مع تزايد الضغوط الدولية والداخلية.. هل يتخلى اليمين المتطرف عن نتنياهو؟

يتعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لضغوط دولية هائلة للمضي قدما في اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن في غزة، لكن المعارضة داخل ائتلافه اليميني المتشدد تعني أن ذلك قد يكون له ثمن سياسي.

وهدد شركاء الائتلاف اليميني المتطرف بالاستقالة بسبب المقترح الذي قدمه الرئيس الأمريكي جو بايدن الجمعة، ما قد يترك نتنياهو تحت رحمة أحزاب الوسط التي من المرجح أن تغتنم أول فرصة لإقالته من منصبه.

لكن، قال محللون إنه في مجتمع لا يزال يعاني من صدمة هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، من السابق لأوانه استبعاد نتانياهو عن المشهد كليا.

مقترح الهدنة في قطاع غزة يضع نتنياهو في مأزق سياسي

لماذا يتعرض نتنياهو للضغوط؟

خرج عشرات آلاف الإسرائيليين إلى الشوارع السبت لمطالبة نتانياهو بالموافقة على اتفاق لإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة.

منذ أشهر، تنظم احتجاجات تطالب بالإفراج عن الرهائن في نهاية كل أسبوع، لكن السبت كان مختلفا بعدما عرض بايدن ما قال إنها خطة إسرائيلية لإطلاق سراح المحتجزين ووقف القتال.

لكن نتانياهو جدد التأكيد على أن شروطه لوقف إطلاق النار لم تتغير، وأنها تشمل “القضاء” على حماس.

وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس جدعون رهط  “هناك رهائن ينتظرون أن يتخذ نتانياهو قراره وهذا أمر مروع”.

ورأى رهط أن نتنياهو “قد يقدم ردا سلبيا لأن من مصلحته ضمان استمراريته  السياسية”، معبرا بذلك عن مخاوف الكثير من المتظاهرين المناهضين للحكومة.

اندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق نفذته حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر داخل الدولة العبرية وأسفر عن مقتل 1194 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

واحتجز المهاجمون 251 رهينة، ما زال 120 منهم في غزة، من بينهم 41 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.

ردا على ذلك تشن إسرائيل حملة قصف عنيف ومدمر وغارات وهجوم البري أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 36550 شخصًا في غزة، معظمهم أيضًا من المدنيين، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس.

ولوح المتظاهرون في تل أبيب السبت بالأعلام الأمريكية وقالوا لوكالة فرانس برس: “بايدن هو أملنا الوحيد”.

مقترح الهدنة في قطاع غزة يضع نتنياهو في مأزق سياسي

هل يتخلى اليمين المتطرف عن نتنياهو؟

هدد حليفا نتنياهو اليمينيان المتطرفان، وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المال بتسلئيل سموتريتش، بالانسحاب من الائتلاف الحاكم إذا قرر نتانياهو إنهاء الحرب قبل القضاء على حماس.

ويحكم الائتلاف بغالبية ضئيلة تبلغ 64 مقعدا من أصل 120 في البرلمان الإسرائيلي ويعتمد على أصوات اليمين المتطرف.

وقال الخبير السياسي في جامعة بار إيلان، إيلان غريلسامر إن تنفيذ بن غفير وسموتريتش تهديداتهما يعتمد على اتفاق وقف إطلاق النار المطروح على الطاولة.

وأضاف “إذا كان الاتفاق يقضي بوقف الحرب على الفور وإعادة القوات إلى البلاد، فمن الصعب تصور بقائهما في الحكومة”.

واستدرك “لكن إذا كان هناك اتفاق وسطيا، فربما يبقيان”.

أما أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المفتوحة في إسرائيل دينيس شاربيت، ، فأوضح أن ثمة “احتمالا قويا” لانسحابهما من الحكومة.

من ناحية أخرى، قال رهط إنه من الممكن تشكيل حكومة أقلية بدون اليمين المتطرف مع الاحتفاظ بنفوذ كبير في البرلمان.

كيف سيكون شكل الائتلاف من دون اليمين المتطرف؟

وقال غريلسامر إنه إذا انسحب اليمين المتطرف فإن الطريق الوحيد أمام نتنياهو للعودة إلى حكومة تمتع بالغالبية سيكون من خلال اتفاق مع حزب زعيم المعارضة يائير لابيد “يش عتيد” (يوجد مستقبل) الوسطي.

وكان لابيد قد عرض على نتانياهو دعم حزبه للتوصل إلى صفقة رهائن، لكن من المرجح أن يكون هذا الدعم لفترة محدودة، مما يثير تساؤلات جدية حول المستقبل السياسي لرئيس الوزراء على المدى المتوسط.

وقال رهط “أرى صعوبة في حدوث ذلك لأنه يفضل البقاء مع حلفائه من اليمين … لكن الأمر ممكن”.

ورأى شاربيت أن “من غير المستحيل” أن ينضم حزب الوحدة الوطنية الذي يتزعمه وزير الحرب بيني غانتس إلى الائتلاف، والعامل الرئيسي هو ما إذا كانت ستتم الدعوة إلى انتخابات مبكرة أم لا.

وفي أعقاب هجوم 7 تشرين الأول/اكتوبر، انضم غانتس إلى حكومة نتانياهو الحربية ولكن ليس إلى ائتلافه الحاكم.

مقترح الهدنة في قطاع غزة يضع نتنياهو في مأزق سياسي

احتجاجات ضد حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمطالبة بالإفراج عن الرهائن الذين تم اختطافهم. رويترز

وهدد غانتس الشهر الماضي بالاستقالة من حكومة الحرب ما لم يوافق نتانياهو على خطة ما بعد الحرب في غزة.

وقال حزبه الأسبوع الماضي إنه قدم مشروع قانون لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.

ماذا لو تمت الدعوة لانتخابات مبكرة؟

ويتوقع المحللون الثلاثة أن يخرج غانتس من الانتخابات في أفضل وضع لتشكيل حكومة غالبية.

لكن غريلسامر أضاف أن قائد القوات المسلحة السابق كان لديه مخاوف سياسية خاصة به.

وأوضح “لقد تراجع غانتس كثيراً في استطلاعات الرأي في الآونة الأخيرة، لأنه يُنظر إليه على أنه متساهل للغاية، ومتردد للغاية، ومتهاون للغاية تجاه نتانياهو”.

 

مقترح الهدنة في قطاع غزة يضع نتنياهو في مأزق سياسي

ووفقا لاستطلاع للرأي بثته قناة التلفزيون العامة الإسرائيلية، فإن 38 في المئة من الناخبين يشعرون أن غانتس هو الأنسب ليصبح رئيسا للوزراء، في مقابل 30 في المئة لنتانياهو.

وتقلص الفارق بين الاثنين من 21 نقطة في كانون الثاني/يناير إلى ثماني نقاط الآن.

وقال شاربيت “يمكن لنتانياهو  الترويج لنفسه بالقول: يمكنني أن أكون الشخص الذي يستطيع وقف إنشاء دولة فلسطينية، وإلا فإن دولة فلسطينية على أبوابنا ستتسبب يوميا بالسابع من (تشرين الأول)/أكتوبر”.

وأضاف، أنه من هذا المنطلق فإن الناخبين “على الرغم من كرههم له، سيقدمون على التصويت له”.