البرلمان البريطاني يوافق على قرار ترحيل اللاجئين إلى روندا
في خطوة وصفت بغير الإنسانية .. أقرّ البرلمان البريطاني مشروع قانون مثيرا للجدل يتيح للحكومة أن ترحلّ إلى رواندا طالبي لجوء وصلوا إلى المملكة المتحدة بطريقة غير نظامية.
وبعدما أعاد أعضاء مجلس اللوردات إلى مجلس العموم مشروع القانون لتعديله المرة تلو الأخرى، وافق هؤلاء اللوردات في نهاية المطاف على عدم إدخال أيّ تعديلات إضافية إلى النصّ، ممّا أتاح إقراره.
وبإقراره في البرلمان بمجلسيه، سيدخل مشروع القانون حيّز التنفيذ حالما يصادق عليه الملك.
وسعى رئيس الوزراء ريشي سوناك وحزب المحافظين الحاكم إلى تمرير هذا النصّ لإجبار القضاة على اعتبار رواندا الواقعة في شرق إفريقيا دولة ثالثة آمنة.
وتتعرّض حكومة سوناك لضغوط متزايدة لخفض الأعداد القياسية لطالبي اللجوء الذين يعبرون بحر المانش انطلاقاً من السواحل الفرنسية على متن قوارب صغيرة.
ويمنح التشريع الجديد الوزراء صلاحية التغاضي عن أجزاء من القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان البريطاني.
ولجأ سوناك لإقرار هذا التشريع ردّاً على حكم أصدرته المحكمة العليا العام الماضي واعتبرت فيه أنّ إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا مخالف للقانون الدولي.
وتفيد تقديرات المكتب الوطني لمراجعة الحسابات بأنّ ترحيل أول 300 مهاجر سيكلّف المملكة المتحدة 540 مليون جنيه استرليني (665 مليون دولار) أي ما يعادل حوالي مليوني جنيه إسترليني لكل شخص.
وأكد سوناك أنّ الحكومة جهّزت مطاراً وحجزت طائرات تجارية مستأجرة للرحلة الأولى.
وتعهّد رئيس الوزراء أن تنظّم الحكومة رحلات بشكل دوري لترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا خلال الصيف وبعده “إلى أن تتوقف القوارب” التي تصل إلى المملكة المتحدة وعلى متنها طالبي لجوء.
الأمم المتحدة ترفض
اتهمت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة حكومة ريشي سوناك بإسقاط الحق في طلب الحماية، وعبرت عن قلقها البالغ إزاء مشروع قانون الهجرة غير الشرعية وقالت إنه يرقى إلى مستوى حظر اللجوء.
وترى المفوضية أن القانون يحرم اللاجئين من حق الحماية وفرصهم في طرح قضاياهم، وهو ما يشكل حسب المفوضية انتهاكا واضحا لاتفاقية اللاجئين لعام 1951، ومن شأنه أن يقوض التقليد الإنساني القديم الذي يفخر به الشعب البريطاني.
وتعتقد المفوضية بأن الفارين من الحروب والاضطهاد لا يستطيعون الحصول على جوازات السفر والتأشيرات وبالتالي لا توجد طرق آمنة وقانونية ليسلكوها، وحرمانهم من اللجوء على هذا الأساس يقوض الهدف الذي أنشئت من أجله اتفاقية اللاجئين.
الجمعية البرلمانية للمجلس الأوروبي
اتهمت الجمعية البرلمانية للمجلس الأوروبي حكومة المملكة المتحدة بتصنيف اللاجئين وضحايا الاتجار بالبشر بشكل خاطئ، بأنهم مجرمون وقد يتعرضون بهذه الطريقة لخطر انتهاكات التزاماتهم الدولية، وسيادة القانون.
وتضيف الجمعية أن الاتجاه الجديد للمملكة، يثير مخاوف كثيرة بالإصرار الشديد على إدخال تعديلات جوهرية على تفسير القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان.
وأكدت أن المشروع البريطاني الجديد يخلط بين المهاجرين واللاجئين والمجرمين وهو ما يجرد الفئات الأكثر ضعفا من إنسانيتهم.
وأوضحت أن المملكة بتنفيذها التشريعات الجديدة تجد نفسها في تناقض مع 5 اتفاقيات أوروبية مختلفة ذات صلة.
لماذا روندا؟
لم يرد سوى القليل عن دوافع رواندا، وهي دولة صغيرة يبلغ عدد سكانها 13 مليون نسمة وتقع في منطقة البحيرات الكبرى في أفريقيا، وقد لقيت سياستها التنموية ترحيباً في حين تعرضت لانتقادات بسبب سجلها الحقوقي.
وهناك بعض الأسباب المحتملة التي دفعت كيغالي للتوقيع على هذا الاتفاق والتحديات التي ستواجهها:
ستمول لندن الاتفاق بنحو 144 مليون يورو في مرحلة أولى، لكن بعض المراقبين يعتقدون أن المال ليس الحافز الرئيسي لرواندا. فقد وضع الرئيس بول كاغامي بلاده في موقع حليف للغرب ويحاول أن يؤدي دوراً في إخماد النزاعات في أفريقيا، وقد أرسل قوات إلى موزمبيق العام الماضي للمشاركة في مكافحة تمرد من جهاديين هناك.
وفق المحلل والمحامي الرواندي لويس غيتينيوا، ترغب رواندا في تحسين صورتها الدولية مع تخفيف الانتقادات الموجهة لإدارتها لملفات حقوق الإنسان. وقال «الرئيس كاغامي يعتزم استخدام هذا الاتفاق لتعزيز الثقة في سياسته بشأن حقوق الإنسان» مشيراً إلى أن رئيس الدولة الذي يحكم رواندا بقبضة من حديد منذ الإبادة الجماعية عام 1994، يريد أن يظهر على أنه «زعيم أفريقي رئيسي».
ويعتقد المحلل أن كيغالي لوكالة فرانس برس تأمل أيضاً في الحصول على «دعم دبلوماسي من المملكة المتحدة عندما (يتم) تقديم قرارات ضد رواندا ومناقشتها أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة».
في يناير (كانون الثاني) 2021، طلبت الحكومة البريطانية من كيغالي النظر في «القيود المستمرة على الحقوق المدنية والسياسية وحرية الصحافة».