ما تأثير الألماس في ديناميكيات النزاعات الدولية و الحروب

يرتبط الألماس في الأذهان غالبا بالثراء والأناقة والرفاهية، فهو ذو بريق أخاذ، لكن أغلب هذا الحجر الكريم المستخرج يستخدم لأغراض صناعية في الأساس، كما أن الباحث في كبار منتجيه وطريقة استخراجه وتصنيعه قد يكتشف حقائق مذهلة.

يعتبر الألماس من أكثر المواد صلابة وقوة على وجه الأرض.حيث أن كلمة “دياموند” مشتقة من الكلمة اليونانية القديمة “أداماس” (ἀδάμας) التي تعني “غير قابل للتدمير” أو “لا يُقهر”، وهو ما يعكس صلابة الألماس الفريدة.

التفريق بين الألماس الطبيعي والصناعي:

للتفريق الدقيق بين الألماس الطبيعي والصناعي، غالبًا ما يكون من الضروري استخدام مجموعة من الاختبارات المتقدمة والأدوات المتخصصة. يفضل دائماً اللجوء إلى خبراء معتمدين ومختبرات متخصصة في الأحجار الكريمة للحصول على تقييم دقيق.

يتكون الألماس الطبيعي من الكربون النقي على عمق حوالي 100 ميل تحت سطح الأرض.

الألماس من التكوين الطبيعي إلى التميز الصناعي كل ما تحتاج معرفته

صورة توضح طبقات الأرض، حيث يتكون الألماس في الطبقة المعروفة بالمانتل upper mantel (السحابة)

 

 

تحدث عملية تشكيل الألماس على مدى ملايين (أو حتى مليارات) السنين داخل الصخور المنصهرة في غلاف الأرض، حيث يمكن العثور على الكميات الصحيحة من الضغط والحرارة اللازمين لتحويل الكربون إلى ألماس. يتم بعد ذلك نقل الألماس عبر تدفقات الحمم المنصهرة إلى سطح الأرض حيث يتم استخراجه وتحويله إلى الأحجار الكريمة التي نستخدمها في صنع المجوهرات.

الألماس من التكوين الطبيعي إلى التميز الصناعي كل ما تحتاج معرفته

 

أما بالنسبة للألماس للصناعي هناك طريقتان لصنعه في المختبر، وكلتاهما تستخدمان من قبل الشركات المصنعة للألماس.

تُعرف الطريقة الإصطناعية الأولى باسم “الضغط العالي أو الحرارة المرتفعة” أو أختصارًا HPHT (high pressure and high temperature). هذه الطريقة هي الأقرب إلى عملية إنتاج الماس التي تحدث بشكل طبيعي داخل الأرض، وتتضمن تعريض الجرافيت (المصنوع من الكربون النقي) إلى حرارة وضغط مكثفين.

وأكدت راتان ساجان (Ratan Sajan) و هي شركة رائدة في تجارة الألماس,  لأخبار الأن أن  الألماس الطبيعي والصناعي متشابهان كيميائيًا وفيزيائيًا في كثير من النواحي، فإن الاختلافات بينهما تكمن في المقام الأول في أصلهما وتكوينهما وكيفية إنتاجهما.

كما أضاف أن الإمارات العربية المتحدة والشرق الأوسط والهند والصين.. هذه ليست أسواقًا للألماس الاصطناعي حيث تطورت هذه الأسواق منذ مئات السنين.

 

الألماس من التكوين الطبيعي إلى التميز الصناعي كل ما تحتاج معرفته

تُستخدم قطع صغيرة من المعدن في آلة HPHT , للضغط على الجرافيت نظرًا لأنه يصعق بنبضات قوية من الكهرباء. تستغرق هذه العملية بضعة أيام فقط وينتج عنها ماس ذو جودة عالية. لسوء الحظ، هذا النوع من الماس الصناعي ليس نقيًا مثل الماس الطبيعي، لأن جزءًا من المحلول المعدني المستخدم لتشكيل الماس يمكن أن يختلط بالجرافيت.

الطريقة الثانية لإنتاج الألماس تدعى الترسيب بالبخار الكيميائي. هذه الطريقة تنتج ماس بلا عيوب أكثر من ذلك الموجود في الطبيعة. تتم عملية الترسيب بالبخار الكيميائي عن طريق وضع قطعة من الماس في غرفة منخفضة الضغط، حيث يتم معالجتها بالغاز الطبيعي تحت شعاع من الموجات الدقيقة. عندما ترتفع درجة حرارة الغاز إلى حوالي 2000 درجة، تتساقط عناصر الكربون على الماسة وتتمسك بها. باستخدام هذه العملية، يمكن للمصنعين استنبات لوح مثالي من الماس بين عشية وضحاها.

إن تمييز بين الألماس الطبيعي والصناعي يمكن أن يكون معقدًا أحيانا ويتطلب أدوات وتقنيات متقدمة, سنعرض بعض الطرق التفصيلية للتفريق بينهم

1. الشوائب (Inclusions) والنقاء (Clarity):

الألماس الطبيعي:

يحتوي غالبًا على شوائب داخلية أو عيوب طبيعية تكونت خلال ملايين السنين.
يمكن أن تشمل الشوائب بلورات صغيرة من المعادن الأخرى، خطوط أو فقاعات صغيرة.

الألماس من التكوين الطبيعي إلى التميز الصناعي كل ما تحتاج معرفته

صورة لألماسة تحت المجهر تحتوي على شوائب داخلية و عيوب طبيعية تكونت خلال ملايين السنين

 

الألماس الصناعي:
قد يحتوي على شوائب صناعية مختلفة، مثل المعدن المستخدم في عملية HPHT أو أنماط معينة من الشوائب الناتجة عن عملية CVD.
عادة ما تكون هذه الشوائب منتظمة وسهلة التعرف عليها من قبل الخبراء.

2. النمو البلوري (Crystal Growth):

الألماس الطبيعي: يعرض نمط نمو بلوري طبيعي مع هياكل معقدة وغير منتظمة.
الألماس الصناعي: يظهر أحيانًا أنماط نمو غير طبيعية أو منتظمة للغاية، والتي يمكن رؤيتها تحت المجهر.

الألماس من التكوين الطبيعي إلى التميز الصناعي كل ما تحتاج معرفته

صورة لألماس صناعي يظهر أنماط نمو غير طبيعية و منتظمة للغاية

3. الفلورية (Fluorescence):

الألماس الطبيعي: قد يعرض مستويات مختلفة من الفلورية عند تعرضه للأشعة فوق البنفسجية.
الألماس الصناعي: غالبًا ما يعرض فلورية زرقاء أو صفراء مميزة تحت الأشعة فوق البنفسجية. يمكن أن تختلف الفلورية بشكل واضح مقارنة بالألماس الطبيعي.

4. الأطياف الضوئية (Spectroscopy):

مطياف رامان: يستخدم لتحليل التركيب الجزيئي. الألماس الطبيعي والصناعي يمكن أن يظهر اختلافات في الأطياف.

الألماس من التكوين الطبيعي إلى التميز الصناعي كل ما تحتاج معرفته

مطياف الأشعة تحت الحمراء (IR): يكشف عن الشوائب والهياكل الداخلية التي تختلف بين الألماس الطبيعي والصناعي.

5. اختبار النيتروجين (Nitrogen Test):

الألماس الطبيعي: يحتوي على شوائب من النيتروجين تكونت بشكل طبيعي.
الألماس الصناعي: عادة ما يكون أقل نسبة من النيتروجين أو يحتوي على أنماط مختلفة من توزيع النيتروجين.

6. تحليل الفسفور (Phosphorescence):

الألماس الصناعي: قد يظهر توهجًا تحت الأشعة فوق البنفسجية الطويلة (Phosphorescence) لفترة أطول من الألماس الطبيعي.

7. التصديق والشهادات:

الحصول على شهادة من مختبر معتمد ,تحتوي الشهادات على معلومات مفصلة حول مصدر الألماس وطريقة تصنيعه.

الألماس من التكوين الطبيعي إلى التميز الصناعي كل ما تحتاج معرفته

صورة لألماسة طبيعية باللون الوردي على شكل شفاه

8. استخدام المجهر (Microscope Examination):

فحص الألماس تحت مجهر عالي القوة يمكن أن يكشف عن خصائص نمو البلورات والشوائب التي تختلف بين الألماس الطبيعي والصناعي.

9. استخدام أدوات تحديد الأحجار الكريمة (Gemstone Identification Tools):

اختبار موصلية الحرارة: الألماس الطبيعي والصناعي يمكن أن يظهروا نفس نتائج الاختبار، لكن يمكن أن يساعد في استبعاد الأحجار الأخرى مثل الزركونيا المكعبة.
اختبار موصلية الكهرباء: الألماس الطبيعي والعالي النقاء قد يظهر مستويات مختلفة من الموصلية الكهربائية مقارنة بالألماس الصناعي.

10. اختبار الوزن النوعي (Specific Gravity):

قد يكون هناك اختلاف طفيف في الوزن النوعي بين الألماس الطبيعي والصناعي، لكن هذا الاختلاف غالبًا ما يكون ضئيلاً ويصعب قياسه بدقة بدون معدات متخصصة.

تكوين الألماس الطبيعي ونقله من أعماق الأرض 

عندما يُنقل الألماس إلى السطح، يمكن أن يتغير شكله وحجمه بسبب العوامل البيئية المختلفة مثل البراكين، الأنهار، والتعرية. قد يصبح الألماس أصغر وأكثر نعومة نتيجة الاحتكاك مع الصخور الأخرى والرواسب أثناء نقله بواسطة المياه. بعض الألماسات قد تتحطم أو تتفتت إذا كانت الظروف قاسية جدًا. لكن على الرغم من هذه العوامل، يظل الألماس محتفظًا بصلابته الفريدة التي تجعله مميزًا وثمينًا.

تكوين الألماس ونقله من أعماق الأرض إلى سطحها هو عملية معقدة وطويلة الأمد يمكن شرحها بتفصيل أكبر على النحو التالي:

1-تكوين الألماس في أعماق الأرض

  • العمق والضغط والحرارة: يتكون الألماس على عمق يتراوح بين 150 و200 كيلومتر تحت سطح الأرض، حيث تصل درجات الحرارة إلى حوالي 1200 درجة مئوية، والضغط يصل إلى 50 كيلو بار.
  • الكربون: الألماس يتكون من الكربون النقي، وتحت هذه الظروف القاسية، يتم ترتيب ذرات الكربون بشكل معين يعطي الألماس صلابته الفريدة.

2-انتقال الألماس إلى السطح

  • الثورات البركانية: الثورات البركانية العنيفة تنقل الألماس من أعماق الأرض إلى سطحها. الصخور البركانية التي تحتوي على الألماس تعرف باسم “الكيمبرلايت” و”اللامبرويت”
  • المسار البركاني: أثناء الثورات البركانية، يُدفع الألماس بسرعة عبر الأنابيب البركانية، وهي قنوات تصل من أعماق الأرض إلى سطحها

3-التغيرات الطبيعية على السطح

  • التعرية: بعد وصول الألماس إلى السطح، تتعرض الصخور التي تحتوي على الألماس لعمليات التعرية بسبب الرياح والمياه
  • النقل بواسطة المياه: الأنهار والجداول يمكن أن تنقل الألماس لمسافات طويلة. خلال هذه العملية، قد يتغير شكل الألماس وحجمه بسبب الاحتكاك مع الصخور الأخرى والجزيئات.
  • الصقل الطبيعي: يمكن أن يصبح الألماس أكثر نعومة أثناء انتقاله عبر المياه والأنهار، لكن يبقى محتفظًا بصلابته الأساسية
  • التدمير الجزئي: في بعض الأحيان، إذا كانت الظروف قاسية جدًا، يمكن أن يتضرر الألماس أو يتفتت، خاصة إذا تعرض لضغط شديد أو صدمات قوية

4-التعدين والاستخراج

الألماس من التكوين الطبيعي إلى التميز الصناعي كل ما تحتاج معرفته

صورة توضح إستخراج الألماس و تعدينه (أخبار الأن)

 

  • التعدين التقليدي: يتم العثور على الألماس في الرواسب الطينية والحصوية في قيعان الأنهار أو في الأماكن التي كانت بها أنهار قديمة
  • التعدين الصناعي: يستخدم التعدين الصناعي معدات وآليات متقدمة لاستخراج الألماس من الكيمبرلايت واللامبرويت

هذه العملية الطبيعية المعقدة والطويلة هي التي تجعل من الألماس مادة نادرة وثمينة، حيث يظل محتفظًا بصلابته وجماله رغم الرحلة الشاقة التي يمر بها

كما ترتبط عمليات استخراج الألماس بظروف إنسانية قاسية، مثل عمالة الأطفال واستغلال القُصر في ظروف عمل سيئة، وهذه الظاهرة منتشرة بشكل أكبر في بعض الدول الأفريقية المنتجة للألماس.