كيف يستهدف “مهمة الكناري” الطلاب الأمريكيين المتظاهرين دعمًا لغزة؟
مع تولّي عددٌ هائل من الطلاب الأمريكيين مهمة التضامن مع الفلسطينيين في غزة والمطالبة بوقف الحرب الدائرة منذ أكثر من 7 أشهر، تولّت جهات أمريكية “مهمة” نشر بيانات وتصريحات ومعلومات عن معظم الطلاب الذين شاركوا في الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية، ضمن ما يُعرف بـ”مهمة الكناري”.
“مهمة الكناري canary mission” هو موقع الكتروني يقول القيّمون عليه في صفحة التعريف (About Us) إنه يقوم بتوثيق الأفراد والمنظمات التي تروج لكراهية الولايات المتحدة وإسرائيل واليهود في حرم جامعات أمريكا الشمالية وخارجها.
ويدرج الموقع على صفحة “الطلاب” صور ومنشورات وحسابات من شاركوا في التظاهرات الطلابية، فيما يخصص صفحة أخرى للأساتذة.
ليلى سيد الطالبة الأمريكية من أصل مصري، تلقت رسالة نصية من صديقة لها بعد أسابيع من مشاركتها في احتجاج مؤيد للفلسطينيين، تلفت انتباهها إلى الموقع الإلكتروني المذكور. وكتبت صديقة ليلى إليها: “أعتقد أنهم عثروا عليك في أثناء الاحتجاج”.
وما لبثت ليلى أن زارت الموقع حتى وجدت صورة لها في احتجاج شاركت فيه في 16 أكتوبر بجامعة بنسلفانيا مع أسهم حمراء تشير إليها بين المحتجين. وتضمن المنشور اسمها والمدينتين اللتين تعيش فيهما وتفاصيل عن دراستها وروابط حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
على الرغم من أن ليلى تدعم القضية الفلسطينية منذ فترة طويلة، إلا أنها قالت إنها المرة الأولى التي تشارك فيها في مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في بنسلفانيا، ولم يشر موقع “كناري ميشن canary mission” إلى أي أنشطة أخرى لها.
وقالت “سيد”، البالغة من العمر 20 عاما لرويترز: “رد فعلي الأولي كان مجرد صدمة مطلقة”. مضيفة: “لم أكن هناك لأقول إنني أؤيد حماس. ولم أكن هناك لأقول إنني أكره إسرائيل. كنت هناك لأقول إن ما يحدث في فلسطين خطأ”.
وأضافت أنها لم تدرك في ذلك الوقت أن الهتاف الذي عرضه موقع “كناري ميشن” وتضمن عبارة “عند احتلال الناس، تكون المقاومة مبررة” سيعتبره البعض تعبيرا عن دعم عمليات القتل التي ارتكبتها حماس. وقالت إنها رددت الهتافات لإظهار الدعم للاحتجاجات.
من يقف خلف الموقع؟
يُخفي الأشخاص المسؤولون عن إدارة الموقع هوياتهم ومواقعهم ومصادر تمويلهم.
واتهم الموقع أكثر من 250 طالبا وأكاديميًا أمريكيًا بدعم الإرهاب أو نشر معاداة السامية والكراهية لإسرائيل منذ بداية أحدث موجة من الصراع في غزة، وفقا لما هو منشور على الموقع.
ويوفر Canary Mission على موقعه تفاصيل أكاديمية وبيانات عن العمل للأشخاص الذين تتحدث عنهم، وتدعو إلى التأكد من أن “متطرفي اليوم ليسوا موظفين الغد”.
ومن بين المستهدفين أعضاء بارزون في جماعات حقوقية فلسطينية وأشخاص محتجزون بتهم مثل تعطيل حركة المرور والهجوم على طالب يهودي باللكم. وقال آخرون، مثل ليلى، إنهم بدأوا للتو الاشتراك في الأنشطة داخل الحُرم الجامعية ولم توجه إليهم أي اتهامات بارتكاب أي جرائم.
ويمتلك الموقع حساباً على مواقع التواصل الاجتماعي حيث ينشر “الملف الشخصي” للطلاب المستهدفين، فتنهال التعليقات لتصل أحياناً لدرجة الإهانة والتحقير.
في هذا السياق، يتهم بعض النقاد المواقع على كلا الجانبين (الفلسطيني والإسرائيلي) بالتنمر عبر الإنترنت أو جمع المعلومات الشخصية، وهو ما لاحظوا أنه يمكن أن يكون له تأثير مروع على حرية التعبير.
ويخشى بعض الطلاب، بحسب رويترز، أن يؤدي ظهورهم على موقع مهمة الكناري إلى عرقلة حياتهم المهنية، وغالبًا ما تكون هذا الموقع في أعلى نتائج البحث على غوغل Google وبالتالي يمكن أن تجذب منشوراته الانتباه.
ويقول المحامون وجماعات المناصرة إن أمام المستهدفين خيارات قليلة لطلب الانتصاف. وقال ثلاثة محامين لرويترز إن الكثير مما تنشره كناري ميشن محمي بموجب التعديل الأول للدستور الأمريكي بشأن حرية التعبير.
بالأرقام.. حركة طلابية عالمية
تحوّلت الجامعات في الفترة الأخيرة وفي مختلف أنحاء العالم، من صروح تربوية إلى مسرح لعدد متزايد من الاحتجاجات الطلابية، علماً أنها اشتعلت بدايةً في الولايات المتحدة لتنتشر في دول أخرى منها بريطانيا والهند ودول أمريكا اللاتينية.
وتم اعتقال أكثر من 2500 متظاهر في الولايات المتحدة حتى الآن، حيث اجتذبت الاحتجاجات في حرم الجامعات اهتمام وسائل الإعلام العالمية ورد فعل الفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة.
ومن المتوقع حدوث المزيد من الاحتجاجات، حيث أثار الهجوم الإسرائيلي على رفح إدانة دولية. وبدأ بعض الطلاب إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على “صمت وتقاعس جامعتهم”.
ونُظمت المظاهرات في ما يقرب من 140 حرمًا جامعيًا في الولايات المتحدة، في 45 ولاية وواشنطن العاصمة، منذ بدء الاحتجاجات في جامعة كولومبيا في نيويورك.