ماهي الصحافة الاستقصائية وما هو مفهومها في عالم الاعلام اليوم؟
لغويًا، مصطلح الاستقصاء أو التقصي يشير إلى بلوغ الغاية.
أما الصيغ التعريفية لمفهوم الصحافة الاستقصائية أو التحقيقات الاستقصائية فمتعددة، ورغم بعض الاختلاف في الصيغ، إلا أن أغلبية التعريفات تتفق على أن الصحافة الاستقصائية هي التحقيقات والتقارير القائمة على الأساليب والإجراءات المرتكزة إلى القواعد العلمية والمهنية التي يستخدمها الصحافي في الوصول إلى الحقائق المستترة، أو تتبع بعض القضايا الشائكة وكشف الغموض فيها لأجل تقديمها للجمهور، بهدف خلق رقابة على السلطات العامة وحماية مصالح المجتمع.
لنفترض ان مراسلاً وصلته عبر عمله الميداني، معلومات عن قضية فساد أو فضيحة أو جريمة مالية أو بيئية، ما الأسئلة التي بجب أن يطرحها على نفسه ليعرف إذا كان الموضوع يمكن أن يتحول إلى تحقيق استقصائي؟
هناك ٣ أسئلة من الضروري أن يجيب عليها المراسل، والا سيكون أمام حائط مسدود، هذه الأسئلة هي:
١-عمّ أفتش؟
٢-لماذا أفتش في هذا الموضوع؟
٣-أين الباب المفتوح أمامي، أو أين المعلومات المتاحة؟
ما هي الصفات الأساسية التي يجب أن تتوفر لدى أي صحافي استقصائي؟
الميزة الأبرز التي يجب أن يتحلى بها الصحافيون الاستقصائيون هي الشجاعة، اذ عليهم القيام بالتنقيب الشاق والمراسلات من الشارع، وكسب المصادر والتمسّك بالقصص حتى يصبح لها معنى، يجب أن يتحلّوا بالشجاعة أيضاً لمقاومة الضغوط القوية التي تدفعهم إلى الاستسلام، وليصبح المرء صحافياً استقصائياً ناجحاً في عالم اليوم؛ يجب أن يكون قادراً على التكيّف مع التحديات التي تفرضها النزعات العالمية والمتطورة في مجال الجريمة والفساد والقضاء على البيئة ومواضيع أخرى، وعليه ان يدرك ان ما يفعله هو السعي لتحقيق العدالة ورفع الظلم عن بعض الناس او المجموعات.
كما أن هناك صفات أخرى لازم تتوفر لدى الصحافي الاستقصائي وهي:
-حب العمل وكأنه تحرّي لملاحقة كل الخيوط المخفية وكشفها
-حب العمل الميداني
-الحرص على التقييم الدائم للقصة
ما هي الشروط التي يفترض بالصحافي الاستقصائي المعاصر أن يطبّقها لينجح في عمله، وخاصة في المجال الميداني؟
الشروط الأساسية الواجب توفرها لدى أي صحافي استقصائي عددها ٣ وهي: الانفتاح والمنهجية والسلامة.
أولاً-الانفتاح، بمعنى أن ينظر الصحافي أبعد من حدود منطقته او بلاده. وفي حين أن معظم الأشخاص يفضلون القصص المحلية، إلّا أن العثور على روابط للعالم الخارجي قد يجعلها أفضل، حيث إنه يمكن التحقق من الوقائع ومقارنتها بشكل واسع. لذا، إذا عثرت إحدى المراسلات على شركة تلوّث أحد الأنهر في بلدها، فبإمكانها اللجوء إلى موارد دولية، وقد تكتشف أن هذه الشركة بذاتها تملكها مجموعة صناعية تضطلع بممارسات بيئية متعسّفة في مكان آخر. وقد تكون إحدى القصص أحياناً شديدة الخطورة أو التعقيد ليغطيها مراسل واحد بمفرده، لذا فإن الانفتاح يعني أيضاً التعاون أحياناً حتى مع وسائل إعلامية أخرى، والعمل مع خبراء من مهن أخرى.
ثانياً: المنهجية. أي ان الصحافي الاستقصائي، سواء كان في منزله او في الميدان، يجب ان يُتقن استخدام الأدوات والبرامج لمعالجة البيانات وتنظيمها والنظر إليها، حتى تحكي الأرقام القصة، في بعض الاحيان. وتُسهّل التطبيقات والبرامج المجانية عمل الصحافيين الاستقصائيين حول أي مشكلة ذات شأن عام، لناحية ربط أي اسم بهاتف معين في أماكن عدة من العالم، أو تعقّب تحرّكات المجرمين من خلال وصل أسمائهم بمواقعهم. وعلى الصحافي ان يُتقن البحث عن المعلومات بطريقة مهنية وفي شكل معمق، كما يمكنُه تشجيع عامة الناس على مساعدته من خلال وسائل التواصل الاجتماعي او من خلال التواصل المباشر معهم.
ثالثاً: السلامة الجسدية والقانونية والرقمية، اذ يُعتبَر كل من الأمن الجسدي والحماية القانونية من الامور الأساسية في ميدان الصحافة الاستقصائية، كما يُعتبَر السهر على البيانات والموارد المتاحة في البيئة الرقمية أمراً إلزامياً.
ما هي أبرز العقبات التي تواجه الصحافة الاستقصائية حالياً؟
هناك عقبات عدة وخاصة في العالم العربي، سنستعرض ٦ منها.
العقبة الاولى: غياب القناعة لدى الكثير من المؤسسات الإعلامية بتبني العمل الاستقصائي لاعتقادها بأنها تهدر الوقت والجهد.
العقبة الثانية: التحقيقات قد تضع الوسائل الإعلامية في صدام مع المؤسسة الرسمية وحتى المجتمعية التي سيطالها العمل.
العقبة الثالثة: الوضع المالي للمؤسسات الذي لا يمكّنها من الإنفاق على التحقيقات التي تتطلب ميزانيات للعمل، وكذلك تخصيص متسع من الوقت للصحافي لإنجاز المهام الموكلة إليه.
العقبة الرابعة: قلة المؤسسات الداعمة للصحافة الاستقصائية ومحدودية برامج تمويلها والقدرة على تدريب صحافيين على هذا النوع الخاص.
العقبة الخامسة: النتائج السلبية التي انعكست على الصحافة الاستقصائية عندما حاول هواة خوض غمارها عبر منصات التواصل الاجتماعي، من دون الاعتماد على المعايير المهنية والأخلاقية.
العقبة السادسة: غياب القوانين الناظمة لحق الحصول على المعلومات في بعض الدول.