جماعة الشباب من حالمة بإسقاط مقديشو إلى تنظيم يختبئ عناصره تحت التراب
في غضون أشهر قليلة، تبدّل كلُّ شيءٍ في الصومال حيث تقاتلُ القواتُ الرسمية بالتعاون مَعَ القواتِ الأفريقية وجيوشٍ حليفة أكثرَ التنظيماتِ الارهابية تمويلاً ونفوذاً اليوم جماعة الشباب الإرهابية.
فبعد أشهر قليلة على إعلان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود انطلاق عملية عسكرية واسعةِ النطاق للقضاءِ على الجماعة تبدَّلَ واقعُ الجماعة التي كانت تسيطر على أقاليمَ شاسعة في البلاد منذ العام 2009 وتتوعد على لسانِ أحدِ أبرزِ قياداتِها الارهابي مهاد كاراتي باسقاطِ العاصمةِ مقديشو وضمِها لسيطرتِهم قبل سنةٍ من اليوم.
إنّما الرياحُ لم تجرِ كما اشتهتها جماعةُ الشبابِ التي تخسرُ منذ أغسطس العام 2022 مناطقَ استراتيجية كانت سيطرت عليها طوال الخمسةَ عشرَ عاما السابقة.
فماذا تبدَّل في المشهد؟ وكيف تحوَّلت الشباب من جماعة ارهابية طامحة لإسقاط دولة إلى جماعة يختبئ عناصرُها في حُفرٍ وسَط الصحراء وينشقُ عنها الآلاف هرباً من مكر قيادتِها وزيفِ ادعاءاتِها؟
ملف بحثته أخبار الآن من داخل العاصمة الصومالية مقديشو التي زارها فريق العمل معاينا تفاصيل الحرب على الإرهاب وتفاعل المواطنين الصوماليين مع التقدم الميداني المُسجَّل.
في ذلك السياق، وبالاضافة إلى اللقاءات التي أجرتها أخبار الآن مع مسؤولين حكوميين ومرجعيات روحية ومنشقين عن الجماعة الإرهابية، شرح الباحث الصومالي المتخصص في الجماعات الإرهابية عبد الرحمن السهل الأسباب الكامنة خلف إعلان رئيس جمهورية الصومال حسن شيخ محمود (Hassan Sheikh Mohamud)، وقد قال في السياق: “علينا أن نفهم أنَّ جماعة الشباب صومالية الأصل والنشأة إنَّما خطرها يمتد إلى دول القرن الأفريقي خصوصا جيبوتي وكينيا، بالاضافة إلى دول الخليج العربي”.
السهل شرح لأخبار الآن واقع الجماعة مذكرا بعملياتها الإرهابية التي قضت على الآلاف في القرن الأفريقي وبعلاقاتها مع الحوثيين وبمبايعتها تنظيم القاعدة الإرهابي بعد اغتيال أسامة بن لادن وتسليم القيادة إلى أيمن الظواهري.
وقال في السياق، “الجماعة تهدد السلم العالمي بهجماتها وتسعى اليوم لتشكيل جيش لها في أثيوبيا ولها فرع يدعى جيش أيمن مهمته تنفيذ عمليات عسكرية في كينيا وأوغندا وتنزانيا، كذلك جيش اللواء الزبير تابع للجماعة مهمته شن هجمات في أثيوبيا”. وأردف بالقول، “صحيح أنَّ هجومها على أثيوبيا فشل، إلا أنَّها لم تستسلم تجاه التوسع”.
السهل أيضا قال لأخبار الآن: “جماعة الشباب تستفيد من العلاقة التي تربط تنظيم القاعدة بإيران وتستثمر قرار الصومال قطع العلاقات مع إيران، الذي اتُخذ العام 2015 بسبب تورط إيران بقضايا تشكل تهديدا للأمن القومي الصومالي، إذ حاولت طهران دعم بعض الفصائل لتكوين ميليشيات لها في الصومال على غرار ميليشيا حزب الله في لبنان وذلك لشق الصف السني في الصومال، وهذا ما لا تستطيع الصومال معالجته أو القضاء عليها كم تفعل اليوم مع جماعة الشباب”.
في سياق متصل، عاينت أخبار الآن الجهود الشعبية والرسمية المشتركة المبذولة في الصومال للقضاء على جماعة الشباب، ذلك الأمر الذي لو له ما نجحت القوات الرسمية بتحقيق تقدم كبير على الجماعة في مختلف الأقاليم. وذلك ما أكدته في حديثها لأخبار الآن الجنرال زكية حسين التي قالت أنَّ القوات الرسمية هي التي تلقَّفت اصرار الصوماليين على التحرر من جماعة الشباب، لذلك أطلق رئيس الجمهورية عمليات واسعة للقضاء على الجماعة، لا العكس.
موفد #أخبار_الآن إلى #مقديشو، عبدالله ملاعب يزور تقاطع زوبي الشهير الشاهد على أكثر العمليات دموية في تاريخ أفريقيا.
فلماذا تتعمَّد جماعة الشباب تفجيره بشكل مستمر؟
للمزيد: https://t.co/j70HJh2VIK#مواجهة_التطرف #جماعة_الشباب_الصومالية #متعطشون_للسلطة@abdullahmalaeb @wassimoraby pic.twitter.com/JIQwhgCLlg— Akhbar Al Aan أخبار الآن (@akhbar) February 21, 2023
وبالفعل، ذلك ما يُفسّر خسارة جماعة الشباب الحيثية التي كانت تعطيها لتقاطع زوبي الشهير وسط العاصمة، إذ أنَّ تجار مقديشو لم يعدوا يخافون من تفجير الجماعة أرزاقهم ومتاجرهم وقرروا تسليم الجيش والقوات الرسمية كل المعلومات التي يملكونها عن جماعة الشباب.
في الإطار، يتحدَّث الخبير بشؤون الجماعات الارهابية عبد الرحمن السهل عن مهاد كاراتي تلك الشخصية الصومالية التي اشتهرت مؤخرا بسبب ظهورها المستمر والتي يقول البعض أنَّها تتخطى رئيس الجماعة أحمد ديرية نفوذا، ويقول السهل في السياق، “مهاد كاراتي ليس مهما كما البعض يطرحه، ليس من القيادات العليا للجماعة، وهو الأن لا يملك منصبا معروفا، إنّما خطورته تأتي بالعمليات العسكرية والفكرية التي يكون هو عرَّابها إذ صور نفسه كأب روحي بسنه وعلاقاته السابقة مع أفغانستان”.
يضيف السهل، “يرى كاراتي نفس أنه أب الجماعة وينحدر من أكبر القبائل وله أنصاره ولكن لا أعتقد أنَّ هناك تأثيرا اداريا له على الجماعة، وثمة قبيلة واحدة مسيطرة على مراكز القرار العليا في الجماعة، إنَّما كارات من قبيلة أخرى”.
ويرى السهل أنَّ تضعضع الجماعة اليوم أفقدها قرارها المركزي على وقع التقدم الحكومي ولمهاد كاراتي فرصة للانقلاب على الامير الحالي (ديري) الذي لا يمتلك خلفية عسكرية إذ أنّه لم يزر أفغانستان ولم يستلم مكتبا تنفيذيا. ويُضيف، “من الممكن أن يصبح كاراتي قائدا والصراع محتدم بين الجانبين ولكن في نهاية المطاف قد يلجأون إلى تغيير ما في الاسابيع القادمة”.