زيادة العقبات التي تواجهها المرأة في العالم
- يعتقد 25% وجود مبرر لضرب الرجل زوجته
- التحيزات تؤدي إلى زيادة العقبات التي تواجهها المرأة
“لا يزال نصف الناس في مختلف أنحاء العالم يعتقدون أن الرجال أفضل من النساء في مجال القيادة السياسية، فيما يعتقد أكثر من 40 في المئة أن الرجال أفضل من النساء في مجال إدارة الأعمال التجارية”.. هذا ما كشفه أحدث تقرير للأمم المتحدة، والذي أكد في الوقت نفسه على عدم حدوث تحسن في مستوى التحيز ضد المرأة خلال عقد من الزمان، حيث إن ما يقرب من 9 من بين كل 10 رجال ونساء، في جميع أنحاء العالم، لا يزالون يحملون هذه التحيزات اليوم.
بدوره ناقش برنامج “ستديو أخبار الآن“، التقرير الذي أظهر اعتقاد 25 في المئة من الناس وجود مبرر لأن يضرب الرجل زوجته.
ويعكس تقرير مؤشر المعايير الاجتماعية الجنسانية الجديد الذي أطلقه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أحدث البيانات من مسح القيم العالمية.
من ناحيتها علّقت الناشطة الحقوقية التونسية نورس همادي، على التقرير الأممي بالقول: “للأسف النظرة الذكورية وهيمنة الذكور على النساء مسألة عابرة للقارات، وهي مسألة لا تقتصر على دولة دون أخرى”.
وأضافت في حوارها مع “ستديو أخبار الآن”، أن مسألة تمكين النساء تختلف باختلاف المجتمعات، ويتدخل فيها تقدم الدولة أو تخلفها، مضيفة: “المشاكل التي نواجهها في دول العالم العربي، ليست هي نفسها المشاكل التي تواجهها المرأة في الدول المتقدمة”.
وقارنت الناشطة الحقوقية، بين مكتسبات المرأة في تونس -التي تُعد أنموذجا في الحقوق والحريات في الدول العربية- وبين الولايات المتحدة، مؤكدة وجود تفاوت بين الحقوق في كلتا الدولتين.
وشدّدت الناشطة الحقوقية على أنه على الرغم من حفاظ تونس “على هذا الخط النسوي الرائد الأبرز في العالم العربي والإفريقي، إلا أنها تواجه أصوات ذكورية لا تؤمن بدور المرأة ولا بقدرتها على الريادة ولا الوصول إلى مواقع القرار، وهذا التصور متطور عبر التاريخ”. مشيرة إلى احتكار الرجال لعديد المواقع القيادية بحكم الطبيعة والفطرة وحتى التفرغ.
مناهضة المساواة بين الجنسين تكتسب زخما
التقرير الأممي يشير إلى أن هذه التحيزات تؤدي إلى زيادة العقبات التي تواجهها المرأة، ويتجلى ذلك في إلغاء حقوق المرأة في أجزاء كثيرة من العالم مصحوب بزخم تكتسبه الحركات المناهضة للمساواة بين الجنسين، وفي بعض البلدان، تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان.
كما تنعكس التحيزات في نقص حاد فيما يتعلق بتمثيل المرأة في القيادة.
في المتوسط، ظلت نسبة النساء اللواتي يشغلن مناصب رئيسات دول أو حكومات حوالي 10 في المئة منذ عام 1995، وفي سوق العمل تشغل النساء أقل من ثلث المناصب الإدارية.
فجوة بين التعليم والعمل
كما يسلط التقرير الضوء على عدم الاتساق بين تقدم المرأة في مجال التعليم والتمكين الاقتصادي.
فعلى الرغم من أن النساء أصبحن أكثر مهارة وتعليما أكثر من أي وقت مضى، إلا أن ذلك لم يسهم في ردم هوة الدخل بينهن وبين الرجال. ففي 59 دولة بها نسبة تعليم النساء أكثر من الرجال، لا يزال متوسط فجوة الدخل بين الجنسين 39 في المئة لصالح الرجال.
وقال بيدرو كونسيساو، مدير مكتب تقرير التنمية البشرية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن الأعراف الاجتماعية التي تمس حقوق المرأة تضر بالمجتمع على نطاق أوسع، وتدمر توسع التنمية البشرية.
وحذر من الأزمة التي تواجه التنمية البشرية في ظل عدم إحراز تقدم بشأن المعايير الاجتماعية، مشيرا إلى انخفاض “مؤشر التنمية البشرية العالمي (HDI) عام 2020 لأول مرة على الإطلاق – ومرة أخرى في العام التالي”.
وأضاف أن الجميع سيستفيد من ضمان إتاحة الحرية للمرأة وتمكينها.
دور مهم للحكومات
ويؤكد التقرير على أهمية دور الحكومات في تغيير الأعراف الاجتماعية بين الجنسين.
على سبيل المثال، غيّرت سياسات الإجازة الأبوية المتعلقة برعاية الأطفال التصورات حول مسؤوليات أعمال الرعاية، وأدت الإصلاحات في سوق العمل إلى تغيير المعتقدات حول توظيف النساء.
وشدد بيدرو كونسيساو على ضرورة “الاعتراف بالقيمة الاقتصادية لعمل الرعاية غير مدفوع الأجر. يمكن أن يكون هذا الاعتراف وسيلة فعالة للغاية لمواجهة معايير النوع الاجتماعي حول كيفية النظر إلى أعمال الرعاية. في البلدان التي بها أعلى مستويات التحيز ضد المرأة، تشير التقديرات إلى أن النساء يقضين أكثر من ستة أضعاف الوقت الذي يقضيه الرجال في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر”.
التغيير ممكن
ويؤكد التقرير أن التغيير ممكن على الرغم من استمرار انتشار التحيز ضد المرأة، حيث أفاد مؤشر المعايير الاجتماعية الجنسانية بحدوث زيادة في نسبة الأشخاص الذين ليس لديهم تحيز في 27 دولة من أصل 38 دولة شملها الاستطلاع.
ويؤكد التقرير على ضرورة التركيز على توسيع التنمية البشرية من خلال الاستثمار والتأمين والابتكار من أجل إعطاء دفعة للتغيير نحو مزيد من المساواة بين الجنسين.
ويشمل ذلك الاستثمار في القوانين وتدابير السياسات التي تعزز مساواة المرأة في المشاركة السياسية، وتوسيع نطاق آليات التأمين، مثل تعزيز أنظمة تدابير الحماية والرعاية الاجتماعية، وتشجيع التدخلات المبتكرة التي يمكن أن تكون فعالة بشكل خاص في مواجهة الأعراف الاجتماعية الضارة، ومواقف الوصاية الذكورية، والصور النمطية عن النوع الاجتماعي وغيرها من أفكار نمطية.
على سبيل المثال، يمكن أن تساعد مكافحة خطاب الكراهية عبر الإنترنت والمعلومات المضللة حول النوع الاجتماعي في تحويل المعايير السائدة بين الجنسين نحو المزيد من القبول والمساواة.
بالإضافة إلى ذلك، يوصي التقرير بإيجاد حلول للتصدي للأعراف الاجتماعية بشكل مباشر من خلال التعليم لتغيير آراء الناس والسياسات، والتعديلات القانونية التي تعترف بحقوق المرأة في جميع مجالات الحياة، وتمثيل المرأة في صنع القرار والعمليات السياسية.