توافد الآلاف من أنصار المعارض الروسي أليكسي نافالني للمشاركة في جنازته التي تُقام في كنيسة في موسكو، على الرغم من خطر توقيفهم في ظلّ تحذيرات الكرملين.
وأفاد مراسلو وكالة فرانس برس بأنّ السيارة التي تنقل نعش المعارض الرئيسي لفلاديمير بوتين وصلت إلى الكنيسة حوالى الساعة 13,50 بالتوقيت المحلي.
في هذه الأثناء، حذّر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف من أيّ تظاهرات “غير مرخّصة” خلال الجنازة. وقال خلال مؤتمره الصحافي اليومي إنّ ليس لديه “ما يقوله” لأسرة نافالني.
وعلى الرغم من ذلك، تشكّل طابور طويل يضمّ آلاف الأشخاص أمام الكنيسة التي ستُقام فيها المراسم، في ظلّ مراقبة مشدّدة من الشرطة.
وانتشر العشرات من أفراد الشرطة في المنطقة، فيما حدّدت السلطات الطريق المؤدي من الكنيسة إلى المقبرة بحواجز معدنية.
وقالت آنا ستيبانوفا “إنّه أمر مؤلم، أناس مثله لا ينبغي أن يموتوا، أصحاب مبادئ، مستعّدون للتضحية بأنفسهم”، مشيرة في الوقت ذاته إلى “روح الدعابة” التي كان يتمتّع بها نافالني. وقالت “حتى أثناء شعوره بالألم، كان يلقي نكاتاً”.
وكان أليكسي نافالني (47 عاماً)، المعارض البارز للكرملين والناشط في مجال مكافحة الفساد، قد توفي في 16 شباط/فبراير في سجن في دائرة القطب الشمالي النائية في ظروف لا تزال غامضة. واتهم معاونوه وأرملته يوليا نافالنايا والغرب، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمسؤولية عن وفاته، وهو ما ينفيه الكرملين.
وبعد تأخير دام أكثر من أسبوعين، سلّمت السلطات الروسية رفاته أخيراً في نهاية الأسبوع الماضي لأقاربه وسمحت بإقامة الجنازة.
“خوف وحزن”
حضر السفيران الفرنسي والألماني إلى مكان الجنازة، بالإضافة إلى ثلاث شخصيات معارِضة لا تزال طليقة، وهي إيفغيني رويزمان وبوريس نادجدين وإيكاترينا دونتسوفا.
ومن بين الأشخاص الذين احتشدوا أمام الكنيسة، كان هناك من حمل زهوراً بينما بكى آخرون.
وقالت أمينة مكتبة تدعى ماريا وتبلغ من العمر 55 عاما “لم يعد لدينا أي سياسيين آخرين مثله”، مضيفة بأنها تشعر “بالخوف والحزن”.
وقال ماكسيم، وهو اختصاصي في تكنولوجيا المعلومات يبلغ من العمر 43 عاماً “لا أرى أي أمر غير قانوني بالقدوم لوداع رجل عظيم”.
من جهته، أشاد دينيس (26 عاماً) برجل دفعه إلى “الاهتمام بالسياسة” في ظل نظام استبدادي بشكل متزايد، حيث لا يهتم الشباب عموماً بالقضايا السياسية.
وتماشياً مع الطقوس الأرثوذكسية، سيُسجّى جثمان نافالني في نعش مفتوح أمام أقاربه.
ومن المقرر أن يوارى الثرى بعد ساعتين في مقبرة بوريسوفو، الواقعة على بعد مسافة قصيرة عن ضفاف نهر موسكفا.
ومنذ تسليم جثمان أليكسي نافالني إلى والدته السبت، كان فريقه يبحث عن مكان لتنظيم “وداع عام” لكن “تمّ رفض” أيّ طلب، ما دفعه إلى اتهام السلطات بالضغط على المعنيّين في هذا المجال.
“استهتار بذكراه”
مع ذلك، دعا فريق نافالني سكان موسكو للحضور وتوديعه، كما دعا أنصاره في مدن أخرى وفي الخارج إلى التجمّع أمام النُصب التذكارية لتكريمه. وتشكّل هذه التجمّعات مصدر إزعاج للسلطة، لاسيما أنّها تأتي قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية المقرّرة من 15 إلى 17 آذار/مارس، والتي من المفترض أن تمدّد عهد الرئيس فلاديمير بوتين.
ومنذ وفاة نافالني، اعتقلت السلطات 400 شخص شاركوا في تجمّعات لتكريم ذكراه، بحسب ما تفيد منظمة “أو في دي-إنفو”.
من جهتها، أعربت أرملته يوليا نافالنايا الأربعاء، عن أسفها لعدم السماح بإقامة مراسم مدنية بهدف كشف جثمان زوجها أمام جمهور أوسع، كما هو الحال غالباً بعد وفاة شخصيات كبيرة في روسيا.
واتهمت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين بالمسؤولية عن هذا الوضع. وقالت “لقد قتله الأشخاص في الكرملين، ثم استهتروا بجثّته، واستهتروا بوالدته، والآن يستهترون بذكراه”.
قبل تسميمه في العام 2020 الذي ألقى باللوم فيه على فلاديمير بوتين، واعتقاله والحكم عليه بالسجن 19 عاماً بتهمة “التطرف”، تمكّن أليكسي نافالني من حشد عدد كبير من المناصرين، خصوصاً في العاصمة الروسية.
ولكن تمّ تفكيك حركته التي بُنيت على تحقيقات تدين فساد النخب الروسية بشكل منهجي في السنوات الأخيرة، ممّا أدى إلى إرسال العديد من مناصريها إلى السجن أو إلى المنفى.
بعد وفاة زوجها، تعهّدت يوليا نافالنايا بمواصلة كفاحها.