مطالب دولية بوقف دعم تونس جراء الانتهاكات بحق المهاجرين الأفارقة
تتشابكُ أزماتُ تونس وتمتدُ من مستوىً إلى آخر، على أنقاضِ واقعٍ اقتصادي متردٍ في البلاد. فمن أزمة هجرةٍ غيرِ شرعية قديمةٍ جديدة، إلى أزمةِ المهاجرين الأفارقة، وصولاً إلى التمييزِ في حقِ مواطنين تونسيين من أصحابِ البشرة السمراء، في بلورةٍ لأزمةِ عنصرية قديمة جديدة.
كل ذلك، عناوين لا تفيد تونس بل على العكس، تساهم في التداعي أكثر، فيما لو تأخر الحل فالواقع لن يكون حميداً.
وفى العام الجاري، انتشل الحرسُ البحري في تونس أكثرَ من تسعِ مئةِ جثة لمهاجرين غرقى، وفق ما أكّد وزير الداخلية التونسي، بين هؤلاء، ستةٌ وثلاثون تونسياً، ومئتان وسبعةٌ وستون أجنبياً، فيما لم يتمْ التعرّفُ على هوياتِ الباقين من الغرقى.
إنْ كان ذلك هو المشهد على شواطئ تونس، فثمّة مشهد آخر على الحدود، حيث يعيش المهاجرون ظروفاً صعبة، هم يطالبون بإنصافهم.
وإثر الأحداث مع المهاجرين على الحدود التونسية مع ليبيا، كانت طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” بوقف دعم دول الاتحاد الأوروبي إلى تونس، أي اعتبرت أنّها مسؤولة عما وصفته بالانتهاكات الخطيرة، التي تعرض لها المهاجرون واللاجئون وطالبو اللجوء الأفارقة.
تضاعف عمليات إحباط رحلات الهجرة
وفي حلقة جديدة من برنامج “ستديو أخبار الآن” تناولت وضع لاجئ وطالبي اللجوء الأفارقة في تونس، وكذلك المهاجرين غير الشرعيين، وتأثير ذلك على المشهد العام حيث قال العميد حسام الدين الجبابلي، الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني التونسي، إنه خلال الفترة من 2019 وحتى 2022 تضاعفت أعداد عمليات إحباط رحلات الهجرة غير الشرعية أكثر من ثماني مرات، وتم إطلاق العديد من العمليات الاستباقية لضبط السماسرة والمتاجرين بأرواح البسطاء، انطلاقًا من دول المنشأ.
وأضاف: “بالنسبة للتعامل مع المهاجرين بشكل غير شرعي، فيكون وفقًا للقوانين والقواعد الإنسانية لأن 80% من عمليات الإحباط التي تتم في عرض البحر هي في الأساس لنجدة وإنقاذ البشر، فالواجب الإنساني يحتم علينا التدخل وإنقاذ المجتازين، وقد تم التنسيق مع المنظمين والوسطاء لتسهيل عمليات الإيواء ولكن للأسف هذا يقابله محاولات اعتداء بالحجارة ومعاملة عنيفة من قبل المجتازين للوحدات البحرية الأمنية.
وتابع: “بالنسبة لأفارقة جنوب الصحراء والمجتازين على الحدود التونسية خاصة في الجنوب الشرقي، بالتنسيق مع الجهات المعنية يتم تقديم يد المساعدة للعالقين ومراعاة الحالات الصحية وإسعافهم، بالإضافة لثمة جانب إنساني آخر نقوم به وهو تقديم العون والدعم اللوجيستي لهؤلاء”.
وأشار الجبابلي في تصريحاته لـ “ستديو أخبار الآن”، أن: “كل ما تقوم به الجهات المعنية في تونس يكون وفقاً لما ترتضيه القوانين وكذلك معاملتنا مع المجتازين تتم وفقا لأطر وحقوق الإنسان”، موضحاً أن: “عدد من تم إنقاذهم ففي ى الـ 6 أشهر الأولى من 2023، أكثر من 34 ألف و200 مجتاز بما فيهم 30 ألف مجتاز من جنوب الصحراء والباقي تونسيين”.
العنصرية في تونس
بين أزمة الهجرة غير الشرعية وأزمة المهاجرين الأفارقة، الأمر ينسحب على التونسيين أنفسِهم، العنصرية.
ومن ناحيته، قالت لطيفة الليفي المواطنة التونسية المهاجرة منذ عشرات السنين، وهي صاحبة بشرة سمراء وتعيش في الجنوب التونسي، – تقول لـ “ستديو أخبار الآن”، أن: “قضية العنصرية في تونس، أزمة متجذرة ولكن لم يكن معترف بها من قبل، لدرجة أن التونسيين أصحاب البشرة السمراء تعايشوا معها، حتى أصبحت كلمات التنمر والعنصرية مقبولة لدى الغالبية”.
والعنصرية بالنسبة للطيفة ليست عنصرية اللون فقط ولكنها أيضًا في الثقافة والنوع وغيرها، “وإن كانت أصعبهم هي عنصرية اللون لأن لا دخل للإنسان فيها فهي من عند الله”.
وأشارت لطيفة أنّ: “موضوع العنصرية يمتد على مؤسسات الدولة أيضاً، مشيرةً إلى أنّ التونسيين أصحاب البشرة السمراء، يُستبعدون كذلك من المناصب في المؤسسات الرسيمة. ولا يتم تمثيلهم بشكل عادل، على سبيل المثال وزارة الثقافة لا يوجد فيها مسؤول من ذوى البشرة السمراء”.
وردًا على الحل برأيها كصحافية ومواطنة تونسية، قالت لطيفة: “طالبت بتطبيق القانون، إذ مَنْ كانت أمورُه قانونية حسناً، ومَنْ لم تكن كذلك، فليُعامل بإنسانية”.
وقد روت لطيفة تجربة مريرة عاشتها شخصياً، معتبرةً أنّ: “التصريحات الأخيرة لقيس سعيد فاقمت أزمة العنصرية أكثر بحق أبناء الوطن الواحد، فقط لأنّهم أصحاب بشرة سمراء”.