غموض يلف مستقبل فاغنر بعد موت زعيمها بريغوجين
في الثالث والعشرين من يونيو الماضي أعلن قائدُ مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين تمردَهُ في روسيا بعد توتر وانتقادات وجهها لقادة الجيش الروسي وصولا إلى الكرملين.
وفي الثالث والعشرين من أغسطس الجاري، أي بعد شهرين، لَقِيَ بريغوجين حتفَهُ في تحطمِ طائرتِه شمال موسكو كان على متنها عشرةٌ أشخاص.
وبعد تأكيد الأنباء مقتل الرجل ومن كانوا معه على الطائرة، ثار الجدل ودارت التساؤلات حول مصير مجموعة فاغنر، وتأثير مقتل زعيمها على أنشطتها التي دعمت استراتيجية موسكو بقوة خلال الفترة الأخيرة، خاصة في أوكرانيا، وإفريقيا.
فالبعض ذهبوا إلى أن المجموعة قد تنتهي بمقتل قائدها وتفرق مقاتليها، فيما يرى آخرون أن روسيا لن تترك الخيار الذي كانت تمثله فاغنر لها، وربما تبحث عن قيادة جديدة للمجموعة أو أن لديها بالفعل خطة جاهزة لاستبدال بريغوجين بشخصية أقل إثارة للمشاكل وأكثر ولاءً للكرملين.
فما الذي ينتظر فاغنر بعد سقوط زعيمها؟ وماذا بشأن الوصاية الروسية على المجموعة؟ هذا كان موضوع حلقة ستديو الآن التي استضافت د. سعيد سلّام مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية، واللواء الدكتور سيد غنيم الأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل.
قيادة أكثر ولاءً
وحول مستقبل فاغنر يقول غنيم: ” ستعود لوضعها الأصلي، فهي جزء من التكتيك الروسي الذي تتعامل فيه خارج أراضيها”
وأكمل: “نشاط فاغنر كان في الأساس اقتصادي أمني كحماية المعسكرات خارج روسيا مثل ليبيا، وفي دول غرب أفريقيا والسودان، ثم زاد نشاط المجموعة”
وتابع: “خلال عام ونصف تدخلت عسكرياً داخل روسيا، وأتوقع أن تعود إلى حالتها الأصلية، فهي تجربة خاطئة وفاشلة، حيث كان بريغوجين يعظم من الإنجازات التي قام بها، مثل حصوله على باخموت خلال 8 أشهر، وهو ما لا أرى فيه أي إنجاز، لكن مقارنة بالقوات الروسية هو إنجاز وهو ما أحدث الشقاق الذي كان يستغله بريغوجين داخل الدولة لمصالحه الشخصية”.
وأردف: “سيتم الاحتفاظ بفاغنر ربما باسم آخر وبقيادات أخرى أكثر ولاءً لروسيا سواء من داخلها أو من خارجها وسيكون لها التبعية المباشرة للقيادة الروسية أو مؤسسة أمنية روسية أو استخباراتية”
وأشار غنيم إلى أن مطالب روسيا لبريغوجين كانت إما انتقالهم لخارج روسيا أو الانضمام للجيش الروسي وهو ما رفضه بريغوجين لكن اليوم ستحتفظ روسيا بالمجموعة تحت قيادة ولائها كبير للجيش الروسي أو مؤسسة أمنية روسية.
لاشيئ سيتغير في أفريقيا
وحول مستقبل فاغنر في أفريقيا يقول الدكتور سلام: “مقتل بريغوجين لن يؤدي إلى أي ضعف في أفريقيا خصوصاً أن التواجد الروسي في أفريقيا مرتبط بعقود مع القيادات التي ساهمت فاغنر بوصولها إلى السلطة عبر انقلابات متكررة كمالي وبوركينا فاسو ودعمها أيضاً لقوات حفتر في ليبيا والدعم السريع في السودان”.
تواجد فاغنر في أفريقيا لن يقل أهمية في الفترة القادمة، فأحد أهداف السياسية الخارجية الروسية محاولة إخراج الهيمنة الغربية في بعض دول أفريقيا”.
تحاول روسيا إظهار تحركاتها في أوكرانيا أو في أفريقيا على أنها مساهمة في إنهاء الاستعمار الغربي عبر استبدال الهيمنة هناك لصالحها عبر مرتزقة فاغنر.
الأنظمة المرتبطة بروسيا في أفريقيا لاتزال بحاجة لمرتزقة فاغنر من أجل حماية سلطتها، وستخضع لأي تغيرات يفرضها الكرملين، خصوصاً أن فاغنر كانت الوسيط العسكري مع النظام الروسي، بلا شك استبدال بريغوجين بشخصية أخرى قد يؤثر على هذه العلاقات خلال الفترة القريبة لكن على المدى المتوسط والبعيد لن يكون هناك تأثير كبير”
بوتين وإرث بريغوجين
ووقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة مرسوما يلزم عناصر المجموعات المسلحة غير النظامية أداء قسم اليمين مثلما يفعل جنود الجيش، بعد يومين على الإعلان عن مقتل زعيم مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين في تحطم طائرة قرب موسكو.
وبموجب نصّ المرسوم الذي نشره الموقع الالكتروني للحكومة الروسية، بات لزاما على هؤلاء العناصر التعهد بـ”الإخلاص” و”الوفاء” لروسيا، و”الامتثال الصارم لأوامر القادة والمسؤولين (الأعلى رتبة)”.
ويتعهد العناصر كذلك “احترام الدستور الروسي بشكل مقدس”، و”الدفاع بشجاعة عن الاستقلال والانتظام الدستوري” للبلاد، وتنفيذ المهام الموكلة إليهم.
ويشمل المرسوم الأشخاص المدرجين كمقاتلين متطوعين والذين “يسهمون في تنفيذ المهام الموكلة الى القوات المسلحة الروسية” و”هيئات وتشكيلات عسكرية” أخرى، بما يشمل قوات الدفاع التي تمّ تشكيلها خلال حرب أوكرانيا.
وفي حين تحول القوانين الروسية رسميا دون تشكيل مجموعات المرتزقة، تتغاضى السلطات عن نشاطات “المجموعات العسكرية الخاصة” التي تقدّم رسميا خدمات “أمنية”. وتعدّ فاغنر التي قاتل عناصرها في أوكرانيا ودول أخرى، أبرز هذه المجموعات في روسيا.