تركيا تلوح مجددا بشن عملية عسكرية شمال سوريا
يشعر حلفاء الولايات المتحدة في شمال شرق سوريا بقلق متزايد من عزم تركيا شن عملية عسكرية جديدة في المنطقة، محذرين من أن ذلك قد يشجع ويقوي التنظيمات الإرهابية في المنطقة، وخاصة تنظيم داعش.
واشنطن كانت واضحة في تحذيرها أنقرة، خصوصاً وأن قوات سوريا الديمقراطية تقوم بحماية عشرات السجون التي تضم عشرات الآلاف من معتقلي التنظيم، وبدء عمل عسكري في الشمال يعني أن تلك القوات ستركز جهودها على حماية أراضيها بدلاً من احتواء خطر داعش الذي نفذ قبل أربعة أشهر هجوماً واسعاً استمر أسبوعاً على سجن غويران ما يؤكد انه لايزال قادراً على تشكيل تهديد حقيقي.
وفي هذا الخصوص يقول الكاتب والمحلل السياسي حازم الغبرة لبرنامج ستديو الآن:”لا أعتقد أن هناك أي حاجة لعملية عسكرية في شمال سوريا، الذي لايزال يتعافى من ويلات الحرب والإرهاب، وهناك اتفاق وقف إطلاق نار واضح وقع عام 2019 وكانت الولايات المتحدة طرفاً فيه”.
ويضيف:” من الخطأ الفادح أن تهرب تركيا من مشاكلها الداخلية والاقتصادية عبر إشعال جبهة من الأفضل لسكانها وللشعب التركي ان تبقى هادئة دون التسبب بمزيد من الخراب”.
وأشار إلى أن “التغيير الديمغرافي الذي قد ينتج عن هذه العملية من خلال توطين أكثر من مليون لاجئ سوري في منطقة ليس فيها خدمات وبنية تحتية، هو أمر خطر جداً”.
وأضاف: “هناك وضع جيوسياسي معين في الناتو من جهة وأيضاً في سوريا مع انحسار الدور الروسي هيأ للتفكير بمثل هذه العملية العسكرية، ونأسف أن تنشغل تركيا بهذه الأزمة مع الأكراد وتفكر بعمل عسكري مع أنها يمكن ان تحل سياسياً بشكل أسرع وأبسط، ومن مصلحة تركيا أن يكون لديها علاقة جيدة مع جيرانها
وعن تأثير العملية التركية على جهود مكافحة الإرهاب يقول الغبرة:” قوات سوريا الديمقراطية رغم استبسالها في مقاتلة داعش إلا أننا لا نتحدث عن جيش كبير يمكنه الانخراط في أكثر من جبهة، وبالتالي أي تحرك تركي يشغل قوات سوريا الديمقراطية عن السيطرة على سجون داعش ومناطق تواجد عناصر التنظيم
من جهته يرى ماهر فرغلي الباحث المتخصص في شؤون الإسلام السياسي والجماعات المتطرفة “أن تلويح تركيا بالعملية العسكرية شمال سوريا ما هو إلا مناورة سياسية للضغط على الولايات المتحدة بشأن انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي”.
تلويح تركيا بالعملية العسكرية شمال سوريا ما هو إلا مناورة سياسية للضغط على الولايات المتحدة
ماهر فرغلي- باحث متخصص في شؤون الإسلام السياسي والجماعات المتطرفة
ويعتقد أن “هناك صعوبات كبيرة تواجه هذه العملية العسكرية منها تردد تركيا ورفض واشنطن والتلويح بالمقاومة من قوات سوريا الديمقراطية، وإذا ما بدأت تركيا هذه العملية فعلاً فإنها ستؤثر بشكل كبير على تنظيم داعش وعودته إلى تلك المنطقة”.
ويضيف:” داعش بعد مقتل زعيمه وتعيين زعيم جديد بدأ موجة إرهابية كبيرة من خلال الهجوم على سجن غويران وإطلاق حملة الثأر للشيخين وكذلك عمليات عدة خارج العراق وسوريا”.
وأكمل يقول: “يتواجد داعش في صحراء شاسعة بين منطقة الباغوس والرقة العاصمة القديمة للتنظيم ويقوده أبو عمر العراقي، وهو يعود ببطء نتيجة لعدة عوامل منها التوتر وعدم الاستقرار وغياب الخدمات والتنمية في هذه المنطقة، وبالتالي إشغال الأكراد بحرب مع تركيا سيؤثر بشكل كبير على جهود مكافحة داعش ويجعل التنظيم يعود بقوة، خصوصاً وأن قوات سوريا الديمقراطية تتولى حماية سجون داعش وملاحقة فلوله”.
وعلى الرغم من تأكيد مجلس الأمن القومي التركي أن أي عمل عسكري “لن يستهدف سلامة أراضي جيراننا وسيادتهم بأي شكل من الأشكال”، إلا أن مسؤولين في قوات سوريا الديمقراطية “قسد” قالوا إن التوغل التركي قد يؤدي إلى “كارثة”، وفقا لموقع “فويس أوف أميركا” .
ونقل الموقع عن مصدر مقرب من قيادة “قسد” أن أي عملية عسكرية تركية “ستحول تركيزنا نحو مواجهتها، لأن الدفاع عن أراضيك أولوية أعلى بكثير من محاربة داعش في المناطق غير الكردية”.
وتابع المصدر أن العملية التركية “ستعرقل حراسة الآلاف من أسرى داعش والعمليات الأسبوعية الجارية ضد التنظيم في المنطقة”.
وأضاف المصدر، الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، لأنه غير مخول بالحديث مع وسائل الإعلام، أن “السجون التي تضم عناصر داعش ستكون أكثر عرضة لمحاولات الهروب من الآن”.
كما أعرب مسؤولون أكراد آخرون عن قلقهم بشأن ضمان أمن عشرات السجون في شمال شرق سوريا، والتي تضم حاليا حوالي 10000 من مقاتلي داعش، مشيرين إلى أن بعض هذه السجون موجودة في مناطق قد تستهدفها القوات التركية.
ويحذر مسؤولون أكراد آخرون من أن تنظيم “داعش” يزداد قوة، مستشهدين بذلك بالعملية التي نفذها التنظيم قبل أربعة أشهر واستمرت أسبوعا في محاولة منهم لتحرير مئات المعتقلين في سجن بمدينة الحسكة.
ويشير الموقع إلى أن المسؤولين الأكراد تواصلوا مع الولايات المتحدة للتعبير عن مخاوفهم من التوغل التركي المحتمل، وهي رسالة تردَّد صداها في واشنطن.