المطبات الهوائية أصبحت أكثر عنفاً واحتمال حدوثها مستمر بالارتفاع
الاضطرابات الجوية أو المطبّات الجوية أصبحت أكثر عنفاً وتضاعفت في الفترة الأخيرة والتي من الممكن أن تستمر في الارتفاع في العقود المقبلة إن استمر المناخ في التغير كما هو متوقع.
هذه الاضطرابات العنيفة قد تكون مميتة حيث توفي راكب وأصيب أكثر من 20 شخصًا على متن طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية السنغافورية المحدودة كانت متجهة من لندن إلى موطنها سنغافورة.
وبحسب أحد الركاب في تصريحه لـ “بلومبيرغ“، أن هذا الاضطراب حصل فجأة وبشكل مباشر وكان عنيفاً جداً لدرجة أنه أحس أن الطائرة تسقط، فيما ترامى الركاب داخل المقصورة.
السبب الدقيق للاضطراب الذي دفع ركاب الخطوط الجوية السنغافورية إلى الخروج من مقاعدهم غير واضح. لكن الاضطرابات الشديدة يمكن أن تكون مدمرة للغاية.
وبين عامي 2009 و2023، كان هناك 185 إصابة خطيرة في 162 رحلة جوية عالمية تنطوي على اضطرابات لشركات الطيران.
تغير المناخ يمكن أن يجعل الاضطرابات الشديدة مشكلة أكبر في المستقبل. وفي العام الماضي، وجدت دراسة نشرت في مجلة “Geophysical Research Letters” أن الاضطرابات في بعض أجزاء العالم ربما تكون في ارتفاع بالفعل.
ما هو اضطراب الطيران؟
قال “لاري كورنمان”، عالم فيزياء يدرس الاضطرابات الجوية في المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي التابع لمؤسسة NSF، إنه عندما تحلق الطائرة، يتدفق الهواء فوق الأجنحة، مما يؤدي إلى رفعها وتمكينها من الطيران. ويحدث الاضطراب “المطبّات الجوية” عندما يتعطل تدفق الهواء بشكل أساسي، عندما يكون هناك اختلاف في مجال الرياح حول الطائرة. والنتيجة، كما يقول كورنمان، هي أن الطائرة قد “ترتد لأعلى أو لأسفل، أو تتأرجح أو تتدحرج أو تتحرك في أي اتجاه”.
إن ما يُعرف باسم “اضطراب الهواء الصافي”، والذي لا يرتبط بأنماط الطقس المرئية، يعد خبيثًا بشكل خاص لأن الطيارين لا يمكنهم رؤيته بسهولة.
ارتداء حزام الأمان يمكن أن يشكل “الفرق بين الحياة والموت”، حيث أن أي شيء لا يتم ربطه يكون معرضًا للخطر أثناء الاضطرابات الجوية الشديدة.
أظهرت الأبحاث أن تغير المناخ سيجعل الاضطرابات الشديدة أكثر احتمالا في المستقبل.
ما الذي يسبب هذه المطبّات الجوية؟
أشياء كثيرة يمكن أن تسبب الاضطرابات، منها اضطراب التيار النفاث و هو أمر شائع إلى حد ما. فالتيارات النفاثة هي أنهار كبيرة من الهواء تتحرك بسرعة عبر الغلاف الجوي، وعادةً على ارتفاعات عالية. نظرًا لأن الهواء يتحرك بسرعة كبيرة، لذلك فمن الممكن أن تكون هناك اختلافات في الموقع تتضخم وتتحول إلى موجات.
علاقة هذه المطبّات مع التغير المناخي
تحديد العلاقة الدقيقة بين تغير المناخ وأي رحلة مضطربة أمر مستحيل، فإن سلسلة من الدراسات المنشورة على مدى العقد الماضي تشير إلى أن تغير المناخ من شأنه أن يجعل الاضطرابات أسوأ في المستقبل، إذا لم يكن الأمر كذلك بالفعل.
وحول هذا الموضوع قال الدكتور بدوي الرهبان الخبير في الكوارث الطبيعية وتغير المناخ، ” هناك اليوم تساؤل بعد هذا الحادث بتغير المناخ هو سؤال جائز، لكن من المبكر أن نستخلص أن هذا الحادث هو بسبب مباشر من هذه التغيرات المناخية بشكل مؤكد، فالبحوث والدراسات في المستقبل ستعطي تفسيراً دقيقاً لما حدث، لذلك يجب أن نراقب المعطيات، فخلال العقود الماضية كان هناك نمط في حدوث عوامل مناخية متطرفة ومظاهر غير اعتيادية، كالعواصف والفياضانات بوتيرة وشدة متزايدة”.
وأكمل ” هناك أبحاث خلصت على أن السماء أصبحت أكثر اضطراباً، لذلك يجب أخذه بعين الاعتبار، وأن تتسارع الأبحاث عن هذا التطور وعلى شركات الطيران أن تأخذ هذه الأمور بجدية أكثر وإيجاد حلول مبكرة لتجنب الخطر”.
فيما قال الخبير في قضايا المناخ والبيئة حمدي حشاد ” انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون تعمل على تغيير التيارات الهوائية التي تؤثر على التيارات النفاثة والتي تعتبر “مكيف للكوكب” لتعديل درجة حرارة الكوكب، لذلك أي تغيير في هذه التيارات النفاثة ييؤدي إلى تفاقم في المطبّات الهوائية في شمال محيط الأطلسي تحديداً والعالم عموماًَ”.
وأكمل ” التسبب بالوفاة بسبب المطبّات الجوية أمر نادر الحدوث لكن الآن باتت متكررة وبأوقات قريبة، ولا نتوقع أن تنخفض هذه الوتيرة في الأيام المقبلة، لذلك سيكون هناك تداعيات ستؤدي لخسائر لشركات الطيران أو ربما قد ترفع في سعر تذاكر الطيران بسبب تكرار هذه الأضرار وزيادة وقت الرحلة”.
وجدت دراسة منفصلة أجريت عام 2019 في مجلة Nature أن تغير المناخ يزيد بالفعل من الاضطرابات من خلال زيادة ما يعرف بالقص العمودي في التيار النفاث في شمال المحيط الأطلسي. وفي العام الماضي، استخدمت دراسة في Geophysical Research Letters 21 حسابًا مختلفًا للاضطرابات لتحديد ما إذا كانت الاضطرابات قد ازدادت سوءًا بين عامي 1979 و2020. ووجد الباحثون “دليلًا واضحًا” على زيادات كبيرة في اضطرابات الهواء في أجزاء معينة من العالم.
ما الذي على المسافر فعله؟
حول هذا الموضوع، قال المهندس الطيار سالم الزعابي، وهو صانع محتوى في مجال الطيران والسفر أيضاً أن “المطبات الجوية هي من المظاهر الطبيعية المنتشره في الاجواء ولها قوى معينة، وأسبابها كثيرة، ولكن نتذكر دائماً مهما كانت قوتها فالطائرة مصممة لتحمل قوى كبيرة من المطبات وأدائها يخولها لتجاوزها بسلام”.
وأكمل “الطاقم مدربين على حالات كثيرة ولهم الخبرة في التعامل معها مثل المطبات الجوية، فلا بد من الإلتزام بتعليماتهم، لأنها تضمن سلامة الجميع في الطائرة، مثل ربط حزام الامان وإبعاد الأمتعة عن الطريق وحفظها في مكان سليم وإلزام المقعد وعدم التحرك إلا عند إطفاء إشارة أحزمة المقاعد”.
وأضاف “خطورة عدم الالتزام بتعليمات الطاقم تعد تعدي لقوانين الطائرة، وقد يؤثر على سلامة المسافر والراكب، فقد تكون المطبات شديدة وإن لم يكن ملتزم قد ينتهي به الحال للضرر، مثل تأثر جسمه بحركة المطبات ، قد يؤد لإرتطام راسه بسقف الطائرة، المطبات لا تعد مميته، ولم يشهد الطيران حالات وفاة نتيجة المطبات”.
وأكمل “هذه كانت أول حادثة، وتبين أنه رجل تعرض لسكته قلبيه، وسبق وتكلمنا أن المطبات الجوية لا تسقط الطائرة منها وأن الطائرة تتمتع بأمان وأداء عالي في تلك الاأجواء.
نصيحتي هي الالتزام بتعليمات الطاقم وربط حزام الأمان بإحكام، وعدم ومغادرة المقعد إلا عند صدور تعليمات من الطاقم”.
يجب على المسافرين الاستماع إلى تعليمات الطيار والبقاء جالساً في مقعد الطائرة مع ربط حزام الأمان لأطول فترة ممكنة وذلك لتجنب هذه الاضطرابات المفاجئة، حيث يقوم بعض المسافرين بنزع أحزمة الأمان بعد إقلاع الطائرة للحصول على راحة أكبر في الرحلات الطويلة.