في ظل الأزمات المتلاحقة التي تعصف باليمن، يرتفع صوت التحذير من تدهور الأوضاع الأمنية في عدن وتأثيراتها المحتملة على حضرموت. في الحديدة، تحولت المدينة إلى قاعدة عسكرية إيرانية بامتياز، بينما تتفاقم مشاكل البيئة البحرية في البحر الأحمر بفعل التدمير الذي يطالها. ماذا عن التحالفات الخفية بين الحوثيين والقاعدة تحت حماية إيران، وكيف يمكن التصدي لهذه التهديدات بفعالية؟

دعوة لاستقرار عدن قبل فوات الأوان

أخبار الآن أجرت لقاء خاص مع مستشار الرئيس اليمني ياسين مكاوي الذي تحدث عن الوضع الأمني في عدن وضرورة بناء مؤسسة أمنية من أبناء المدينة لضمان استقرارها. كما أشار إلى المخاوف من تأثير هذا الوضع على حضرموت، مطالباً بمعالجة الاختلالات الأمنية، حيث قال: “الأمور التي تجري في عدن بحاجة إلى استقرار أمني من خلال بناء منظومة أمنية بأيدي أبنائها. المشهد الحالي في عدن لا يبشر بعودة مؤسسات الدولة. نحتاج إلى رؤية إيجابية في هذا السياق. هناك العديد من الاختلالات الأمنية في عدن، وهذا ينعكس بشكل تلقائي على المناطق المحررة الأخرى”.

وتابع: “اليوم، هناك مشهد مختلف في حضرموت، يتجلى في المخاوف مما يحدث في عدن. علينا معالجة هذا الاختلال الأمني، ليصبح الأمن ركيزة أساسية لبناء المؤسسة الأمنية. هناك قصور كبير في هذه المؤسسة، أو أنها لا توجد أساساً، بل مجرد جماعات وأسماء متفرقة، ويجب أن يتم إصلاح هذا الوضع من خلال وضع أسس لبناء مؤسسة أمنية تقوم على القانون وسيادته”.

وأضاف: “اليوم، توجد قوى أمنية أو جماعات أمنية متعددة بتسميات وتوجهات مختلفة، وهذا الوضع يجب معالجته. نحن قدمنا خلال نقاشاتنا، وكذلك في مقترحاتنا المكتوبة والمقدمة إلى المجلس الرئاسي، توصيات بتبني هذه القضايا، لأننا بحاجة إلى أمن حقيقي في عدن يعكس الدور الوطني المحلي لأبنائها. وهذا يتطلب إعادة بناء البنية التحتية الأمنية”.

الحديدة: قاعدة إيرانية في قلب البحر الأحمر ومخاطر الحوثيين تتفاقم

يشدد مكاوي على أن الحديدة تحولت إلى قاعدة عسكرية إيرانية باستخدام الحوثيين، وقد تم بناء هذه القاعدة على مدى السنوات العشر الماضية. ويشير إلى أن الحوثيين يستدرجون أطرافاً خارجية للتدخل في الحرب.

قال: “منذ سنوات عديدة ونحن نتحدث عن أن الحديدة قاعدة عسكرية إيرانية بأدواتها الحوثية، لكن في اعتقادي كان يتم تجاهل هذا الأمر أو عدم الاهتمام به، رغم أن هذه القاعدة تقع على رأس البحر الأحمر. يجب أن ندرك أن هذا الموقع سيتحول يوماً ما إلى قاعدة هيكلية، وقد تمكنوا من بنائها خلال السنوات العشر الماضية”.

وأضاف: “ما تكشف اليوم يدل على أن ادعاءاتهم بأن الحوثيين ينطلقون من داخل اليمن ليست إلا محاولة لخلق مخاطر جديدة على اليمن واستدعاء التدخل الخارجي في الحرب ضدنا. أعتقد أن هذه مسألة خطيرة، ويجب على المجتمع الدولي أن يتعامل معها بجدية. المؤشرات واضحة اليوم على أن هذه الجماعة لا تقبل السلام، وأنها مستعدة لانتهاك كل شيء لتحقيق أهدافها”.

الدمار البيئي في البحر الأحمر: سلاح الحوثيين لصالح أجندات خارجية تهدد اليمن والملاحة

وأشار مكاوي في حديثه لـأخبار الآن إلى تدمير البيئة البحرية في اليمن بسبب ممارسات الحوثيين التي تخدم أجندات خارجية، مع التأثيرات الخطيرة على الملاحة الدولية وعلى الصيادين اليمنيين. كما أكد على ضرورة إعادة بناء الجيش الوطني لمواجهة النفوذ الإيراني وتقسيم اليمن وفق نموذج ولاية الفقيه.

قال مكاوي: “ما يجري من تدمير للبيئة البحرية في منطقتنا يظهر أن المسؤول عن هذا التدمير ليس يمنياً، وإن ادعى ذلك، ولكنه ينفذ سياسات لا تمثل العقل اليمني. اليوم، الدلائل واضحة؛ فالبواخر التي تم استهدافها في المنطقة، والتي كانت تحمل مواد مختلفة، حتى المواد النفطية، تسببت بتأثيرات سلبية جداً على البيئة البحرية. كما أن تأثيرها يمتد إلى الملاحة الدولية، حيث تعطل هذه المنطقة وتحولها إلى منطقة ملاحية محفوفة بالمخاطر. ما يحدث فعلياً هو استهداف مباشر لليمنيين”.

وأضاف: “على سبيل المثال، تأثر دخل الصيادين بشكل كبير بسبب تسرب المواد الكيميائية التي تؤثر سلباً على الأحياء البحرية في المياه الإقليمية اليمنية. فكل هذه المواد السامة المتسربة من البواخر تؤثر على الأسماك التي يصطادونها وعلى الهواء الذي يتنفسونه. الحوثيون يعملون كأداة لقوى خارجية، وعلى رأسها إيران. اليوم، على المجتمع الدولي أن يعيد النظر في تركيبة هذه الجماعة ودعمها، والوقوف بوجه الجهات التي تمولها”.

مستشار الرئيس اليمني: أرفض سعي إيران فرض ولاية الفقيه على اليمن عبر الحوثيين أو القاعدة

قال مكاوي: “الأدلة واضحة، أولاً في مسألة وصول السلاح إلى الحوثيين: كيف يصل السلاح إليهم ويمر أمام الجميع دون أن يتم إيقافه؟ الأمر الثاني يتعلق بعملية إغراق بعض السفن. إمكانيات الحوثيين كانت محدودة، ولكنها تضخمت اليوم، حيث أصبح لديهم صواريخ تُطلق هنا وهناك. هذه الصواريخ حوثية، ولكن القدرات والتقنيات التي وصلت إليهم دليل واضح على تورط إيران. أنا أحدد إيران كراعٍ للإرهاب في العالم، وأعتقد أن هذا واضح للعالم أجمع، ولا يحتاج إلى أدلة إضافية إلا في إطار المحاكم الدولية. ما تم تقديمه في لاهاي من أدلة كثيرة يثبت تورط الحوثيين في تدمير اليمن بمساعدة خارجية”.

وأوضح مكاوي في حديثه لـأخبار الآن أنه يجب تعزيز بناء الجيش الوطني اليمني ليكون قوة موحدة وقادرة على التصدي للعدوان الحوثي، مما سيحد من نفوذ إيران ويساهم في استقرار البلاد.

وقال: “يجب تقوية الجيش الوطني وإعادة بنائه وترتيبه بشكل حقيقي بما يمكنه من ردع هذه الاعتداءات. أعتقد أن ذلك سيحد من قدرة إيران على التدخل في اليمن. نحن طالبنا بهذا منذ وقت مبكر. يجب تعزيز بنيان الجيش اليمني، شمالاً وجنوباً، على أساس رؤية وطنية تمكنه من صد العدوان الحوثي على أراضينا”.

مستشار الرئيس اليمني: أرفض سعي إيران فرض ولاية الفقيه على اليمن عبر الحوثيين أو القاعدة

“نحن لا نمتلك إلا أن يكون هناك دعم حقيقي لإعادة بناء القوات المسلحة بحيث أنها تكون قوات مسلحة وطنية تمثل الشمال والجنوب كما أقر في مخرجات الحوار الوطني في ما يتعلق ببناء الجيش بأن تكون هناك قوات يمنية وطنية تتشكل في محافظات الجنوب بحصص متوازية وكذلك الحال في الشمال ليتشكل جيش وطني موحد  يواجه ما يحاول الحوثيون بناءه على الطراز الإيراني من خلال تقسيم اليمن إلى كونتونات متعددة لن يرى اليمن من خلال قيامها إلا قتال مستمر وحرب مستمرة بين أبنائه ليصبح في إطار ولاية الفقيه”.

“أنا أوجه بعض الانتقاد لمن يعتبر أن مجموعة الحوثي عبارة عن أقلية ضعيفة كما يروج في أوروبا وأنا أوجه الانتقاد لهذه الدول بأنها هي من ساهمت في تعزيز الدور السياسي لهذه المجموعة وقوت عودها سياسيا في كثير من المنعطفات وهذا أيضا بحاجة إلى المراجعة، ولاية الفقيه لن تكون في اليمن إلا من أجل تمزيق اليمن بشكل أكبر وتدمير بنيانه المجتمعي”.

تحالفات خفية: الحوثيون والقاعدة تحت رعاية إيران وخطر الإرهاب المتجدد في المناطق المحررة

تحدث مكاوي في حديثه لـ أخبار الآن عن تقاطع المصالح بين الحوثيين والقاعدة ودور إيران في رعاية الجماعات الإرهابية. كما أشار إلى ضرورة توحيد الجهود الأمنية وتشكيل قوة أمنية من أبناء المناطق لمواجهة التهديدات الإرهابية بشكل فعال، مع التركيز على الانتماء الوطني والمؤسسي لهذه القوى.

قال: “نحن نعرف منذ الوهلة الأولى لانقلاب الحوثي على الدولة كان هناك تقاطع بين الحوثيين والقاعدة ولدينا بعض الأدلة في  مرحلة من المراحل الأولى عندما كان هناك تحرير مناطق من القاعدة مثل حضرموت، كان الحوثيون يشددون هجماتهم في بعض المناطق لتشتيت المقاومة الوطنية في مواجهة القاعدة وهذه من الدلائل التي نعتقد بأنها تحدد حالة التقاطع بين الحوثيين والقاعدة.”

وتابع:”إيران هي راعية للإرهاب في كل مكان عندما كانت هناك هجمات على القاعدة في أفغانستان واشتدت هذه المحاربة  ماذا جرى جحافل عديدة من القاعدة وقيادات عديدة من القاعدة توجهت وحتى أولاد بن لادن توجهوا باتجاه إيران وهناك عديد من القيادات وأنا اعتقد أن هذا الأمر واضح وليس بخافي على الجميع”.

مستشار الرئيس اليمني: أرفض سعي إيران فرض ولاية الفقيه على اليمن عبر الحوثيين أو القاعدة

قال مكاوي: “إيران كانت الحاضنة لهذه الجماعات الإرهابية، وهي تدعم أي جماعة إرهابية في أي مكان. القاعدة تهدد دائماً بالعودة إلى المناطق المحررة، وهذا يعزز الحاجة إلى دور أمني موحد، حيث تتضافر الجهود لتشكيل قوى أمنية مؤسسية تمثل كل منطقة. أبناء كل منطقة هم الأقدر على حماية أمنهم، لأنهم يدركون حجم الخطر الذي يواجههم، والمتمثل في وجود القاعدة. لهذا السبب، يجب أن يتم بناء مؤسسات أمنية محلية تعتمد على أبناء المنطقة نفسها، مع توحيد القرار الأمني، ما يساهم في مواجهة القاعدة بشكل أكثر فعالية. يجب التركيز على نوعية التسليح والانتماء الوطني لهذه القوى الأمنية، وكذلك انتمائها للمناطق التي تمثلها. هذا الانتماء الوطني يخلق قوة فعالة لمواجهة الإرهاب من خلال التنسيق بين الجيش الوطني والقوى الأمنية، كما حدث في الماضي”.

خارطة السلام في مهب الريح: الحوثيون يقوّضون جهود وقف الحرب بتلغيم البحر الأحمر

وفيما يتعلق بمسار خارطة السلام بين الحوثيين والحكومة الشرعية، أشار مكاوي إلى قبول الخارطة رغم عيوبها بهدف إنهاء الحرب، إلا أنه أكد أن الحوثيين لا يلتزمون بها، مما يستدعي إعادة النظر في الحلول المطروحة لتحقيق سلام حقيقي، حيث تفتقر الجماعة إلى رغبة صادقة في السلام.

قال مكاوي: “بالرغم من أننا جميعاً رحبنا بهذه الخارطة، رغم مساوئها وتعجيزها للوجود الحوثي في البلاد، إلا أننا قبلناها كحل لوقف الحرب، لأننا نسعى جميعاً لوقف الحرب ونشر السلام. اليوم، بعد عشر سنوات من الحرب والانقلاب، اليمن يعاني، والمتضرر الأول هو شعبه، وكذلك دول الجوار. الحوثيون اليوم يضربون خارطة السلام عرض الحائط من خلال تلغيم البحر الأحمر وتحت ادعاءات غير حقيقية. لقد أصبحت الخارطة في مهب الريح، ويجب إعادة النظر فيها. برغم أننا نسعى للسلام، إلا أن هذه الجماعة لا تمتلك أي رغبة في تحقيقه، وهذا أصبح واضحاً”.

من المساعدات الإنسانية إلى تعزيز الحوثيين: كيف يتسرب الدعم الأممي للإرهاب

انتقدت الحكومة اليمنية مؤخراً تقصير الأمم المتحدة في حماية موظفي وكالاتها من انتهاكات الحوثيين، ودعت إلى اتخاذ تدابير ضاغطة لإجبار الجماعة على إطلاق المعتقلين ووقف تدخلاتها في العمل الإنساني.

وفي هذا السياق، قال مكاوي: “للأسف، مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة يتعامل بسلبية مطلقة، خاصة فيما يتعلق بالحالة الإنسانية. تم منح الحوثيين المزيد من الموارد ليمارسوا أبشع صور الانتهاكات ضد المواطنين. مكتب المبعوث الخاص يراعي الإرهابيين أكثر مما يراعي المجتمع الذي يعيش تحت وطأة الكارثة. المليارات التي تُدفع تحت بند الحالة الإنسانية تذهب مباشرة إلى الحوثيين، وتتحول إلى مجهود حربي يُستخدم ضد المجتمع اليمني ودول الجوار”.