عوامل حولت النيجر محل صراع دولي بين القوى الغربية وروسيا والصين
انقلابُ جديد تشهده النيجر، المستعمرة الفرنسية السابقة، التي يزدحم تاريخها بالعديدِ من الانقلاباتِ ومحاولاتِ الانقلاب، منذ استقلالها عام ألفٍ وتسعمائة وستين.
ولكن نهاية قصة الانقلاب في النيجر داخلياً حُسمت بعد أن أعلنَ الجيش دعم الحرس الرئاسي الذي استولى على الحكم، فيما برر رئيسُ أركان الجيوش في النيجر الخطوة بأنها جاءت حفاظاً على تماسكِ الدولة بعد الإطاحة بالرئيس محمد بازوم، والذي رفض من جهتِـه الانقلاب وأكد على أن المكتسباتِ الديمقراطية للبلاد ستُـصان.
وأصدرت القوات التي نفذت الانقلاب بيانًا عسكريًا علقت بموجبه عمل كل المؤسسات، وإغلاق المعابر الحدودية، وحظر التجول في أنحاءِ النيجر إلى أجلٍ غير مسمى. وأدانت جميع القوى الدولية بضمنها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والاتحاد الإفريقي الانقلاب، ودعت لاحترامِ الديموقراطية، فما أسبابُ ما جرى؟ وهل هناك أيادٍ خارجية وراء تحرك الحرس الرئاسي؟، وهل يمكن للضغوط الدولية أن تُـغيرَ مجرى الأحداث في النيجر؟ أم أن رئاسةَ محمد بازوم انتهت بحكم الأمر الواقع؟.. هذا ما ناقشناه في حلقة اليوم من برنامج “ستديو أخبار الآن”.
ظروف داخلية هشّة
وحول هذا الموضوع، قالت المُتخصصة في الشؤون الأفريقية، أسماء الحسيني، خلال استضافتها في برنامج “ستديو أخبار الآن”، إن: “هناك العديد من العوامل التي تُشكل المشهد الحالي في النيجر، هذا البلد الغني بثروات وموارد طبيعية، كما أن موقع النيجر يجعلها منطقة مهمة جدًا ومحل صراع دولي بين القوى الغربية كالولايات المتحدة وفرنسا من جانب، وكذلك بين روسيا والصين من ناحية أخرى”.
وأوضحت الحسيني في معرض حديثها: “من غير الواضح حتى الآن طبيعة التحرك والانقلاب الذي تم في النيجر، لكن ما جرى لم يتم إلا بعد تلقي أصحاب الانقلاب الضوء الأخضر من قبل قوى خارجية، إقليمية كانت أو دولية”.
كما أشارت المتخصصة في الشؤون الأفريقية إلى أن: “العوامل والظروف الداخلية الهشّة سواءً السياسية أم الاقتصادية، ساهمت في حدوث هذا الانقلاب”، مشيرة: “النيجر لم يتم بنائها بشكلٍ حقيقي رغم الثروات التي تزخر بها، حيث أن هناك أوضاعًا اقتصادية صعبة للغاية منذ وباء كورونا، مرورًا بالغزو الروسي لأوكرانيا وكذلك أزمة الجفاف، بالإضافة إلى التركيبة العرقية حيث ينتمي بازوم إلى أقلية في النيجر”.
وواصلت: “كل هذه عوامل ضعف تؤدي لسخط المؤسسة العسكرية التي تواجه مصاعب كبيرة في مواجهة الإرهاب”.
تمزق النيجر
ومن ناحيته، قال أستاذ القانون العام والعلوم السياسية، وعضو اللجنة العلمية لمجلة التطرف والجماعات المسلحة، د. محمد الشيخ، خلال استضافته في برنامج “ستديو أخبار الآن”، – تعليقًا على وضع القوات الفرنسية في النيجر -، قال: “القوات الفرنسية مُسلحة بشكلٍ جيد ولها دراية بالوضع الداخلي وبمفاصيل التحكم به، ولا أعتقد أن فرنسا ستجازف بتدخلٍ مباشر، وإنما بتدخلٍ ناعم وهو حاصل بالفعل”.
وأضاف د. الشيخ: “تمزق النيجر سيعصف بالإقليم”.
كما أشار إلى أن: “الإرهاب بدأ بالحركات الراديكالية المتطرفة التي حاولت أن تجد لنفسها موطئ قدم في المناطق العربية، ومع وصول الرئيس بازوم إلى سدة الحكم، بدأت عمليات مكافحة الإرهاب والتعاون مع بازوم، وبالتالي فهناك محاولات لإسقاط الرئيس”.
ولفت عضو اللجنة العلمية لمجلة التطرف والجماعات المسلحة، إلى أن: “الصراع اليوم شديد بين فرنسا وروسيا، ففرنسا تخشى على فقدان معاقلها سواءً في بوركينا فاسو أو مالي واليوم في النيجر”.
تعيين رئيسًا للمجلس الانتقالي
والجمعة، أعلن تلفزيون النيجر الرسميّ، تعيين الجنرال عبدالرحمن تشياني، رئيسا للمجلس الانتقالي في البلاد. ويقود تشيباني الحرس الرئاسي منذ عام 2011، وتمت ترقيته في عهد الرئيس الأسبق محمدو يوسفو، وهو أحد المقربين منه.
وقاد الرجل القوي منذ عام 2015 فيلق النخبة في جيش النيجر، المسؤول عن أمن رئيس الدولة.
ويأتي هذا الإعلان بعد يومين من إعلان عدد من العسكريين الإطاحة بنظام الرئيس النيجري، محمد بازوم، وإغلاق الحدود، وفرض حظر التجوال، في بيان تلاه أحدهم عبر التلفزيون الوطني في نيامي، باسم “المجلس الوطني لحماية الوطن”، في وقت دعت واشنطن لإطلاق سراحه “فورا”.
وقال الكولونيل ميجور، أمادو عبدالرحمن، وهو محاط بتسعة جنود آخرين يرتدون الزي الرسمي: “نحن، قوات الدفاع والأمن، المجتمعين في المجلس الوطني لحماية الوطن، قررنا وضع حد للنظام الذي تعرفونه”. وأضاف “يأتي ذلك على أثر استمرار تدهور الوضع الأمني، وسوء الإدارة الاقتصادية والاجتماعية”.
وأكد “تمسك” المجلس بـ”احترام كل الالتزامات التي تعهدتها النيجر”، مطمئنا أيضا “المجتمع الوطني والدولي في ما يتعلق باحترام السلامة الجسدية والمعنوية للسلطات المخلوعة وفقا لمبادئ حقوق الإنسان”.