أعلن مسؤولون أوكرانيون أنّ روسيا أرسلت تعزيزات إلى سيفيرودونتسك، حيث يدور قتال شرس في الشوارع في الأيّام الأخيرة، في الوقت الذي تضغط فيه للسيطرة على ما تبقى من المدينة ذات الأهمية الإستراتيجية.
- روسيا تواجه مقاومة شرسة من قبل القوات الأوكرانية في الشرق الأوكراني
- المرتزقة الروسية تجمع عناصر من دول مختلفة للقتال في أوكرانيا لكسب الحرب
- مسؤولة أممية لأخبار الآن: وصلتنا معلومات عن عمليات نقل مرتزقة إلى أوكرانيا
- جرائم فاغنر في مدينة بوتشا ومناطق أوكرانية أخرى تصنّف على أنّها جرائم حرب
- “أخبار الآن” تكشف عن تسجيل مسرّب لأحد مندوبي شركات تجنيد المرتزقة في سوريا
- تقديرات بنشر ما بين 10 آلاف و20 ألف مرتزق من سوريا وليبيا وأماكن أخرى في أوكرانيا
- نائب أوروبي: العقوبات على روسيا نقطة تحول ستغيّر مجرى العلاقات مع موسكو
روسيا تحاول السيطرة على منطقة دونباس الشرقية في أوكرانيا لكنّها تلقى مواجهة شرسة من قبل القوات الأوكرانية
وقد اقتحمت القوات الروسية سيفيرودونتسك قبل أسبوع كجزء من جهد أوسع للسيطرة على منطقة دونباس الشرقية، التي تركزت جهود موسكو بعد سحب القوات من محيط العاصمة كييف وشمال أوكرانيا في مارس الماضي. في المقابل، كافحت القوات الأوكرانية لصدّ التقدم الروسي المدعوم بالمدفعية الثقيلة في الشرق، لكنّ مقاومتها تصاعدت في سيفيرودونتسك. وقالت هيئة الأركان العامة للقوّات المسلّحة الأوكرانية إنّ الوحدات الروسية في سيفيرودونتسك تمّ تعزيزها بحشد مزيد من القوّات.
وكان سيرهي هايدي، حاكم منطقة لوهانسك حيث تقع سيفيرودونتسك والتي هي جزء من دونباس، أوضح أنّ القوات الأوكرانية استعادت أراض من القوّات الروسية التي سيطرت على حوالي 70 % من المدينة، فيما كان وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو، قال في اجتماع مع الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، إنّ موسكو ستسرّع العمليات العسكرية في أوكرانيا.
فاغنر مرّوا من هنا..
ما يجري في أوكرانيا قد يكون أكثر إجراماً ممّا حدث في سوريا، ذلك ما أوحت به الصور التي وردت من بوتشا نهاية مارس الماضي، عندما انسحبت القوّات الروسية من تلك الضاحية القريبة من العاصمة الأوكرانية كييف، تاركةً خلفها علامات على احتلالها المميت ليراه العالم. هناك، تناثرت الجثث في الشوارع، تحوّلت المنازل إلى أنقاض، فيما تحوّل حقل إلى مقبرة جماعية.
أحد الناجين في بوتشا نقل أنّ الجنود الروس كلنوا يصفون أوكرانيا بأنّها قصةٌ خيالية بالمقارنة مع سوريا
مع بدء المدعين العامين الأوكرانيين والدوليين العمل على تحديد المسؤولين عن الفظائع المزعومة تلك، تمّ العثور على أدلّة حيوية لهويات المجموعات والأفراد من الجنود والوحدات العسكرية الروسية، التي كانت موجودة أثناء الإحتلال الدموي.. فاغنر مرّوا من هنا. ممثلو الإدعاء الأوكرانيون قالوا إنّهم يحققون في أكثر من تسعة آلاف جريمة حرب محتملة، ارتكبتها القوات الروسية.
وقد أصدر الإدعاء أسماء وصور 8 رجال مطلوبين لارتكابهم جرائم حرب، بما في ذلك القتل والتعذيب. ويعتقد أنّ العديد منهم قاتلوا في سوريا، وهؤلاء هم جنود روس، عناصر من مجموعة فاغنر، وآخرون من المرتزقة البيلاروسيين. وقد اتُهم مقاتلان من مجموعة فاغنر من بيلاروسيا بقتل مدنيين قرب كييف، ما يجعلهما أوّل مرتزقة دوليين يواجهون اتهامات بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.
وفقاً لخبراء تحدثوا في برلمان المملكة المتحدة مؤخراً، فقد تسبّبت الحرب في أوكرانيا في القضاء على آلاف العناصر من مجموعة فاغنر، التي نشرتها روسيا في الصراع في أوكرانيا. وقال كريستو غروزيف، المدير التنفيذي لموقع بيلينكات الإستقصائي على الإنترنت، في تقديم الأدلّة إلى لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم، إنّ 3 آلاف عضو في الشركة العسكرية الروسية الخاصة، قُتلوا في ساحة المعركة. وقال إنّ مصادر داخل المجموعة، وهي الأكبر من بين ثلاث مجموعات مرتزقة متورطة في النزاع، أبلغتهم أنّ الأعداد التي تقاتل إلى جانب القوات الروسية كانت أعلى بكثير ممّا كان متوقعاً.
وتابع: كان بينهم 200 فرد أرسلوا إلى كييف قبل النزاع لاستكشاف واغتيال الشخصيات السياسية، بينما تمّ نشر عدد كبير مع قوافل أتت من بيلاروسيا باتجاه العاصمة. وقال إنّهم كانوا موجودين أيضاً في بوتشا، حيث تمّ اكتشاف أفظع الأدلّة على جرائم الحرب.
أعداد الضحايا مازالت ترتفع
“أخبار الآن” تحدّثت إلى الصحافي الأوكراني الميداني ديمتري سيلفيني (Dimitry Silviny)، وقد شرح بعض التفاصيل عن حجم التواجد للفاغنر، والجرائم التي ارتكبت في بوتشا ومحيطها. فقال: “كصحافي تمكّنت من زيارة أماكن يتواجد فيها الروس، وقد تحدثت مطوّلاً مع الناس، ورأيت وسمعت الكثير، كلّ المدن والقرى المحتلة هي عبارة عن منطقة واحدة شهدت جرائم حرب، إعدام المدنيين، الإغتصاب والتعذيب، لسوء الحظ كل تلك الأمور حقيقية. المرّة الأخيرة التي حصل فيها أمر مماثل على الأراضي الأوكرانية كان خلال الحرب العالمية الثانية، لكن كما يذكر التاريخ، فإنّ الألمان لم يتصرفوا بوحشية كما فعل الروس”.
وتابع: “المرتزقة من الشركة العسكرية الخاصة فاغنر يحاربون بكامل قوتهم تقريباً في أوكرانيا، وهم يتميّزون بالقسوة، من تمّ اعتقاله سيساق إلى العدالة قريباً، وهناك أدلّة كثيرة على تورّطهم في القتل والعنف بحق المدنيين وضمنها بوتشا، والتحقيق جار الآن، مثلاً يجري الآن تحقيق حول عملية القتل التي حصلت في قرية ماتيجن، تلك القرية تقع قرب بوتشا وكييف، ووفقاً للتحقيقات فإنّ المحتلون نفذوا 14 عملية تعذيب تندرج تحت إطار جرائم الحرب، بعد التعذيب لم ينجُ سوى ثلاثة أشخاص كما أنّ العديد من المقابر الجماعية يعثر عليها الآن في الغابات القريبة من بوتشا، ونحن لا نعلم حتى الآن العدد الدقيق للأشخاص الذين قتلوا هناك، والعدد يتزايد وقد وصل الرقم إلى خمسة آلاف ضحية في بوتشا”.
“فاغنر في أوكرانيا من دون أدنى شك”
وفي لقاء خاص مع “أخبار الآن“، قال وزير الخارجية الفرنسي السابق، إريفيه دو شاريت (Hervet de Charette)، ردّاً عل احتمال تواجد عناصر فاغنر في أوكرانيا، إنّ “ذلك أمر لا يحتمل الشك، أعتقد أنّ ذلك مؤكّد”، مضيفاً: “عندما تتدخل الميليشيا ضمن إطار المعارك التي تشنّها روسيا، تصبح في خدمة الجيش الروسي، وعلماً بأنّها لم تتوقف عن ذلك يوماً، تصبح من جديد وسيلة عسكرية تخدم مصالح السياسة، وبالتالي هناك شيشان يحاربون على الجبهة الروسية وهناك ميليشيا فاغنر. كما هناك ميليشيات أخرى كانت تعمل في الجمهوريات الفدرالية التابعة لروسيا والتي يتمّ رصدها في المعارك في دونباس، فتلك مسألة محتّمة”.
الأمم المتحدة: معلومات لدينا حول نقل مرتزقة إلى أوكرانيا
حتى الآن ليس هناك من معلومات متوفرة أو دقيقة لدى الأمم المتحدة، بشأن مجموعة فاغنر في أوكرانيا، لكنّ سورخا ماكلويد (Sorcha MacLeod) وهي رئيسة المجموعة المعنية باستخدام المرتزقة التابعة للمنظمة الأممية، أشارت لـ”أخبار الآن” إلى أنّ “هناك وجه شبه بين تلك الجرائم التي حصلت في بوتشا وما يحصل في دول أخرى تتواجد فيها مجموعة فاغنر.
وقالت: “لا يمكنني التعليق تحديداً على ما حصل في بوتشا، لكن ما يمكنني قوله هو أنّ هناك نمطاً من العنف والأعمال الوحشية المرتبطة بمجموعة فاغنر، فمثلاً في سوريا رأينا تعذيباً وعمليات قتل لأحد الأفراد على يد أحد أعضاء فاغنر، وفي ليبيا شهدنا أعمال قتل، كذلك في جمهورية أفريقيا الوسطى رأينا عمليات قتل وتعذيب، حالات إخفاء قسري واعتقالات تعسفية، والعنف القائم على الجنس. إذاً نحن شهدنا عمليات عنف عديدة، وفي بعض الحالات جرائم حرب مرتبطة بمجموعة فاغنر، وهم كانوا يستهدفون المدنيين بشكل عشوائي، وذلك يصنّف كجريمة حرب”.
وعمّا إذا كانت المجموعة تقوداً ربّما تحقيقاً في تلك الجرائم، والتحقق من وجود فاغنر، ردّت سورخا بإنّ عمل الجموعة الأممية قائم على شكاوى تقدم من الضحايا، موضحةً: “فريق عمل الأمم المتحدة المعني باستخدام المرتزقة لا يعمل لصالح الأمم المتحدة، نحن خبراء مستقلون في مجال حقوق الإنسان، ونحن لسنا جسماً إستقصائياً أيضاً، نحن نرد على ما يسمى الطلبات المقدّمة من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، يمكن لأيّ كان أن يتواصل معنا عبر توجيه رسالة تتضمن مزاعم حول انتهاكات حقوق الإنسان التي تقع في نطاق اختصاصنا. وما يمكنني قوله هو أنّنا تلقينا رسائل من ليبيا وأفريقيا الوسطى وسوريا، وحالياً نحن نراقب الوضع في أوكرانيا”.
ولفتت إلى أنّ “فريق العمل وصلته معلومات عن عمليات نقل مرتزقة إلى أوكرانيا، لكن لا يمكنني التعليق على ذلك حالياً، لكن ما يمكنني أن أوكّده هو أنّه لا تزال تتواجد مجموعات من المرتزقة في جمهورية وسط أفريقيا وفي ليبيا”.
“أخبار الآن” تحصل على تسريبات صوتية لأحد مندوبي الشركات الأمنية الخاصة.. ماذا جاء فيها؟
في ذلك الإطار، تؤكّد معلومات صحافية ميدانية للفريق الإستقصائي في “أخبار الآن“، أنّ عملية تسجيل المرتزقة الراغبين بالقتال إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا، بدأت مع إعلان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، عن وجود مقاتلين في الشرق الأوسط مستعدين للإنضمام إلى الجبهة الأوكرانية، وذلك استمر لنحو شهرين وانتهت. وهنا يقول الصحافي نورس عزيز، الذي عمل على ملف تجنيد السوريين لـ”أخبار الآن”، إنّ “قاعدة حميميم هي قاعدة الربط بين روسيا وأي دولة جديدة تريد تشغيل ميليشياتها فيها، مثل ليبيا والسودان ودول إفريقية، هي مركز العمليات الاساساي الموجود على البحر المتوسط حيث يتم ادارة كل الملفات ومن ضمنها الأمنية السورية المتخصصة برئاسة الجمهورية”.
في السياق، تمكّن الفريق الإستقصائي في “أخبار الآن“، من الحصول على تسريبات صوتية حصرية، لأحد مندوبي الشركات الأمنية الخاصة. في تلك التسريبات، يلقن المندوب الذين أخذوا خيار الذهاب إلى أوكرانيا للقتال، بالجواب فيما لو سئلوا عن دافع الذهاب إلى هناك، وهو في سبيل “إعادة تكوين الإتحاد السوفياتي”.
دوكسي: تم الإبلاغ عن نحو 1000 عنصر من مجموعة فاغنر في أوكرانيا
وفي أعقاب تنامي استقدام روسيا لعناصر فاغنر، مديرة برنامج التهديدات العابرة للدول بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية كاترينا دوكسي، تحدّثت عن دور مليشيات فاغنر في أوكرانيا، وكيف يستفيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منهم، فقالت: “الآن في ما يتعلق بأوكرانيا نفسها، فقد تم الإبلاغ عن نحو ألف عنصر من مجموعة فاغنر في أوكرانيا، لا يمكن التحقق من دقة الأرقام، فقد كانوا متمايزين للغاية في أنشطتهم. لكن هناك تقارير تعود إلى شهري يناير وفبراير، تفيد بإعادة انتشار بعض مجموعات الشركات العسكرية الخاصة من أماكن أخرى مثل جمهورية إفريقيا الوسطى ودول أخرى في إفريقيا للانتقال إلى أوكرانيا والمنطقة المحيطة بها. بقدر ما أستطيع أن أقول، كان ذلك نطاقًا صغيرًا جدًا ربما كان عبارة عن بضع عشرات من الفرق وربما مئات المجموعات القادمة من موقع ما، ولكن ما يخبرني به ذلك هو أنه من المحتمل أنهم يأخذون أفرادًا كانوا ينشطون في بلد مثل جمهورية إفريقيا الوسطى لفترة طويلة من الزمن والذين يتمتعون بقدرة أفضل على التدريب بشكل أفضل، وقد تم نقلهم إلى الأمام إلى حيث يعطون الأولوية”.
وتابعت: “قد نستمر في رؤية المهارات التي رأيناها سابقاً من خلال عمليات نشر الشركات العسكرية الخاصة الأخرى، وأعتقد أنه يمكننا تعلم الكثير من نجاحاتها وإخفاقاتها في المسارح الأخرى. أعتقد أن الطرف الآخر يفكر في كيفية قيام الموقف الروسي الأوسع باستخدام الشركات العسكرية الخاصة للإبلاغ عن المهام التي يقومون بها في أوكرانيا. لقد رأينا أن الحكومة الروسية تستخدم الشركات العسكرية الخاصة كوسيلة للحصول على مستوى معين من الإنكار من حيث ما تفعله لتجنب العقوبات بدلاً من التهرب من العقوبات، وما يحاسب عليه القانون الدولي المتعلق بجرائم الحرب ضد الإنسانية أو بكل بساطة ممارسة ضغطًا جيوسياسيًا دون إشعال صراع دولي. يمكنهم جعل الشركات العسكرية الخاصة تخاطر بشكل أكبر مع الفرق الروسية الرسمية، لأن هذه الشركات ليست روسية بشكل رسمي وليست جزءاً من الجيش الروسي بشكل رسمي، والحكومة الروسية تستخدمها بقدر أكبر بكثير من التوسع ولديها القليل جدًا من المساءلة تجاه ما يحدث لصالح ذلك الرجل. لذلك من المحتمل أن نرى روسيا تواصل استخدام الشركات العسكرية الخاصة كخط أمامي يأخذ على عاتقه مهمة أكثر خطورة في عمل أكثر تحديدًا، وجعلها تقوم بمعظم الأعمال اليومية التي لا تريد الفرق الروسية الرسمية إنجازها”.
اعتراض محادثات تفيد بخسائر فادحة تكبدتها القوات الروسية
ثمّة محادثة اعترضتها دائرة الأمن الأوكرانية، تفيد بأنّ القوّات المسلّحة الأوكرانية قضت على وحدة كبيرة من مجموعة فاغنر الروسية في الشرق الأوكراني، وفق ما نشرت دائرة الأمن الأوكرانية على Telegram، وذلك أثار الخوف لدى الجنود الروس العاديين، الذين باوتوا يخشون القتال.
في محادثة هاتفية تمّ اعتراضها، يشكو جندي روسي لزوجته من أنّه حتى المرتزقة المدربين جيداً، لا يمكنهم النجاح في أداء مهامهم. وبحسب قوله، تُركت فلول بائسة من بين العدد الكبير من المسلحين الذين أرسلوا إلى المهمة. وردّاً على ذلك، نصحته الزوجة بترك الجيش الروسي.
بالنسبة لعضو البرلمان الأوروبي لأندريوس كوبيليوس، تمثّل العقوبات المالية التي فرضها الغرب على روسيا، نقطة تحول مهمّة ستغيّر مجرى العلاقات مع موسكو في السنوات القادمة. وأضاف: “ما نراه على الأقل من البيانات العامة، مما تقوله المخابرات الأمريكية على الأقل أن الكرملين الآن دفع أكثر من 90٪ من تلك القوات العسكرية، أكثر من 150 ألف جندي الآن، جميعهم تم دفعهم إلى الأراضي الأوكرانية وهم يخسرون المعارك، الآن هم يجتذبون أيضًا مرتزقة فاغنر، يضطلع هؤلاء ربما بمهام خاصة وما إلى ذلك، تم تجنيد العديد منهم لقتل الرئيس زيلينسكي لكنهم فشلوا”.
أوروبا: بوتين أخطأ باستقدام مرتزقة فاغنر إلى أوكرانيا
عضو البرلمان الأوروبي قال لـ”أخبار الآن” إنّ بوتين أخطأ باستقدام مرتزقة فاغنر إلى أوكرانيا، معتبراً أنّهم سينقلبون عليه عندما سيطالبون بأموالهم، ولن يجدوا من يدفعها. وهنا سأل: “مَنْ الذي سيدفع مقابل مجموعة فاغنر في أوكرانيا؟ إذا انخفضت الموارد المالية للكرملين، إذا كان لدينا الشجاعة للتوقف فورًا عما نطالب به لتنفيذ حظر على النفط والغاز وعدم شراء المزيد من النفط والغاز من روسيا، فلن يكون هناك أموال لدفعها لمجموعة فاغنر. لقد أخطأ بوتين بجلب هؤلاء المرتزقة من إفريقيا، ليس فقط إلى أوكرانيا ولكن بالقرب من موسكو، فعندما لا يتقاضون رواتبهم لا أعرف ما الذي سيقررون القيام به. سيذهبون إلى موسكو للمطالبة بأموالهم، تبدو مزحة لكنها يمكن أن تكون تطورًا خطيرًا للغاية بالنسبة لروسيا نفسها”.
تأسس فاغنر عام 2014 لدعم الإنفصاليين في شرق أوكرانيا، ويشرف على تلك المجموعة يفغيني بريغوزين، رجل الأعمال القوي المرتبط ارتباطاً وثيقاً ببوتين، وهو يعرف بطباخ بوتين، والذي واجه عقوبات غربية
في تقييم للوضع العام إنطلاقاً ممّا تقدّم، فالمشهد الإجمالي بسيط للغاية، روسيا في مأزق وهي تستقدم عناصر فاغنر لكسب الحرب في أوكرانيا، فتلك المجموعات التي تتلقى مبالغ مالية باهظة، تعقد الأمور أكثر في الدول حيث تتدخل، وفق أرفيه دو شاريت.
وقال دو شاريت إنّ “العالم يشهد اليوم أحداثاً لم تكن تحصل منذ 20 عاماً، ولم يكن أحد ليتخيلها، فاليوم نحن نرى دولاً كثيرة لأنّ روسيا ليست الدولة الوحيدة والتي بهدف فرض موازين قوى لصالحها في الخارج، تفضّل اليوم وستفضل في المستقبل استخدام ميليشيات تطلق عليها أسماء من نسج خيالها، وعمليات خارجة عن نطاق قانون الحرب وبوحشية جهنمية غالباً، كما هي حال ميليشيا فاغنر، وكلّ تلك الأمور تعطي اليوم إنطباعاً بأنّ العالم بات الآن من دون قيود وأصبح كلّ شيء فيه مسوّغاً وممكناً، وحيث النظام الدولي الذي تمّ إرساؤه منذ 30 عاماً والذي كان يفترض بالأمم المتحدة أن تحكمه وتضمن وجوده قد تطاير كلياً وتحول إلى عالم تعم فيه الفوضى، ما يثير القلق كثيراً”.
على صعيد الإتحاد الأوروبي، أشار المتحدث باسم الإتحاد الأوروبي لـ”أخبار الآن“، بيتر ستانو، إلى أنّ تدهور العلاقات مع روسيا ناجم عن انتهاك القانون الدولي، بدءاً بضمّ جزيرة القرم وارتباطها بفاغنر، الذين يرتبكون جرائم ضدّ الإنسانية، وأخيراً غزو أوكرانيا.
إذاً كالعادة، تستخدم روسيا المحاربين المأجورين لتعزيز قواتها منذ بداية الحرب. وقد قال مسؤول أوروبي الشهر الماضي، إنّ التقديرات تشير إلى نشر ما بين 10 آلاف و20 ألف مرتزق من سوريا وليبيا وأماكن أخرى، بما في ذلك مقاتلو مجموعة فاغنر، في هجومها في دونباس الأوكرانية.
ماذا قال أحد الناجين من بوتشا؟
أحد الناجين في بوتشا من الذين تمّت مقابلاتهم في إطار إجراء التحقيقات، تحدّث كيف أنّ الجنود الروس، الذين ارتكبوا موجة قتل سادية استمرت أيّاماً في قرية قرب بوتشا، وصفوا أوكرانيا بأنّها قصةٌ خيالية بالمقارنة مع سوريا.
وقد قال الدكتور شون ماكفيت، وهو باحث وأستاذ في جامعة الدفاع الوطني الأمريكية: إذا نظرنا إلى الجرائم وعمليات القتل قي بوتشا وأماكن أخرى، نجد النمط نفسَه الذي رأيناه في سوريا وغيرها من الدول في أفريقيا. بصمات فاغنر، الفاعل الواحد واضحة، لكنّه للأسف يبقى خارج المحاسبة حتى الآن، طالما أنّه لا يحظى بإطار قانوني، ما يساعد بوتين على التنصل من مسؤولية ما يقومون به.