مذبحة سربرنيتسا.. تاريخ دموي لا يمحى راح ضحيته آلاف المسلمين
أحيى آلاف الأشخاص الذكرى التاسعة والعشرين لمذبحة سربرنيتسا التي وقعت عام 1995 بدفن رفات 14 ضحية تم التعرف على هوياتهم خلال العام الماضي.
خريطة توضيحية لموقع سربرنيتسا
وشهدت الفعالية الذي أقيم في 11 يوليو/تموز دفن الضحايا -الذين تراوحت أعمارهم بين 17 و68 عاما عند وفاتهم – في الجنازة الجماعية الرابعة والعشرين في قرية بوتوكاري، شمال سربرنيتسا مباشرة، لإحياء ذكرى أكثر من 8 آلاف رجل وفتى بوسني مسلم قتلوا على يد قوات صرب البوسنة في الأشهر الأخيرة من حرب البوسنة.
أسوأ “فظاعة” شهدتها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
تعتبر المذبحة التي ارتكبتها قوات صرب البوسنة في تموز/يوليو 1995 بحق الرجال والفتيان المسلمين خلال الحرب الدامية في البلاد، أسوأ الفظائع التي شهدتها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وأصبحت رمزا “للتطهير العرقي”.
في ما يأتي التسلسل الزمني للأحداث.
1992-1995: حصار سربرنيتسا
بعد وقت قصير من بدء حصار العاصمة ساراييفو في بداية حرب البوسنة في نيسان/أبريل 1992، طوقت قوات صرب البوسنة مدينة سربرنيتسا ذات الأغلبية المسلمة في شرق البوسنة.
كما سيطرت قوات صرب البوسنة على بلدات أخرى في حوض نهر درينا (شرق) بمساعدة جماعات شبه عسكرية جاءت من صربيا المجاورة.
وفي نيسان/أبريل 1993، ومع تعرض المدينة لنيران الدبابات والمدفعية، أعلن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن سربرنيتسا “منطقة آمنة” تحت حماية قوات الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو).
لكن في تموز/يوليو 1995، اجتاحت قوات صرب البوسنة مواقع قوات حفظ السلام، واحتجزت حوالي 30 جنديا هولنديا رهائن.
وفي 11 تموز/يوليو، استولى جيش صرب البوسنة بقيادة راتكو ملاديتش على سربرنيتسا، ما أدى إلى فرار عشرات الآلاف من اللاجئين إلى مجمع القوات الهولندية في بوتوكاري على مشارف المدينة.
وانسحبت قوات حفظ السلام وآلاف اللاجئين، معظمهم من النساء والأطفال، إلى قاعدة الأمم المتحدة.
تموز/يوليو 1995: المجزرة
أمر ملاديتش بإجلاء جميع المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال والمسنين، بينما تم احتجاز جميع الرجال في سن القتال.
وفي الأيام التالية، قتلت قوات صرب البوسنة أكثر من 8000 رجل وفتى مسلم بشكل منهجي ودفنت جثثهم في مقابر جماعية.
أخرجت قوات الصرب فيما بعد العديد من الجثث وأعادت دفنها في قبور أخرى لمحاولة إخفاء الأدلة.
ويروي الناجون حكايات مروعة عن القتل والتعذيب والاغتصاب على أيدي قوات صرب البوسنة، وجهت على أساسها المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة اتهامات لملاديتش وزعيم صرب البوسنة السابق رادوفان كاراديتش بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
وحتى الآن، تم التعرف على حوالي 7000 من ضحايا المذبحة ودفنهم – 6751 في مقبرة بوتوكاري و250 في مقابر أخرى بمنطقة سربرنيتسا، ولا يزال نحو 1200 شخص في عداد المفقودين، بحسب معهد الأشخاص المفقودين في البوسنة والهرسك.
إدانات بارتكاب إبادة جماعية
في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 1995، انتهت الحرب بإبرام اتفاقيات دايتون التي تم التوصل إليها تحت ضغط دولي.
وتقسم الاتفاقات البوسنة إلى كيانين، جمهورية صرب البوسنة واتحاد البوسنة المسلم-الكرواتي، ويتمتع كل منهما بدرجة كبيرة من الحكم الذاتي وتوحدهما مؤسسات مركزية ضعيفة.
هرب كاراديتش وملاديتش ولم يتم القبض عليهما إلا في عامي 2008 و2011 على التوالي.
وتمت محاكمتهما بشكل منفصل في لاهاي وحكم عليهما بالسجن مدى الحياة بتهمة الإبادة الجماعية وجرائم أخرى.
وإجمالا، أصدرت محاكم في لاهاي وساراييفو والعاصمة الصربية بلغراد أحكاما بحق نحو 50 شخصا بتهم جرائم تتعلق بمذبحة سربرنيتسا.
لا مكان لمنكري المذبحة في أوروبا
الشهر الماضي اعتبر ناطق باسم الاتحاد الأوروبي أن أي شخص ينكر حصول “إبادة جماعية في سربرنيتسا” لا مكان له في أوروبا.
جاء ذلك بعد موافقة زعماء الاتحاد الأوروبي في آذار/مارس على إجراء محادثات مع البوسنة بشأن انضمامها إلى التكتل، مع تصاعد التوتر في البلقان حيث احتشد آلاف الصرب في البوسنة رفضا للمبادرة آنذاك.
وحاول السياسيون في صربيا وصرب البوسنة إلى حد كبير التقليل من أهمية المجزرة، مع رفض كثر وصفها بأنها إبادة جماعية، بمن فيهم زعيم كيان صرب البوسنة ميلوراد دوديك.
وقال الناطق باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية بيتر ستانو آنذاك إن موقف الاتحاد الأوروبي بشأن سربرنيتسا يبقى “واضحا جدا”.
وأضاف لصحافيين “ليس هناك شك في حقيقة وقوع إبادة جماعية في سربرنيتسا.. لا يمكن إنكار ذلك”، مستشهدا بحكم أصدرته محكمة دولية بهذا الشأن عام 2007.
وأضاف “وأي شخص يحاول التشكيك في الأمر لا مكان له في أوروبا”.