شرطة هونغ كونغ تعتقل محتجين في ذكرى مجزرة تيانانمن
ألقت شرطة هونغ كونغ القبض على شخص ثامن بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي حول إحياء ذكرى حملة قمع ميدان تيانانمن في بكين عام 1989، عشية الذكرى الخامسة والثلاثين للحادث الدامي.
وكان الاعتقال هو الأحدث في سلسلة من إجراءات إنفاذ القانون المتخذة منذ يوم الثلاثاء الماضي ضد مجموعة متهمة بنشر منشورات “تحريضية” على الإنترنت “لاستغلال يوم حساس قادم”.
وكانت المجموعة هي الأولى التي تم القبض عليها بموجب “قانون حماية الأمن القومي” في هونغ كونغ، وهو قانون الأمن القومي الثاني في المدينة، والذي صدر في مارس بعد قانون أمني آخر فرضته بكين في عام 2020.
وقالت الشرطة يوم الاثنين إن الشخص الثامن الذي تم اعتقاله هو رجل يبلغ من العمر 62 عامًا، ويشتبه في ارتكابه “جريمة تتعلق بنية إثارة الفتنة” وهي نفس الجريمة التي تم القبض على السبعة الأوائل بموجبها الأسبوع الماضي.
ويعاقب عليه بالسجن لمدة تصل إلى سبع سنوات بموجب قانون الأمن الجديد.
ما هي أحداث تيانانمن؟
في عام 1989 أصبحت ساحة تيانانمن في بكين بؤرة احتجاجات ضخمة قمعها حكام الصين الشيوعيون، وتم التقاط واحدة من أكثر الصور شهرة في القرن العشرين خلال تلك الاحتجاجات والتي تظهر شاباً وحيداً يحاول وقف تقدم دبابات الجيش في الساحة.
ولا يزال الحديث عن تلك الأحداث، موضوع حساس للغاية في الصين، جيث تم تفكيك وإزالة عدد من النصب التذكارية القليلة التي لها علاقة بتلك الأحداث من ثلاث جامعات في هونغ كونغ.
ما الذي أدى إلى الأحداث؟
كانت الصين تمر بتغييرات كبيرة في الثمانينيات من القرن الماضي. حيث بدأ الحزب الشيوعي الحاكم بالسماح بعمل بعض الشركات الخاصة والاستثمار الأجنبي.
كان الزعيم دينغ شياو بينغ، يأمل في أن يعزز ذلك اقتصاد البلاد ويرفع مستويات المعيشة للناس. لكن هذه الخطوة جلبت معها الفساد أيضاً، وفي الوقت نفسه بعثت الآمال في مزيد من الانفتاح السياسي.
وانقسم الحزب الشيوعي بين أولئك الذين كانوا يحثون على التغيير السريع وبين المتشددين الذين أرادوا الحفاظ على تحكم الدولة بمفاصل الحياة بحزم.
وفي منتصف الثمانينيات، قاد الطلاب احتجاجات في العاصمة بكين، وكان من بين المشاركين أشخاص عاشوا في الخارج وتبنوا أفكاراً جديدة وعاشوا مستويات معيشية أفضل.
كيف نمت الاحتجاجات؟
في ربيع عام 1989 اندلعت احتجاجات تطالب بالمزيد من الحرية السياسية.
اندلعت شرارة المظاهرات عند وفاة السياسي البارز، هو ياوبانغ، الذي أشرف على بعض الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، والذي تم طرده من منصب رفيع في الحزب الشيوعي قبل ذلك بعامين من قبل خصومه السياسيين.
وفي أبريل/نيسان، تجمع عشرات الآلاف لحضور جنازته، مرددين شعارات تطالب بمزيد من حرية التعبير وتخفيف الرقابة.
وفي الأسابيع التالية، تجمع المتظاهرون، الذين قدرت أعدادهم بنحو مليون، في أكبر تجمع لهم في ساحة تيانانمن التي تعد من أشهر معالم العاصمة بكين.
في البداية، لم تتخذ الحكومة أي إجراءات مباشرة ضد المتظاهرين.
اختلف مسؤولو الحزب حول كيفية التعامل معها، بعضهم أيد فكرة تقديم بعض التنازلات، أما البعض الآخر، فأراد اتخاذ موقف أكثر تشدداً. وفي النهاية كانت الغلبة لموقف المتشددين.
وفي الأسبوعين الأخيرين من شهر مايو تم فرض الأحكام العسكرية في بكين.
وفي 3 و 4 من يونيو، بدأت القوات في التحرك نحو ساحة تيانانمن، وفتحت النار على المتظاهرين وسحقتهم، واعتقلت العديد منهم بغية استعادة السيطرة على المنطقة.
رجل الدبابة.. رمز الصمود
في 5 يونيو، واجه رجل رتلا من الدبابات المتوجهة نحو الساحة.
كان الرجل يحمل حقيبتي تسوق، وتم تصويره وهو يسير لمنع الدبابات من التقدم.
تم جره من قبل رجلين، ولا أحد يعلم ما حلّ به بعد ذلك، لكن صورته أصبحت رمزاً ومثلاً للصمود في تلك الاحتجاجات.
هونغ كونغ تحيي ذكرى تيانانمن
وكانت هونغ كونغ هي المكان الوحيد تحت الحكم الصيني الذي سُمح فيه بإحياء ذكرى حملة القمع القاتلة التي شنتها بكين على المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية في ميدان تيانانمن في 4 يونيو/حزيران 1989.
تم حظر هذا التقليد المستمر منذ ثلاثة عقود منذ عام 2020، عندما فرضت بكين أول قانون للأمن القومي على المركز المالي لقمع المعارضة بعد احتجاجات ضخمة، وعنيفة في بعض الأحيان، مؤيدة للديمقراطية في العام السابق.
وشوهد عشرات من رجال الشرطة، يقومون بدوريات في منطقة التسوق في خليج كوزواي في هونغ كونغ بالقرب من متنزه فيكتوريا، موقع الاحتفالات السنوية قبل عام 2020.
وظهر الفنان المحلي سانمو تشن وبدا أنه يتتبع الحروف الصينية للرقم 8964 الذي يمثل تاريخ الذكرى السنوية في الهواء.
وبينما كان يبتعد، حاصرت الشرطة تشين واقتادته بعيدًا في سيارة الشرطة. وقال محاميه في وقت لاحق لوكالة فرانس برس إنه تم إطلاق سراحه.
وفي العام الماضي، ألقي القبض على الفنان لفترة وجيزة عشية ذكرى أحداث تيانانمن بسبب هتافه “لا تنسوا الرابع من يونيو! يا أهل هونغ كونغ، لا تخافوا منهم”. ولم يتم اتهامه.