بعد عشر سنوات على انطلاق الثورة السورية وقرب الانتخابات وترشّح بشار الأسد، قمنا في أخبار الآن بإجراء لقاء خاص مع رجل الأعمال السوري فراس طلاس، نجل وزير الدفاع السوري الأسبق مصطفى طلاس وتحدثنا في الجزء الأول من اللقاء عن توصيف طلاس لبشار الأسد حيث قال إنه رئيس للنظام السوري وليس لسوريا أو الشعب.
وعن الانتخابات قال فراس طلاس إن ترشّح الأسد متوقّع ولن يغيّر شيئاً، فما قبل الانتخابات سيكون تماماً كما بعدها وبالتالي لن يكون لها أي تأثير عملي سواء في مسار الحرب أو السلم أو الحل في سوريا.
وعند سؤاله عمّا إذا كان يعتبر أن الأسد انتصر على الأرض، تساءل بدوره طلاس انتصر على من؟ على شعبه؟ وأين الانتصار مع كل السيطرة الروسية والإيرانية والتركية حسب المناطق التي تسيطر عليها كل دولة. والنظام يسيطر فقط على مناطقه.
ما هو الدور الذي تلعبه اسماء الأسد؟
أما عن الزاوية الشخصية ببشار الأسد، فقال طلاس إنه من السهل جداً عليه أن يفهمه ويفهم سياسته كونه كان قريباً من العائلة حتى أنه يتوقع ماذا يقول الأسد بعد الاجتماعات.
كان لا بدّ من التطرق إلى دور وشخصية أسماء الأسد زوجة الرئيس، حيث قال طلاس إن الأسد لا يخاف منها لأنه لا يخاف الله، ومن لا يخاف الله لن يخاف من أحد. لكن بشار الأسد دائماً يحتاج لمن يقول له ماذا يفعل وأسماء هي من يقوم بهذا الدور اليوم.
وعن سيطرتها قال طلاس إن الأمور الإدارية والاقتصادية تحت سيطرتها بالكامل حتى أن بشار الأسد طلب في اجتماع أن يعتبروا ما تطلبه أمراً صدر منه شخصياً. وأضاف طلاس أن شخصية أسماء الأسد حادّة حتى أنهم يخافون منها أكثر مما يخافون من بشار الأسد. وهي لا تعود حتى لبشار الأسد بأي قرارات تتخذها.
وهي تحضّر ابنها اليوم ربما المجتمع بالداخل لم يلحظ هذه النقطة بعد ولكنه سيتنبّه لها قريباً، إذ أكد طلاس أنه رغم كونه بعيداً عن سوريا لكنه يعلم ما يحدث بالداخل وبدقة.
خلفية الصراع مع رامي مخلوف
هذا وأكد طلاس أن الدور الرئيس في الصراع الذي نشأ مع إبن خال بشار الأسد رامي مخلوف كان لأسماء الأسد وهي منذ البداية لا تحب رامي مخلوف ووالدها أيضاً. وأقنعت الأسد أن كل الأموال هذه يجب أن تكون لهم، فالعائلة اليوم ليست أبناء خاله بل هي وأولادها.
وروى فراس طلاس لأول مرة أنه بعد تدخل وسيط روسي لحلّ الأزمة بين مخلوف والأسد، طلبت أسماء الأسد أن يقوم رامي مخلوف بالإمضاء بسوريا قبل السفر، رفض مخلوف وقال للمفاوض الروسي إنه إذا فعل ذلك سيُقتل. ووفق طلاس أن يقول رامي مخلوف وهو ابن العائلة التي كانت تعدّ عائلة واحدة مع عائلة الأسد، فهذا تغيّر كبير جداً.
أما عن تأثير خلاف الأسد مع رامي مخلوف فقال طلاس إنه أضعف الأسد قليلاً في الداخل.
بالعودة إلى أسباب عدم نجاح الثورة بالإطاحة ببشار الأسد وإذا ما كانت تعود لضعفها وتشتّتها ومصالح قيادات الثورة في انتماءاتها الخارجية، أو في قوة النظام من الداخل وتركيبته مع الخارج، فاعتبر طلاس أن كل هذه العوامل مجتمعة أدت لذلك.
وبالحديث عن إسرائيل وإذا ما كان ثمة مبالغة بالقول بأن النظام السوري كان يحمي حدود إسرائيل كون جبهة الجولان كانت جبهة هادئة دائماً، قال طلاس إن هذا الموضوع ليس مبالغة بل هو واقع وقديم جداً منذ أيام حافظ الأسد.
المسار طويل في الثورة السورية وفق طلاس، ولكن لن تعود الأمور كما كانت عليه ولن يعود بشار الأسد رئيساً لسوريا كما كان في السابق.
محاكمة متهمين بجرائم حرب
في الجزء الثاني من اللقاء مع رجل الأعمال السوري فراس طلاس تحدثنا عن جهود التسوية والحلول المطروحة اليوم، وعن عقدة الأقليات التي لطالما ادّعى بشار الأسد أنه يحميها وغيرها من المحاور.
فيما يتعلق بالمحاكمات اليوم في ألمانيا لأفراد سابقين في النظام السوري وأشخاص متهمين بارتكاب جرائم حرب، قال فراس طلاس إن كلّ هذه الأمور لا تعني بشار الأسد إذ لا يعنيه ما يَصدر عن المجتمع الدولي من محاكمات أو تصريحات مضادّة له، حتى لو وصلت المحاكمات إلى رجالات النظام السياسيين ليس فقط الأمنيين، هذا لن يهمّه أو يردعه.
وبخصوص التنظيمات المتطرفة في سوريا مثلاً هيئة تحرير الشام، أكد طلاس أنه لا يمكن أن نتوقع منهم التغيير حتى لو ادّعو ذلك لأن أيدولوجيتهم واضحة منذ البداية.
عند التطرق لموضوع المخارج المطروحة اليوم و جهود الحل والتسوية، تحدّث طلاس عن إمكانية إنشاء مجلس عسكري من ضبّاط منشقين عن النظام.
وفيما يتعلق بمصير الدول الموجودة استخباراتياً وعسكرياً وأمنياً في سوريا اليوم، هم لهم مصالحهم ولن يقبلوا بأي تغيير يمس بها لأن بعض الدول قدّمت المال والبعض الآخر قدّم حتى الأرواح.
إيران تريد السيطرة لا غير
أما إيران واهتمامها بالمراقد الشيعية والتواجد الديني، فقال طلاس إن هذا ليس ما يهمّ إيران في الحقيقة إنما تريد السيطرة لا غير.
وبالنسبة لإدارة بايدن الحالية وأن كثيرين اليوم يرونها غير مهتمة بمصير سوريا، قال طلاس إنه لا يوافق على هذا بل يرى أن بايدن استلم الرئاسة وعلى الطاولة ملفات عديدة وحساسة من بينها كورونا، فهو يحتاج إلى الوقت ليتعامل مع ملفات عالقة ومهمة وتشكل أولوية بالنسبة للولايات المتحدة لكن هذا لا يعني أنه يتجاهل الأزمة السورية.
كما أكد طلاس أن ثمة دوراً عربياً ما زال ممكناً في سوريا ويأمله كي لا تبقى سوريا فريسة للأطماع الأجنبية، خاصة أنها قادرة على إحداث فرق، وأن دولاً مثل السعودية ومصر هي دول لها ثقل كبير ولها تقدير خاص من سوريا والسوريين.
لا شك أنه منذ بداية الثورة السورية وثمة ما عُرف بعقدة الأقليات، تطرّقنا إليها مع طلاس حيث اعتبرها ذريعة فقط كون الأسد لا يحمي الأقليات من الأساس، ومن يقف معه منهم يفعل ذلك فقط بسبب الخوف.
دائماً ما نتساءل إذا ما بدأ حلّ من أي نوع كان عن المدى الزمني له، بهذا الصدد قال طلاس إن الحل ممكن أن يستغرق عدة سنوات ولكن نبدأ بلمس التغيير بشكل فوري.