يعدّ “الثلاثاء الكبير” محطة فاصلة في السباق على الترشيح الرئاسي
على الرغم من التوقعات التي تحدثت عن حصول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، على انتصارات متتالية في انتخابات “الثلاثاء الكبير” وحصول الرئيس جو بايدن، على ترشيح مؤكد من الحزب الديمقراطي لخوض سباق الرئاسة، فإن أحداث اليوم شهدت الكثير من الإثارة والتشويق في 15 ولاية أمريكية، وسط سباق ساخن بين المرشحين للفوز بأكبر عدد من المندوبين.
وحتى فجر الأربعاء، استمرت عمليات فرز الأصوات في ولايات: ألاباما، وألاسكا، وأركنساس، وكاليفورنيا، وكولورادو، ومين، وماساتشوستس، ومينيسوتا، وشمال كارولينا، وأوكلاهوما، وتينيسي، وتكساس، ويوتا، وفيرمونت، وفرجينيا، وفي إقليم ساموا الأمريكي.
ويقترب ترامب بخطى متسارعة من ضمان ترشيح الحزب الجمهوري مع هيمنته وقبضته القوية على قاعدة عريضة من المناصرين والناخبين المؤيدين له. وقد اكتسح ترامب جميع المنافسات التمهيدية التسع في تقويم الحزب الجمهوري، باستثناء فوز واحد لمنافسته نيكي هيلي في العاصمة واشنطن.
ومع إجراء الانتخابات التمهيدية في ولايات جورجيا وفلوريدا والينوي وأوهايو في 12 مارس (آذار) و19 مارس، فمن المتوقع أن يصل ترامب إلى العدد السحري 1215 مندوباً، وهو العدد الذي يضمن له الفوز بترشيح الحزب بحلول التاسع عشر من مارس الجاري.
ما هو “الثلاثاء الكبير”؟
ويعدّ “الثلاثاء الكبير” الذي يشهد انتخابات في 15 ولاية ومنطقة واحدة، محطة فاصلة في السباق على الترشيح الرئاسي. ويصادف غالبا في شهر مارس، وأحيانا في فبراير. ولأنه يحل مبكرا في الانتخابات التمهيدية، بعد الولايات المخصصة للتصويت المبكر، مثل أيوا ونيو هامشير، فإن توقيته يعتمد على توقيت تلك الولايات.
وتتصف نتائج تصويت “الثلاثاء الكبير” بأهمية بالغة، لأنها تحدد حظوظ كل مرشح والزخم الذي سيكتسبه في مساعيه للحصول على ترشيح حزبه لخوض الانتخابات الرئاسية.
وتأسس “الثلاثاء الكبير”، بصيغته الحالية، في عام 1988، عندما قررت 16 ولاية جنوبية إجراء انتخاباتها التمهيدية في مارس بدلا من وقت لاحق من عام الانتخابات، في محاولة لكسب تأثير أكبر في اختيار المرشحين الرئاسيين.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال عالم الفيزياء آندرو باغل في مركز اقتراع في هانتغتن بيتش في كاليفورنيا إن هايلي صاحبة “قضية خاسرة”.
وأضاف “اليوم هو يومها الأخير”، لكنه لفت إلى أنها ستكون خطوة ذكية من ترامب أن يجعلها نائبة له و”توحيد البلاد أكثر”.
يأتي الثلاثاء الكبير غداة رد المحكمة العليا طلبات عدد من الولايات لشطب ترامب من قائمة المرشحين للانتخابات التمهيدية على خلفية رفضه نتائج انتخابات 2020 التي خسرها أمام جو بايدن، وهو ما أدى لاقتحام مناصرين له مقر الكونغرس.
وقال ترامب لمناصريه خلال تجمّع حاشد في ريتشموند في فيرجينيا خلال نهاية الأسبوع “كنّا مثل الصاروخ نوعًا ما، انطلقنا مثل الصاروخ، إلى (نيل) ترشيح الحزب الجمهوري”، مشيدًا بانتصاراته في أيوا ونيوهامبشر ونيفادا وساوث كارولينا.
لكنّه أوضح أنّه ينظر إلى أبعد من الانتخابات التمهيدية، ويضع نصب عينيه الانتخابات الرئاسية المقررة في الخريف. وقال للحشد “إنّ أكبر يوم في تاريخ بلادنا هو الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر”.
وعلى رغم تخلّفها بفارق كبير عن ترامب منذ بداية الانتخابات التمهيدية، تعهّدت هايلي البقاء في المنافسة، على الأقل حتى يقول الناخبون كلمتهم في “الثلاثاء الكبير”.
وألمحت حملة هايلي إلى إمكان تخلي جمهوريين عن ترامب بحلول تشرين الثاني/نوفمبر.
وقال جون كامبل (70 عاما) لوكالة فرانس برس في مركز اقتراع في كوينسي بولاية ماساتشوستس “بايدن عجوز وترامب مجنون بعض الشيء”. لكنه لفت إلى أن هايلي “تبدو طبيعية إلى حد ما”.
ويخوض الرئيس جو بايدن الذي تشير استطلاعات الرأي إلى أنّه يتخلّف عن ترامب في معظم الولايات المتأرجحة، منافسته التمهيدية الخاصة في الحزب الديموقراطي، لكنّ حسم ترشحه لولاية رئاسية ثانية يُعتبر إجراء شكليًا.
وتشمل قائمة المنافسة الثلاثاء ولايتي كاليفورنيا وتكساس اللتين ستسمحان للمرشّح الفائز بالحصول على 70 في المئة من المندوبين الذين يحتاج إليهم لنيل ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية.
ولا يستطيع ترامب إنهاء المنافسة حسابيًا ليلة الثلاثاء، لكنّه يتوقّع أن يتم حسم تسميته بحلول 19 آذار/مارس على أبعد تقدير، وفقًا لحملته.
جمهوريون ما بعد ترامب
بدورها، دأبت هايلي على تقديم الحجج بقدرتها على الفوز في الانتخابات، مؤكدة أن الناخبين رفضوا “الترامبية” في كل عملية اقتراع أجريت بعد الانتخابات الرئاسية 2016، وسيفعلون ذلك مرة أخرى في تشرين الثاني/نوفمبر 2024.
كذلك، حذّرت من “الفوضى” المحيطة بمرشّح أُدين بتهمتي الاعتداء الجنسي والاحتيال التجاري وفرضت عليه غرامات بمئات ملايين الدولارات.
ويواجه ترامب الذي ينفي ارتكاب أي مخالفات، احتمال السجن بسبب تهم جنائية فدرالية وتهم على مستوى الولايات، معظمها يتعلّق بمحاولته الغش أو قلب نتيجة الانتخابات في 2016 و2020.
وأمضى ترامب (77 عامًا) تسعة أيام أمام المحكمة خلال هذه السنة، بينما يشكو من أنّ محاكماته تمنعه من المشاركة في الحملة الانتخابية، رغم أنّ ظهوره أمام المحكمة كان طوعيًا في معظم الوقت، واستخدمه كجزء من مناشداته لجمع التبرّعات.
وبينما ينشغل ترامب بنشاطات حملته، ومنها إلقاء خطاب تلفزيوني الثلاثاء من ناديه على شاطئ في جنوب فلوريدا، ينكب محاموه على إعداد مرافعاتهم الخاصة بمحاكمته في 25 آذار/مارس في نيويورك بتهمة مخالفات تمويل الحملة الانتخابية للعام 2016.
وقالت هايلي لمحطة “أن بي سي” الأحد إنّها باتت في حلّ من تعهّدها الجمهوري بالتصويت لمرشح الحزب إلى الانتخابات الرئاسية في حال رسا الترشيح على ترامب، ممّا أثار تكهّنات بشأن احتمال خوضها السباق الرئاسي كمرشحة ثالثة.
كذلك، يثير بايدن الذي يدلي بخطابه السنوي عن حال الاتحاد من أمام الكونغرس الخميس، انقسامات أيضًا بين الديموقراطيين، رغم أنّه من المتوقع أن يتغلّب في الانتخابات التمهيدية على منافسيه دين فيليبس وماريان ويليامسون، وكلاهما من الشخصيات السياسية غير البارزة.
وصوّتت ستيفاني بيريني هيغارتي (55 عاما) لصالح بايدن في مدينة كوينسي في ولاية ماساتشوستس، وقالت في تصريح لوكالو فرانس برس “أعتقد أننا بحاجة إلى قائد غير ضالع في أي فساد، ويهتم بمصالح الشعب. وأعتقد أن الديموقراطيين هم حاليا من يفعلون ذلك”.
وأظهر استطلاع للرأي نشرته نتائجه صحيفة “نيويورك تايمز” السبت تراجع دعم بايدن بين الفئات الانتخابية التي عادة ما كانت أصواتها شبه مضمونة لصالح الديموقراطيين، مثل العمّال والناخبين غير البيض.
ووفق الاستطلاع، قال نحو ثلثي الناخبين الذين دعموا بايدن (81 عامًا)، في العام 2020 إن سنّه أكبر من أن تسمح له بقيادة البلاد بفعالية.