إيران الملاذ الآمن لقيادات القاعدة
اتهامات مباشرة وجهتها واشنطن إلى طهران تؤكد فيها تواجد تنظيم القاعدة الإرهابي في أراضيها وعمل عناصره تحت غطاء صلب بحماية النظام الإيراني.
ويتزامن ذلك مع التحليلات المتسارعة لكتاب أوراق بن لادن الذي يعيدنا مجددا إلى حقيقة القاعدة وزعيمها وعائلته بعد ما كشفته غارة أبوت آباد ورفع الاستخبارات الأمريكية السرية تدريجيا عن الوثائق التي تمت استعادتها ونشرها على مراحل لتكون جميع الـ 470 ألف ملف تقريبا بلا سرية.
لنكون اليوم أمام أول دراسة شاملة لهذا الأرشيف في الكتاب الذي أعدته الباحثة الأمريكية نيلي لحود والذي كشف كثيرا من التلفيق والتزوير والتضخيم والقصص المفبركة عن سيف العدل والزرقاوي وغيرهم.
وفي هذا الخصوص يقول أحمد الرمح الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية:” العلاقة بين إيران والقاعدة عميقة، وإيران مثلت ملاذ آمن للقاعدة بالإضافة للدعم اللوجستي، وهناك شراكة استراتيجية بين الطرفين”.
ويضيف:” إيران والقاعدة تمثل خطراً كبيراً على دول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط بشكل عام”.
إيران والقاعدة تمثل خطراً كبيراً على دول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط بشكل عام
أحمد الرمح- باحث في شؤون الجماعات الإسلامية
ويتابع بالقول:” وجود سيف العدل في إيران على رأس تنظيم القاعدة لايعني أنه لايتمتع بشخصية قيادية كما جاء في الوثائق، كما انه وصوله إلى هذا المركز يمر بتراتبية تنظيمية لا تتحقق في الأحزاب السياسية حتى يستطيع أن يحللها الغربيون، وهذا يعني ان سيف العدل يتمتع بشخصية مميزة أوصلته إلى هذها المكان بغض النظر عما قاله أسامة بن لادن أو غيره”.
ويضيف:” حرية تنقل قيادات القاعدة في إيران يؤكد وجود علاقة أيديولوجية استراتيجية بين الجانبين”.
من جهته يقول الباحث في الشؤون السياسية فاضل أبو رغيف:” أبو مصعب الزرقاوي سبق له أن دخل الأراضي العراقية عن طريق إيران، وكان له علاقات مع النظام السابق في إيران، وعاد أكثر من مرة إلى إيران، كما أن إيران لها علاقات وطيدة مع تنظيم القاعدة والحديث هنا عن أسامة بن لادن في السابق وأيمن الظاهري حالياً، لكن هذه العلاقة علاقة تخادم”.
أبو مصعب الزرقاوي سبق له أن دخل الأراضي العراقية عن طريق إيران وكان له علاقات مع النظام السابق في إيران
فاضل أبو رغيف- باحث في الشؤون السياسية
ويضيف:”أعتقد أن الجانب الإيراني المحاصر سياسياً واقتصادياً ودولياً يريد أن يجد لنفسه متنفس آخر سواء عن طريق القاعدة أو طالبان، وفي النتيجة إيران كانت مؤمنة خلال سنين طوال من أي هجمات تشنها القاعدة أو طالبان”.
وثائق أبوت آباد ستة عشر عاماً مرت على مقتل القيادي في تنظيم القاعدة أبو مصعب الزرقاوي، والذي كان عضوًا في تنظيم القاعدة في العراق، كما قاد معسكرات تدريب للمسلحين في أفغانستان، فيما اشتهر بعد ذهابه إلى العراق لكونه مسؤولاً عن سلسلة من الهجمات والتفجيرات خلال حرب العراق، قبل أن يقتل في ضربة جوية في العراق عام 2006.
يرتبط اسم الزرقاوي بإيران، وليس فقط هو، بل العديد من قيادات القاعدة التي توفر لهم طهران ملاذاً آمناً، رغم قيامهم بعمليات إرهابية في مختلف أنحاء العالم.
كشف وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو أن القاعدة تتخذ من إيران قاعدة لعملياتها، ما يؤكد عِلم الأمريكان بعمق العلاقة وحجم التعاون بين تنظيم القاعدة وإيران، وتوظيفها بدفع الطرفين لمواصلة التحالف برغم الخلاف الأيديولوجي المحتدم على المستوى العقائدي.
تضمن تقرير «لجنة 11 سبتمبر» وجود نمط من التنسيق بين إيران والقاعدة وعدّه من الحقائق الراسخة، مشيراً إلى أن التسعينات شهدت سفر أعضاء ومدرِّبين بارزين في القاعدة إلى إيران لتلقي تدريبات على المتفجرات، فيما تلقّى آخرون التوجيه والتدريب من حزب الله في لبنان، وفي الفترة السابقة لهجمات 11 سبتمبر، عبر عدد من مختطفي الطائرة من أتباع تنظيم القاعدة الأراضي الإيرانية، وكشف التقرير أن «الانقسامات السنية الشيعية لم تُشكِّل عائقاً قاهراً أمام التعاون في العمليات الإرهابية» بين القاعدة وإيران.
ويتمتع نائب الظواهري سيف العدل بمساحة من الحرية تفوق ما يحلم به أي إرهابي متمرس. ويترقّب المنصفون تحميل النظام الإيراني مسؤولية إيواء ودعم نشاط القاعدة وانطلاقها من أراضيها.
أبو مصعب الزرقاوي، سيف العدل، أبو محمد المصري وصالح القرعاوي وغيرهم العشرات من عناصرالتنظيم الذين آوتهم طهران مع أسرهم بعد هروبهم من أفغانستان، ما يجعلها قبلة للإرهابيين حول العالم، فما هي طبيعة هذا الانسجام الفكري بين الطرفين.