الصين تتكبد العناء.. لماذا؟

مارست الصين أقصى قدر من الضغط للتخفيف من حدة انتقادات شديدة واجهتها أثناء اعتماد مجلس حقوق الإنسان في جنيف تقريرا تقييميا بشأن سجلها في مجال حقوق الإنسان، وفقًا لدبلوماسيين وناشطين.

وخضعت بكين في جنيف للمراجعة الدورية الشاملة، وهي آلية فريدة خاصة بمجلس حقوق الإنسان، تواجه كل دولة من الدول الأعضاء البالغ عددها 193 بموجبها انتقادات وأسئلة وملاحظات من نظيراتها كل أربع سنوات ونصف سنة.

وخلال المراجعة التي أجريت في كانون الثاني/يناير، واجهت بكين انتقادات شديدة من الدول الغربية بشكل رئيسي.

"الجهود التي بذلها الصينيون تُظهر مدى قلقهم" بكين تحت المراجعة الدورية الشاملة

وعادةً ما يكون اعتماد التقرير إجراءً بسيطًا، لكن في كانون الثاني/يناير، سعت بكين للاستفادة إلى أقصى حد من وقت تحدث مؤيديها وإشاداتهم بها، بحيث بدا أن العديد منهم قرأوا النص نفسه.

والخميس خُصّصت ستة مقاعد للمنظمات غير الحكومية من أصل عشرة، لجماعات موالية للحكومة.

وقال دبلوماسي غربي طلب عدم الكشف عن هويته “يحاولون إدارة العملية”.

وأضاف “ما كان الصينيون ليتكبدوا كل هذا العناء لو كانوا لا يعتقدون أنهم ضعفاء”.

وقال رافايل فيانا ديفيد، من الخدمة الدولية لحقوق الإنسان (ISHR)، وهي منظمة غير حكومية، “إن الجهود التي بذلها الصينيون تُظهر مدى قلقهم بشأن ما يقوله المجتمع الدولي عنهم”.

وأضاف في حديث لوكالة فرانس برس “أمر لا يصدق أن نرى إلى أي مدى تسعى بكين إلى أن تظهر كطرف بنّاء”.

"الجهود التي بذلها الصينيون تُظهر مدى قلقهم" بكين تحت المراجعة الدورية الشاملة

وخلال المراجعة في كانون الثاني/يناير، تسجل ما مجموعه 163 بلدا للتحدث خلال الجلسة ما ترك لكل متحدث 45 ثانية فقط لتوضيح وجهة نظره.

ورأى دبلوماسيون غربيون أنها خطوة متعمدة هدفت إلى الحد من حجم الانتقادات.

ولكن تمكنت الدول المنتقِدة من تسليط الضوء على قمع الحريات المدنية وقانون الأمن القومي الذي فُرض على هونغ كونغ في العام 2020 لقمع المعارضة بعد احتجاجات مؤيدة للديموقراطية.

كما تناول المنتقدون الوضع في التيبت والقمع في منطقة شينجيانغ، حيث تُتَّهم بكين باحتجاز أكثر من مليون من الإيغور وأقليات مسلمة أخرى.

وفي المجموع، قدّمت الدول 428 توصية إلى الصين، بينها تصريحات قاسية.

وقبلت الصين 70 بالمئة من التوصيات، في حين رفضت بشكل قاطع معظم المقترحات المقدمة من الدول الغربية.

الصين تسعى لطمس تاريخ الإيغور

غيرت بكين أسماء مئات القرى في منطقة شينجيانغ في خطوة تهدف إلى محو ثقافة الإيغور بحسب منظمة هيومن رايتس ووتش.

ووفقاً لتقرير صادر عن المجموعة، تم استبدال أسماء مئات القرى التي تتعلق بدين أو تاريخ أو ثقافة الإيغور بين عامي 2009 و2023 في شينجيانغ.

"الجهود التي بذلها الصينيون تُظهر مدى قلقهم" بكين تحت المراجعة الدورية الشاملة

أسماء مدن الإيغور مثل “مزار” (ضريح) أو “مسشيت” (مسجد) أصبحت الآن “النجمة الحمراء” و”الوئام” و”الصداقة”.

واختفت كلمات مثل “سلطان” و”مزار” من أسماء الأماكن، لتحل محلها مصطلحات مثل “الوئام” و”السعادة” وفقاً للبحث الذي يستند إلى بيانات منشورة في الصين.

رغم ذلك، نفت سفارة الصين في لندن هذه التقارىر.

وفي السنوات الأخيرة، قامت السلطات الصينية “بتغييرات” جذري للمجتمع في شينجانغ في محاولة منها لتغيير وطمس سكان الأقلية الإيغورية إلى داخل الثقافة الصينية السائدة.

قام باحثون من هيومن رايتش ووتش ومنظمة “إيغور هيلب” بدراسة أسماء القرى في شينجيانغ من الموقع الإلكتروني للمكتب الوطني للإحصاء الصيني على مدار 14 عاماً، ووجدوا أن أسماء 3600 قرية من أصل 25 ألف قرية في شينجيانغ قد تم تغيير اسمها خلال هذا الوقت.

وقالت هيومن رايتس ووتش إنه في حين أن غالبية هذه التغييرات في الأسماء تبدو “عادية” إلا أن حوالي الخُمس أو 630 تغييراً منها يزيل الإشارات إلى دين الإيغور أو ثقافتهم أو تاريخهم.