مع عودة المدارس.. تكلفة التعليم تثقل كاهل المواطنين في سوريا ولبنان
فرحة التلاميذ بعودة المدارس والجامعات، تحولت إلى كابوس بالنسبة للأسر في عدة بلدان عربية تعاني أزمات اقتصادية غير مسبوقة، عودة المدارس أصبحت مرادفاً لهموم دفع الأقساط وتوفير المستلزمات التي أمست تحتاج إلى ميزانية خاصة، والحديث هنا بالأخص عن سوريا ولبنان.
لتطرح العديد من الأسئلة: كيف تتعامل الأسر مع تكاليف التعليم المرتفعة؟ وما هو تأثير الأزمة على واقع التعليم ومستقبل الطلاب؟ وماذا عن التكافل الاجتماعي ودوره في التخفيف من عبء الأزمة؟
وحول هذا الموضوع يقول رئيس اتحاد لجان الأهل في كسروان وفتوح وجبيل بلبنان رفيق نخلة فخري لـستوديو أخبار الآن: “معظم العائلات اللبنانية حرمت نفسها من أبسط مقومات العيش فقط لكي تتمكن من تأمين القسط المدرسي لإرساله إلى المدرسة الخاصة، لأنهم يعلمون أنه ليس هناك بديل”
وأكمل: “العائلات تعاني كثيراً من أجل تأمين مستلزمات الطالب والأقساط الشهرية، وحتى اليوم رغم اقتراب موعد بدء الدراسة في لبنان هناك عائلات لم تأتي لتسجيل أبنائها حتى، والسبب عدم قدرتهم على دفع رسوم التسجيل التي تعتبر بسيطة وتقدر بـ200 دولار قياساً بالأقساط الشهرية”
وعن دور المدارس في دعم الأهالي يقول فخري: ” قمنا في كسروان وجبيل بافتتاح ما أطلقنا عليه “تبادل الكتب” للتخفيف على العائلات إمكانية تمويل الدخول إلى المدرسة”
الطبقة المتوسطة انعدمت كلياً في لبنان والدول المجاورة، فإما غني أو فقير، وفيما يتعلق بالمدارس والتدريس للأسف لا يوجد أي دولة تعطي هذا القطاع أولوية قبل التسلح والجيش والأشغال وغيرها من الوزارات التي تخصص لها أموال طائلة في حين أن وزارة التربية تمنح تمويلاً قليلا.
وناشد فخري الدولة بالقول: “المدارس يجب أن تفتح ومن غير المسموح أن يبقى الطلاب في بيوتهم، الأهالي لم يعودوا قادرين على التحمل فقد اضطروا إلى بيع أراضيهم ومنازلهم وسياراتهم فقط لدفع القسط المدرسي الذي يعتبر كبيراً في لبنان ويحتاج موازنة خاصة”
وأضاف: “نعتقد كأهل واتحاد لجان أهل أن السنة القادمة نحن سندخل المجهول مع قدوم العام الدراسي، فالأسرة التربوية التي تتكون من الأساتذة والمدارس والأهل كلهم يعانون لكن الحلقة الأضعف هم الأهل، كما أن الاستاتذة لم تعد رواتبهم تكفيهم وإدارات المدارس لديها التزامات كثيرة منها التدفئة وتأمين الكهرباء.”
تسرب الطلاب يبلغ رقماً غير مسبوق
وعن الوضع في سوريا يقول الدكتور خالد التركاوي الباحث السوري المتخصص في الشؤون الاقتصادية بمركز جسور للدراسات: ” المشكلة ليست فقط متعلقة بالدخل، إنما كذلك المدرسة نفسها والانتاج للمستلزمات المدرسية، وهذا يؤدي إلى ارتفاع تكلفة تجهيز الطالب التي قد تصل إلى 40 دولار أمريكي في الشهر”
وأكمل: “ضعف الحالة المادية للأهالي دفعهم إلى الامتناع عن إرسال أبنائهم إلى المدارس، وهناك نسبة تسرب تقدر بـ50% لأول مرة تحصل في سوريا خصوصاً في مناطق النزوح شمالاً، حيث يفضل الأهالي عمل أبنائهم من أجل تأمين الدخل للعائلة”
وتابع: “أيضاً المدارس بسبب ضعف الإماكانيات لاتفتح بشكل متواصل وقد تضطر للإغلاق عدة أيام، كما أن الأساتذة يضطرون للعمل بمهن أخرى لتأمين الدخل”
وأردف: “يمكن القول فيما يتعلق بوضع المدارس اليوم أننا أمام حكومات عاجزة، إذا ما اخذنا بعين الاعتبار أن البلاد تديرها أكثر من جهة”
واقع مأساوي
وانهارت العملة الوطنية في كل من سوريا ولبنان، ووصل التضخم إلى مستويات قياسية وتراجعت القوة الشرائية للمواطنين، ما انعكس على كل مناحي الحياة،
يكفي أن نشير إلى أن تجهيز طالب واحد يكلف المواطن السوري ضعف دخله الشهري.
وفي لبنان تراجع الحد الأدنى للأجور إلى مستويات غير مسبوقة باتت ضمن الأدنى عالمياً، وسط تضخم هو الأعلى عالمياً، ما ترك العائلات أمام خيارات صعبة فيما يتعلق بتجهيز أطفالهم للعام الدراسي الجديد.