أردوغان في العراق لبحث ملفات المياه والنفط والأمن الإقليمي
في زيارة رسمية هي الأولى له بعد أكثر من عقد، يصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاثنين، إلى بغداد، يناقش خلالها ملفات عدة أبرزها تقاسم المياه وصادرات النفط والأمن الإقليمي.
الرئيس التركي زار العراق للمرة الأخيرة في عام 2011، حين كان رئيسًا للوزراء. وحضّ يومها السلطات العراقية على التعاون مع بلاده في مواجهة عناصر حزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه تركيا وحلفاؤها الغربيون “إرهابيًا”.
وإضافة لزيارته بغداد حيث من المقرر أن يلتقي نظيره عبداللطيف رشيد ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، سيزور الرئيس التركي، أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي منذ عام 1991.
من ناحيته، قال رئيس الوزراء العراقي في تصريحات قبيل الزيارة إن “بغداد وأنقرة لديهما تاريخ ونقاط مشتركة ومصالح وفرص، وأيضا أمامهما مشاكل: المياه والأمن سيكونان في مقدمة هذه المواضيع المطروحة” على جدول أعمال الزيارة.
وأضاف خلال ندوة في “المجلس الأطلنطي” (Atlantic Council) للأبحاث على هامش زيارته الأخيرة للولايات المتحدة، “نتناولها كلها حسبة واحدة. لن نذهب في محور معين ونترك الآخر. ولأول مرة نجد أن هناك رغبة حقيقية لكلا البلدين للذهاب إلى الحلول”.
من ناحيته، قال مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الخارجية فرهاد علاء الدين لوكالة فرانس برس إن “المباحثات ستتمحور حول الاستثمارات والتجارة، والملفات الأمنية في التعاون بين البلدين، فضلاً عن إدارة الموارد المائية”.
وتوقّع “علاء الدين” توقيع مذكرات تفاهم عدّة خلال الزيارة.
وكان الرئيس التركي قد أشار في منتصف نيسان/أبريل الى أنّ “مسألة المياه” ستكون “إحدى أهم النقاط” التي ستبحث خلال الزيارة في ظلّ “الطلبات” التي قدمتها بغداد بهذا الشأن، مؤكدًا أن تركيا “ستبذل جهدًا لحلها”.
“قفزة نوعية”
وفي ما يتعلّق بالموارد المائية، لطالما انتقدت بغداد بناء جارته الشمالية سدودًا تسبّبت بانخفاض كبير في منسوب مياه دجلة والفرات اللذين ينبعان من أراضي تركيا قبل أن يعبرا العراق من أقصاه الى أقصاه.
وفي حين تدعو الحكومة العراقية لتقاسم أفضل للمياه، تبدي تركيا دائما امتعاضها تجاه إدارة الموارد المائية من قبل السلطات وكذلك قطاع الزراعة والري في العراق.
ويختلف البلدان كذلك بشأن صادرات النفط من إقليم كردستان، والتي كانت تمرّ عبر تركيا من دون موافقة الحكومة المركزية في بغداد. وتوقّفت هذه الصادرات منذ أكثر من عام بسبب خلافات قضائية ومشاكل فنية.
ويكبّد هذا التوقّف بغداد إيرادات من موارده النفطية تتخطى 14 مليار دولار، وفقاً لرابطة شركات النفط الدولية العاملة في إقليم كردستان (“أبيكور”).
وأعرب السفير العراقي في أنقرة ماجد اللجماوي عن أمله في “إحراز تقدم في ملفي المياه والطاقة، وكذلك عملية استئناف تصدير النفط عبر تركيا”، حسبما نقل بيان نشر على موقع وزارة الخارجية العراقية.
وتوقع اللجماوي توقيع “اتفاقية إطار استراتيجي” بين بغداد وأنقرة في “مجالات أمنيّة واقتصاديّة وتنمويّة”، معتبرا أن زيارة أردوغان ستحقق “قفزة نوعية شاملة في علاقات التعاون بين بغداد وأنقرة”.
كما يتوقّع أن يتضمن جدول الأعمال مشروع “طريق التنمية” للطرق والسكك الحديد، ومن شأنه أن يربط بحلول عام 2030، دول الخليج بتركيا عبر العراق، عبر شبكة بطول 1200 كيلومتر.
ويمثّل المشروع شراكة من شأنها تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وكان العراق خلال الربع الأول من السنة الحالية، خامس مستورد للمنتجات التركية من الحبوب والمواد الغذائية والمواد الكيميائية والمعادن وغيرها.
تعاون أمني
ووصف المحلل السياسي علي البيدر زيارة الرئيس التركي بأنها “بالغة الأهمية”.
واعتبر أن “هناك جدية هذه المرة بعدما أدرك الطرفان ضرورة الوصول إلى توافقات والوصول إلى نوع من التهدئة في هذه المرحلة من أجل تحقيق رغبات وإرادة الحكومتين في ظل التقلبات التي تعيشها المنطقة”.
إضافة إلى كل ما تقدّم، تحضر المسألة الشائكة لحزب العمال الكردستاني.
وعلى مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، أقامت تركيا عشرات القواعد العسكرية في كردستان لمحاربة الحزب الذي يقيم أيضا قواعد خلفية في هذه المنطقة.
وردا على سؤال حول إمكان التعاون مع تركيا في ما يتعلق بالحزب، استبعد وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في لقاء مع قناتي العربية والحدث في آذار/مارس القيام “بعمليات مشتركة”.
لكنه قال إن أنقرة وبغداد ستعملان على إنشاء “مركز تنسيق استخباري مشترك”.
وأكد المستشار علاء الدين أن “الملف الأمني سيكون له وجود مميز خلال هذه الزيارة”، متحدثا عن نوع من التعاون بخصوص “حماية الحدود بين العراق وتركيا لمنع أي هجوم أو تسلل لجماعات مسلحة عبر الحدود من الجانبين”.
وقال إن هذا الموضوع “ستتم مناقشته لكن العمل على التفاصيل الدقيقة والإعلان عنها سيأتي لاحقاً”.