أوكرانيا تضرب العمق الروسي بصواريخ بعيدة المدى
خطوة جديدة من التصعيد في الحرب بين روسيا وأوكرانيا بعد أن قامت كييف باستخدام ضواريخ بعيدة المدى.
وأعلنت روسيا الثلاثاء أن أوكرانيا أطلقت صواريخ أمريكية بعيدة المدى على أراضيها في هجوم يعد الأول من نوعه منذ بدء الحرب قبل ألف يوم، وهددت موسكو مجددا باستخدام أسلحة نووية ردا على ذلك.
وأكد مسؤول أوكراني لفرانس برس أن أوكرانيا استهدفت منطقة بريانسك الروسية الحدودية بصواريخ “أتاكمز” الأمريكية.
وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الضربات الأوكرانية على روسيا بصواريخ بعيدة المدى تشكل “مرحلة جديدة” في النزاع، متوعدا برد “مناسب”، واتهم لافروف أوكرانيا والغرب بالسعي إلى التصعيد، لافتا إلى أن أوكرانيا لم تكن لتطلق صواريخ بعيدة المدى على روسيا بدون مساعدة الأمريكيين. وحض وزير الخارجية الروسي الغرب على الاطلاع على العقيدة الروسية الجديدة لاستخدام السلاح النووي “كاملة”.
وعلى الإثر عقب متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي بقوله لوكالة فرانس برس إن “هذا هو نفس الخطاب غير المسؤول من جانب روسيا الذي شهدناه خلال العامين الماضيين”.
من جهته رأى مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن “مآل الأوكرانيين سيحدد مصير الاتحاد الأوروبي”، معتبرا أن التهديد الروسي باستخدام السلاح النووي “غير مسؤول”.
وأتت مواقف روسيا بعدما أجازت الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها برئاسة جو بايدن لأوكرانيا إطلاق صواريخ بعيدة المدى سلمتها إياها من نوع “أتاكمس” ATACMS نحو عمق الأراضي الروسية، ما يشكل خطا أحمر بالنسبة لموسكو.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان نقلته وكالات الإعلام الرسمية ” ضرب العدو موقعا في منطقة بريانسك بستة صواريخ بالستية. وبحسب بيانات مؤكدة فانه تم استخدام صواريخ أتاكمس التكتيكية الأميركية الصنع”.
وأضافت الوزارة الروسية في بيانها أن دفاعاتها الجوية أسقطت خمسة صواريخ، بينما سقطت شظايا من صاروخ سادس على “منشأة عسكرية” لم تحدد، ما تسبب بحريق محدود. وقالت “لم تقع إصابات أو أضرار”.
صواريخ أتاكمز
وكانت أوكرانيا تطالب واشنطن منذ أشهر بالسماح لها باستخدام صواريخ “أتاكمز” الأطول مدى لضرب العمق الروسي.
هناك أنواع كثيرة من أنظمة صواريخ الجيش التكتيكية (أتاكمز) البعيدة المدى التي تحمل غالبا كميات متفاوتة من القنابل العنقودية.
واستخدمت القوات الأوكرانية صواريخ أتاكمز الطويلة المدى التي زودتها بها الولايات المتحدة لأول مرة في أكتوبر تشرين الأول 2023، حين قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي إن الأسلحة “أثبتت نفسها”.
مداها وقدراتها
لدى أوكرانيا على الأرجح صواريخ أتاكمز من طراز إم39 أيه1 بلوك آي أيه التي توجه جزئيا بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي (جي.بي.إس) ويتراوح مداها بين 70 إلى 300 كيلومتر، ويمكنها حمل 300 قنبلة صغيرة. وجاء في وثائق للجيش الأمريكي أن صواريخ إم39أيه1 بلوك استُخدمت في غزو العراق ودخلت ترسانة الأسلحة الأمريكية في عام 1997.
ولدى أوكرانيا على الأرجح أيضا صواريخ أتاكمز من طراز إم57 التي تحمل رأسا حربية واحدة شديد الانفجار تزن 230 كيلوجراما ومداها يتراوح بين 70 إلى 300 كيلومتر. واستُخدمت صواريخ إم57 لأول مرة في عام 2004 واستُخدمت في صراعات كثيرة، تتضمن عملية الحرية الدائمة.
تأثيرها على الحرب
ستتمكن أوكرانيا الآن وبإذن من الولايات المتحدة من ضرب أهداف في عمق روسيا، على الأرجح في أنحاء منطقة كورسك الروسية التي ما زالت قوات كييف تسيطر على مساحات شاسعة من أراضيها وذكرت تقارير أن القوات الكورية الشمالية تتركز هناك.
وفي أغسطس آب، قال محللون في معهد دراسة الحرب ومقره واشنطن إن مئات الأهداف العسكرية الروسية المعروفة تقع في نطاق صواريخ أتاكمز.
غير أنه من المحتمل أن بعض الأصول العسكرية نقلت على الرغم من الصعوبات اللوجستية إلى عمق روسيا تحسبا لقرار الولايات المتحدة.
العقيدة النووية
وفي هذا السياق، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوما يضفي طابعا رسميا على عقيدته النووية الجديدة التي توسع نطاق اللجوء إلى أسلحة نووية، ليشمل استخدامها الرد على هجوم جوي “كثيف” تشنه دولة لا تملك أسلحة نووية لكن تدعمها قوة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف إنه “كان من الضروري تكييف أسسنا مع الوضع الحالي”، في مواجهة ما يعتبره بوتين “تهديدات” صادرة من الغرب ضد أمن روسيا.
في أيلول/سبتمبر، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن هذه الموافقة الغربية ستعني “ضلوع دول حلف شمال الأطلسي مباشرة في الحرب في أوكرانيا”.
وأكد بيسكوف أن روسيا ستنتصر في أوكرانيا وأن “العملية العسكرية ستستمر (حتى تحقيق) الأهداف المحددة”.
توسع الحرب
ويريد بوتين دفع أوكرانيا إلى الاستسلام، وضم الأراضي الأوكرانية المحتلة، و”تجريدها من السلاح”، وإجبارها على التخلي عن طموحها بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
وبعد مرور ثلاث سنوات تقريبا على بدء الحرب التي خلفت مئات آلاف القتلى، لا تنوي كييف الاستسلام، في حين تمر بلحظات حاسمة إذ يراكم جيشها الخسائر في ساحة المعركة بينما لم تعد تضمن تواصل الدعم الأميركي لها مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير.
وأكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع مرور ألف يوم على النزاع أن العام 2025 سيحسم من سينتصر في هذه الحرب موسكو أو كييف.
وقال زيلينسكي في كلمة أمام البرلمان الأوكراني “في المراحل الحاسمة التي سنشهدها العام المقبل يجب ألا نسمح لأي شخص في العالم بالتشكيك في صمود دولتنا برمتها. وتلك المرحلة ستحدد هوية المنتصر”.
كما لفت زيلينسكي إلى أن اوكرانيا قد تحتاج إلى مرحلة ما بعد بوتين لاستعادة وحدة أراضيها مقرا للمرة الأولى بأن بلاده قد تضطر “ربما” إلى القبول لفترة بخسارة أراضيها المحتلة.
وتحتل روسيا حوالى 20 في المئة من مساحة أوكرانيا.