بعد سنواتٍ من الأزمات السياسية والاقتصادية.. أعلنت سريلانكا التي تُعاني نقصًا في العملات الأجنبية، أنها ستتخلّف عن سداد ديونها والتي وصلت قيمتها إلى واحد وخمسين مليار دولار، بانتظار خطةِ إنقاذ من صندوق النقد الدولي، في وقتٍ تواجه البلاد أسوأ ركود منذ استقلالها في العام ألفٍ وتسعمائة وثمانية وأربعين.
أدت الأوضاع الاقتصادية الصعبة في سيرلانكا، والتي وصلت حد الاقتراض لشراء المواد الغذائية إلى حدوث اضطرابات، فاحتل متظاهرون مكتب الرئيس غوتابايا راجابا كسا، مطالبين إياه بالتنحي.
وفي العادة تُعطى الدول مهلة 30 يوما من تاريخ استحقاق دفعات القروض لكي تدفع ما عليها، وإذا لم يحدث يُعلن أنها دولة متخلفة عن السداد، أي مفلسة.
والحل المطروح لتفادي الإفلاس هو إعادة جدولة القروض وشروطها أو شطب جزء منها، ويطلق حينها على الدولة صفة “المتعثرة”، وهو ما تسعى إليه سيرلانكا، حيث تريد إجراء محادثات مع صندوق النقد الدولي.
وطلبت سريلانكا من الهند والصين تخفيف ديونها، إلا أن هاتين الدولتين فضلتا منحها المزيد من خطوط الائتمان التي تسمحُ لها بشراء المواد الأساسية.. وبعيدا عن الهند وتركيزًا على الصين، فهي الدولة التي لطالما قالت “نعم” لأي طلب طلبته سيرلانكا على مدار سنوات
في كل مرة لجأ راجاباكسا، إلى حلفائه الصينيين للحصول على قروض أو المساعدة في مشروع ميناء طموح، كانت الصين حاضرة.
ثم ماذا؟؟
اضطرت سريلانكا إلى تسليم ميناء “هامبا نتوتا” الجنوبي للصين بموجب عقد إيجار مدته تسعةً وتسعون عامًا، بعد فشلها في سداد أقساط الديون التي حصلت عليها لتمويل بناء المشروع الذي فشل أيضًا في تحقيق العائدات المرجوة.
عملية التسليم تلك أثارت مخاوف داخلية ليس فقط في سريلانكا وإنما على صعيد عالمي، كما تسببت في قلق لدى القوى العسكرية الكبرى مثل الولايات المتحدة واليابان والهند من احتمال استخدام مثل هذه البنى التحتية كقواعد عسكرية لتقويض نفوذ الخصوم الإقليميين.
هذه الواقعة، والتي سبقها إغداق الصين للأموال على المشاريع في سريلانكا وغيرها من البلدان في آسيا وإفريقيا، كانت سببًا في إبراز مصطلح “فخ الديون الصيني”، حيث يعتبر محللون كُثر أن بكين تستخدم الديون كجزء من سياستها الخارجية للتودد إلى البلدان المتطلعة للتمويل الرخيص.
ويصف هذا المصطلح نهج الصين تجاه بعض البلدان النامية، والذي لا يتوقف عند كونه سبيلًا للتقارب بين البلدين، حيث يُعتقد أن الصين تهدف من الإفراط في إقراض هذه الدول إلى تحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية عند عجزها عن الوفاء بالتزامات الدين.