الانشقاقات والاتهامات بالخيانة تعصف بهيئة تحرير الشام
انشقاقات متتالية، وأزمات متلاحقة داخل هيئة تحرير الشام، حيث أعلن “جهاد عيسى الشيخ” الملقب “أبو أحمد زكور” القيادي في هيئة تحرير الشام، انشقاقه عنها عبر بيان رسمي.
جاء ذلك بعد ساعات من الأنباء التي تم تداولها بشكل واسع، عن وفاة القيادي البارز في هيئة تحرير الشام، أبو ماريا القحطاني، قبل أن يتم نفيها لاحقًا.
وتضاربت الأنباء بشأن وفاة أبو ماريا القحطاني خلال تواجده في السجن، وذلك بعد أن أشار أحد الحسابات الموالية له أنه لا يزال حيا، وأنه فقد الوعي فقط ثلاث مرات بسبب التعذيب.
وقال زكور في بيان نشره عبر صفحته الرسمية على موقع “إكس” أنه استلم ملف العلاقات بين الهيئة والجيش الوطني وكان من المقرر والمتفق عليه أن يتم العمل على مساعدة الفصائل في رفع السوية العسكرية ونقل الخبرة إليها، وبناء مشروع تشاركي يشمل الجميع دون إقصاء أحد.
ولفت زكور إلى أن قيادة الهيئة بدأت تدريجيّاً بتغيير سياستها خلافاً للاتفاق عن طريق السيطرة والهيمنة وقضم الفصائل وتفكيكها، والسعي إلى السيطرة العسكرية والأمنية والاقتصادية في مناطق الجيش الوطني.
واستطرد: “العمل الأمني من خطف وغيره دون التنسيق مع أي جهة ودون علمي الشخصي، بالإضافة لتوجيه التهم المعلّبة والجاهزة لكل مخالف لنهج قيادة الهيئة وتشويه صورته سواء كان من داخل الهيئة أو خارجها”.
ويأتي إعلان زكور عن انشقاقه من هيئة تحرير الشام، بعد تصدّر أخباره الواجهات اﻹعلامية والمواقع اﻹخبارية، نظراً لمكانته الرفيعة في صفوف الهيئة.
حول هذه التطورات، كشف حسن أبو هنية، خبير الجماعات المتشددة الكثير من التفاصيل، خلال حلقة اليوم من برنامج “ستديو أخبار الآن”.
قال أبو هنية إن “جبهة النصرة اعتادت على السلوك الدراماتيكي في التحولات، حيث بعد 2013 انفصلت عن تنظيم داعش وبدأت تحاربه”.
ولفت في حواره مع “أخبار الآن”، إلى أن “النصرة دخلت في ائتلافات عديدة قبل أن تصطدم معها”.
كما رأى الخبير في الجماعات المتشددة أن “الجولاني أحد الشخصيات البراغماتية المفتاحية داخل هذا التيار، ويعتبر نقطة توازن”، متابعًا: “الجولاني تخلص من داعش والقاعدة ومجموعات عديدة وآخرها مجموعة القحطاني وزكور وهذا ليس جديداً على الجولاني وهيئة تحرير الشام”.
وأوضح: “الجولاني يمسك بالجهاز الأمني والعسكري والتمويل وهذه المفاتيح الأساسية في الهيئة”. وحول دعوات أنصار القاعدة لعناصر الهيئة للانشقاق عن الهيئة أكد أبو هنية أن هذا “جزء من الصراع”.
وأوضح: “محاولة التحريض للانشقاق من قبل تنظيم (حراس الدين) لم تنجح عندما كانت في أوجها وتسيطر على مناطق وقوة تمويلية ولم تتمكن في إحداث خلل كبير في البنية الهيكيلية لمجموعة الجولاني”.
وأشار إلى أن “هناك مجموعة كبيرة داخل الهيئة تدين بالولاء لأبو ماريا القحطاني”.
كما بيـّن أنه “دائماً الجولاني يمسك بزمام الأمور وقدم استخدم أبو ماريا القحطاني من الناحية الأيديولوجية ومن الناحية العسكرية وكان هو أحد الأسباب الأساسية لانفصال النصرة عن داعش والقاعدة”.
وأكد أبو هنية أن “الجولاني عندما يستشعر بوجود أي قوة داخل الهيئة يتم التخلص منها”.
وواصل القول: “ثمة حسابات جيوسياسية وهناك قضية العلاقات مع تركيا وأمريكا، وقد تم وضع زكور على لائحة الإرهاب الأمريكية والتركية وأعتقد أنه يغازل الولايات المتحدة الأمريكية”.
وأردف القول: “الجولاني لا يترك أي شخصية بارزة وقد أصبحت علاقاته أحياناً عن طريق المصاهرة لضمان سيطرته على المجموعة وكذلك قضية التمويل”.
خبير الجماعات المتشددة أوضح أن “الجولاني بعد أن يتخلص من مجموعة زكور والقحطاني يصبح متفرداً في منطقة شمال غرب سوريا وداخل الهيئة ولا أعتقد أن هناك منافساً له، لأنه حتى أبو أحمد حدود يدين بالولاء المطلق”.
وأكد أن “الجولاني برهن خلال سنوات أنه قادر على التلاعب بجميع الأطراف المختلفة”.
وتابع القول: “نقطة الضعف الوحيدة أنه لا يوجد هناك قبول أمريكي برفع المجموعة عن لائحة الإرهاب وهذا يعد نوعاً من الجيوساسة وقضية حلفائهم الرئيسيين الأكراد إذ لا يريدوا أن يخلقوا مجموعة أخرى ومع ذلك هو لا يكف عن محاولة تقديم نفسه كمجموعة محلية عسكرية وسياسية أيضاً للغرب”.
وتتضارب الأنباء عن مكان تواجد “زكور” بعد إعلان انشقاقه، إذ تُشير بعضها إلى أنه متواجد في القسم الخاضع لسيطرة الجيش الوطني السوري المُمتد من جرابلس إلى عفرين، فيما تتحدث أنباء أخرى أنه لا يزال في منطقة إدلب وأنه يخضع لحماية عشيرة البكارة والتي تنتشر على الحدود السورية – التركية.
ومنذ مطلع شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري، تُكثف هيئة تحرير الشام من حملة اعتقالاتها في أرياف إدلب، إذ داهمت منازلاً عدّة اعتقلت من خلالها عناصر يعملون في صفوفها، بينهم قادة عسكريين بتهمة التخابر مع التحالف الدولي وروسيا وسلطة الأسد، بيّد أن تحرير الشام تحفظت على نشر أسمائهم أو التحدث عنهم.
بالمقابل، تُشير مصادر متطابقة، أن القوة التي داهمت منزل “زكور” كان يقودها عناصر يعملون في حركة أحرار الشام وتحديداً أحرار صوفان المتحالفين مع الهيئة والمنضوين تحت عباءتها.
تلك الروايات التي طرحت في ذلك الوقت على مواقع التواصل، دفعت “زكور” للردّ عليها ونفيها بشكل قطعي، ونشر على حسابه في منصة “X” سلسلة منشورات جاء فيها: “منذ خروج سجن صيدنايا واللحاق بركب الثورة السورية أعتبر الفصائل والجماعات وسيلة لنصرة الثورة والدين وليست غاية بذاتها وأنني وإن كنت أنتمي لفصيل تنظيمياً فإنني عملاً وقلبا أنتمي لكل فصيل ثوري مجاهد”.