التقلبات الناتجة عن أزمة المناخ أدت لتاقم الوضع السيئ إلى حدٍ كبير
قد يظن سكان العالم اليوم أن تداعيات أزمة المناخ ظهرت خلال العصر الحديث، في حين أنها تعود لنحو ربع مليار عام من الزمان، حينما تعرضت الحياة على كوكب الأرض لاختبار شبه نهائي، عندما أدت أحداث الانقراض إلى تدمير المحيط الحيوي للأرض، ولم يتبق سوى عدد قليل من الأنواع لمحاولة العودة إلى البقاء على قيد الحياة.
ويبدو أن هذا “الموت العظيم” كان مدفوعًا بسلسلة معقدة من الحوادث، حيث توصلت دراسة جديدة إلى أن التقلبات المناخية المطولة والشديدة التي تشبه إلى حد كبير ظاهرة النينيو الحديثة أدت بلا شك إلى تفاقم الوضع السيئ إلى حد كبير.
وباستخدام وكلاء لقياس التقلبات في درجات حرارة مياه البحر، ونمذجة المناخ المحدثة، قام فريق دولي بتطوير محاكاة للمد والجزر في التيارات المحيطية والجوية منذ حوالي 250 مليون سنة.
وبعد ملايين السنين، بدأت الأنواع البحرية تختفي واحدة تلو الأخرى، حتى لم يبق منها سوى نوع واحد من كل خمسة أنواع .
وحتى اليوم، تظل التقلبات الشديدة في الطقس التي تؤدي إلى الفيضانات والجفاف، وموجات الحر والبرد، مسؤولة عن خسائر بيئية واسعة النطاق.
زلازل غير مسبوقة
قبل عامٍ وفي سبتمبر الماضي، رصد العلماء بمختلف أنحاء العالم، اهتزازاً زلزالياً لا يمكن تفسيره، هز كوكب الأرض لـ9 أيام متواصلة، وهي مدة طويلة للغاية بحيث لا يمكن اعتبارها مجرد زلزال، وكان الاكتشاف غير مسبوق إلى الحد الذي جعل بعض العلماء يعتقدون في ذلك الوقت أن هناك خطأ ما في أجهزتهم.
وبعد مرور عامٍ على هذه الظاهرة، أرجعت تقارير السبب في ذلك، إلى مضيق في غرينلاند، حيث سقط نهر جليدي ذائب في انهيارٍ أرضي، ما أدى إلى إلقاء كميات لا يُمكن تصورها من المواد في البحر.
وقد تسبب التسونامي الضخم الناتج عن ذلك في أمواجٍ بلغ ارتفاععها 650 قدمًا، وهو ما يكفي لابتلاع بعض ناطحات السحاب.
واستنادًا لتلك النتائج، التي نُشرت كدراسة في مجلة ساينس، صورة قاتمة للتأثيرات الهائلة لتغير المناخ . وفي هذه الحالة، كان التأثير الزلزالي لموجات المد البحري العارمة محسوسًا على مستوى العالم.
ووفقًا لكبير مؤلفي الدراسة، كريستيان سفينيفغ وهو جيولوجي يعمل في هيئة المسح الجيولوجي بالدنمارك، قال لشبكة “إن بي سي نيوز“: “لم يسبق لأحد أن رأى شيئًا كهذا من قبل”.
موجة الحر
وكان التسونامي الضخم مذهلًا، ولكن الاهتزاز الكبير وحده لم يكن كافيًا لتفسير الاهتزازات الزلزالية التي استمرت لأكثر من أسبوع.
عندما اصطدمت الانهيارات الأرضية بالبحر، حوصرت الموجة الأولية التي بلغ ارتفاعها ستمائة قدم داخل المضيق الضيق – وهو مدخل لمياه البحر محاط بمنحدرات شديدة الانحدار.
مع عدم وجود مكان آخر للذهاب إليه، استمر تسونامي المذهل في التدحرج ذهابًا وإيابًا على طول الوادي، واستقر في موجة يبلغ ارتفاعها حوالي 23 قدمًا واستمرت لعدة أيام.
تُعرف هذه الظاهرة – وهي عبارة عن موجة ثابتة متذبذبة في مساحة مغلقة من الماء – باسم “سيشي”، وحتى الآن، لم يكن أحد يعلم أنه من الممكن أن تستمر هذه الظاهرة لفترة طويلة.
وقال سفينيفج لشبكة CNN : “لو اقترحت قبل عام أن موجة الحر يمكن أن تستمر تسعة أيام، لكان الناس سيهزون رؤوسهم ويقولون إن هذا مستحيل”.
تحليل ما حدث
وقد استغرق الأمر ما يقرب من عام، لتحليل مع حدث، في ظل جهود 68 عالمًا من مؤسسات مختلفة حول العالم.
واستخدموا صور الأقمار الصناعية والصور الأرضية جنبًا إلى جنب مع تحليل الموجات الزلزالية لتحديد كيفية تفكك الانهيار الأرضي الملحمي الذي أطلق كل ذلك، في حين تم إنشاء محاكاة كمبيوترية لنمذجة تسونامي والزلزال الذي أعقبه.
لكن الباحثين قالوا إن السبب الرئيسي وراء ذلك هو تغير المناخ، حيث أدت درجات الحرارة المرتفعة إلى إضعاف الكتلة الجليدية التي تسببت في الانهيار الأرضي.
ووفقا لباولا سنوك، عالمة الجيولوجيا في جامعة العلوم التطبيقية في غرب النرويج، والتي لم تشارك في الدراسة، فإن ذلك “إشارة مثيرة للقلق” لما هو آت.
وأضافت لشبكة CNN : “نحن نقوم بتذويب أرض كانت في حالة باردة ومتجمدة لآلاف السنين”.