الجيش الإسرائيلي يبدأ تجنيد “الحريديم”
سيبدأ الجيش الإسرائيلي قريباً تجنيد طلاب المعاهد اليهودية “الحريديم”، وذلك بعد قرار المحكمة العليا، الأسبوع الماضي، الذي قضى بأنه يتعين على الحكومة تجنيدهم في الجيش، بعد عقود من حصولهم على إعفاءات جماعية من الخدمة العسكرية الإلزامية، حسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
فيما أصدر مكتب النائب العام الإسرائيلي تعليماته إلى وزارة الدفاع بضرورة تنفيذ القرار، قائلا: “إن التزام مؤسسة الدفاع بتجنيد طلاب المدارس الدينية ساري بالفعل، بداية من الأول من يوليو”.
وشدد المدعي العام، جيل ليمون، في رسالة إلى مستشاره القانوني، على ضرورة أداء 3000 من ذكور يهود الحريديم الخدمة العسكرية.
ووفقاً لحكم المحكمة وأوامر النائب العام يوجد حالياً 63 ألف طالب من طلاب المدارس الدينية مؤهلين للخدمة العسكرية.
ومع ذلك، أخبر الجيش الإسرائيلي المحكمة بأنه يمكنه تجنيد حوالي 3000 فقط في صفوفه خلال عام التجنيد 2024، الذي بدأ في يونيو، مقارنة بمتوسط تقريبي عند 1800 مجند كل عام في السنوات القليلة الماضية.
تعتبر الخدمة العسكرية إلزامية للذكور في إسرائيل، في حين كان يعفى منها المتدينون بهدف التفرغ للدراسة في المعاهد الدينية و”الحفاظ على هوية الشعب”.
ويعود إعفاء “الحريديم” إلى الأيام الأولى بعد إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948، حينما أعفى أول رئيس للوزراء، ديفيد بن غوريون، نحو 400 طالب من الخدمة العسكرية ليتسنى لهم تكريس أنفسهم للدراسة الدينية.
ويشكل عدد السكان اليهود المتشددين في إسرائيل نحو 1.28 مليون، أو 6.13 بالمئة من إجمالي عدد السكان البالغ 9.45 مليون نسمة، وفقا لتقرير إحصائي سنوي صدر في ديسمبر 2023.
هل سيتم الاختيار عشوائياً؟
تستبعد صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن يبدأ الجيش بإرسال الآلاف من أوامر التجنيد بداية من الإثنين، إلى طلاب المدارس الدينية، حيث تقول إن وزارة الدفاع “ستحتاج إلى وضع آلية يمكنها إصدار إشعارات التجنيد بسرعة”.
فيما رفضت وزارة الدفاع الإسرائيلية الرد على سؤال حول كيفية الالتزام بأوامر المحكمة العليا والمدعي العام.
ومع ذلك، تذكر “تايمز أوف إسرائيل” أن هناك “خيارين رئيسيين” أمام الجيش، الأول هو إجراء قرعة عشوائية للمؤهلين للتجنيد مهما كان عددهم.
لكن تنفيذ مثل هذه الآلية من شأنه أن يؤدي إلى مواجهة مباشرة مع مجتمع “الحريديم” وقيادته، إذ قد ينتهي الأمر بتجنيد طلاب المدارس الدينية “النخبوية” الذين يُنظر إليهم على أنهم “جوهرة” مجتمع “الحريديم”.
لذلك تقول مديرة برنامج الدين والدولة بالمعهد الإسرائيلي للديمقراطية، شلوميت رافيتسكي تور-باز، إن الخيار الثاني والبديل هو “تجنيد الفئات الأقل أهمية، أي الشباب من مجتمع (الحريديم المعاصرين)”، وأولئك الذين يلتحقون بـ”المدارس الدينية المنقطعة”، التي لا تلتزم بالدراسات الدينية بشكل كامل.
وحسب بيانات المعهد الديمقراطي الإسرائيلي، فإن مجتمع “الحريديم المعاصر”، بما في ذلك أولئك الذين يلتحقون بالمدارس التي تدرّس المواد الأساسية، وكذلك أولئك الذين ينتمون إلى أُسر مهاجرة، “يشكل ما بين 11 إلى 15 بالمئة من إجمالي مجتمع الحريديم”.
وهذه الشريحة من السكان أكثر اندماجا في المجتمع الإسرائيلي من التيار الحريدي السائد، وفق الصحيفة، ويُنظر إليهم على أنهم “أقل عداء لفكرة الخدمة العسكرية”، لذلك “قد يجد الجيش شبابا أكثر استعدادا للتجنيد مقارنة بأجزاء أخرى من المجتمع الحريدي”، وفق الصحيفة.
والمصدر الآخر المحتمل للمجندين يتمثل في “المدارس الدينية المنقطعة”، وهي مؤسسات أنشأها المجتمع الحريدي “لتوفير بيئة للشباب الذين لا يهتمون بالدراسة الدينية الدائمة، ويُعتبرون معرضين لخطر ترك المجتمع بالكامل”، حسب ما تقول “تايمز أوف إسرائيل”.
ويُقدر المعهد الديمقراطي الإسرائيلي أنه من بين 63 ألف طالب من طلاب المعاهد الدينية الحريدية المؤهلين للتجنيد، هناك حوالي 9500 يدرسون في “المدارس الدينية المنقطعة”.
وتضيف الصحيفة: “بما أن هذه المعاهد الدينية تعمل في المقام الأول كإطار لإبقاء مثل هؤلاء الرجال داخل المجتمع الحريدي، فمن الممكن أن يكون القادة المتشددون على استعداد للسماح للطلاب هناك بالخدمة في الجيش”.
رغم أنه قد يكون هناك مقاومة أقل من جانب القيادة الحريدية لتجنيد الشباب من مجتمع “الحريديم المعاصرين” و”المدارس الدينية المنقطعة”، حسب الصحيفة، فإن هناك تساؤلات حول قانونية هذه الخطوة، حيث يتعين على الدولة أن تتصرف وفقا للقانون الإداري، الذي يتضمن أحكاما لتطبيق القوانين على قدم المساواة تجاه جميع المواطنين.
وتضيف “تايمز أوف إسرائيل” أن “اختيار رجال محددين من المجتمع الحريدي لأن قيادتهم لا تهتم بهم على الأرجح، لن يرقى إلى مستوى معيار المساواة على المدى الطويل”.
لكن تور-باز تفترض أنه طالما أن الدولة قادرة على إظهار أنها تنوي تطبيق قانون التجنيد على نطاق أوسع في السنوات المقبلة، فإن التجنيد من بين المدارس الدينية “المنقطعة” وطلاب المدارس الدينية “الحريدية المعاصرة” قد يمرر بشكل قانوني على المدى القصير.
ونقلت الصحيفة عن الصحفي والمعلق الحريدي البارز، يسرائيل كوهين، قوله: “إذا ركز الجيش بالفعل على القطاعات الأكثر هامشية من طلاب المدارس الدينية، فإن قيادة المجتمع الحريدي قد توافق على ذلك، بدلا من اتخاذ قرار بشأن تمرد مجتمعي كبير”.
ويضيف كوهين: “إذا فعلوا شيئا عشوائيا (القرعة العشوائية) فستكون هناك مشكلة خطيرة”.
ويتابع: “التيار الحريدي السائد في الوسط، مستعد للسماح بتجنيد عدد من شباب المدارس الدينية المعاصرة والمعاهد الدينية المنقطعة. وأعتقد أنهم سيغضون الطرف، بما يسمح لوزارتي الدفاع والعدل بتجنيد الأعداد المستهدفة”.