محلل سياسي: أزمة ليبيا في وجود أطراف دولية تتحكم بإرادة وقرارات أطراف الصراع
في ظل استمرار أزمة ليبيا، يحيي المواطنون الذكرى الثالثة عشرة لثورة 17 فبراير 2011 التي انتهت بالإطاحة بنظام الزعيم الراحل معمر القذافي بعد تدخل عسكري دولي تحت لواء حلف “الناتو “.
ويأتي الاحتفال وسط تطلعات لإنهاء حالة الانقسام السياسي بين حكومتي الشرق والغرب، واستكمال مسار المصالحة الوطنية الشاملة بإجراء الإنتخابات، فالبلاد التي اختارات المضي على طريق الديمقراطية وجدت نفسها أمام انقسام سياسي واجتماعي واقتصادي عميق ومتشعب.
وكان من نتائج هذا الانقسام، انتشار الفقر واتساع الفساد وتشعب التجاذبات الخارجية على تحقيق مواطن نفوذ في البلد الثري بشمال أفريقيا، والحديث هنا بشكل خاص عن روسيا التي تتمتع بتواجد عسكري وازن تحت غطاء ما بات يعرف بالجيش الروسي الأفريقي (النسخة الجديدة من ميليشيا فاغنر).
كما ويزيد السلاح المتفلت من عمق الأزمة حيث تكمن المعضلة في شبكة من الميليشيات “الهجينة” أو شبه الرسمية، التي تمولها الدولة في الغالب، والتي تتمتع بامتيازات الدولة وسيطرة أشبه بالمافيا على الأراضي والموارد والتهريب.. فكيف ينظر الليبيون إلى مستقبلهم بعد 13 عاماً من الثورة؟.. هذا ما ناقشته في حلقة اليوم من برنامج “ستديو أخبار الآن“.
ما الحل المطروح في ليبيا؟
وحول هذا الموضوع، قال رئيس قسم العلوم السياسة بجامعة درنة، د. يوسف الفارسي، خلال استضافته في برنامج “ستديو أخبار الآن“، إن: “الصراع الداخلي في ليبيا مستمر منذ فترة طويلة، وهو للأسف صراع عميق، ولا يُمكن حل المشكلة داخليًا”.
وتابع الفارسي في معرض حديثه: “كنا نتمنى أن يتم حل المشكلة في ليبيا داخليًا، بين أطراف الشعب الليبي، ولا نريد تدخلات خارجية، ولكن اليوم المجتمع الدولي متداخل في الشأن الليبي وله مصالح حقيقية”.
كما أشار رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة درنة إلى أن: “البعثة الأممية تعمل اليوم على محاولة إيجاد آلية أو حوار لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه من الفشل الذي سببته الحكومات الليبية والسلطات بصفة عامة”.
وأضاف: “السلطات ساهمت بشكل كبير في عدم إجراء الانتخابات، فالكل متشبث بالسلطة، وبالتالي الحلول الدولية أصبحت هي الحلول المطروحة، ولكن هي تعثّرت كثيرًا بسبب الظروف الدولية، وما تمر به دول الجوار، وانشغال المجتمع الدولي بما حدث في غزة، والسودان، وأوكرانيا، وبالتالي عرقلت كل هذه الأحداث إيجاد حل”.
وواصل حديثه قائلًا: “المشكلة تكمن في إيجاد المجتمع الدولي لآلية حقيقية تعمل على حل المسألة والمشاكل في ليبيا، ومشاركة أطراف الصراع في حوار واسع”.
الوجود الروسي في ليبيا
ومن ناحيته، قال الكاتب والمحلل السياسي الليبي، إسلام الحاجي، خلال استضافته في برنامج “ستديو أخبار الآن“، إن: “ليبيا لا توجد بها إرادة سياسية”، مشيرًا: “جميع الأطراف في ليبيا لديهم طرف دولي متحكم في إرادتهم وقراراتهم واشتراطاتهم، لهذا السبب لا يُوجد ما يُسمى باتفاق (ليبي – ليبي) قد يُنقذ البلاد”.
وأضاف الحاجي خلال حديثه: “كل الأطراف الليبية هي مشغل للسياسة والاستراتيجية التي أُعدت مسبقًا من قبل الغرب المتدخل في الشأن الليبي، طيلة الـ 13 عامًا الماضية”.
وعن التدخل الروسي في ليبيا، أوضح الكاتب والمحلل السياسي الليبي أن: “ليبيا شهدت تدخلات من قوات فاغنر، التي دخلت أيضًا إلى أفريقيا وتعرف باسم المرتزقة الروسية”.
وتابع: “قوات فاغنر أصبحت هي الفيلق الأفريقي الروسي في ليبيا، وهذا أدخل البلاد في صراع كبير، حتى باتت ليبيا ورقة أو لعبة على الطاولة الدولية، ما يُسهم في عدم حل الأزمة، وإطال أمد الصراع المستمر لأكثر من 10 سنوات”.
الرأي رأيكم
وإلى ذلك، أجرت “أخبار الآن” استفتاءً ضمن فقرة “الرأي رأيكم”، وسألت المتابعين: “ما هو العائق أمام حل الأزمة الليبية بعد 13 عاما من الثورة؟”، وجاءت الإجابات على النحو التالي:
- 11% قالوا “تناحر الميليشيات”
- %73 قالوا “التدخلات الأجنبية”
- %16 قالوا “الصراع بين الأطراف السياسية”
وتعقيبًا على نتيجة الاستفتاء، قال رئيس قسم العلوم السياسة بجامعة درنة، د. يوسف الفارسي، إن: “بالطبع تناحر الميليشيات موجود”.
وعن الوضع الأمني أوضح: “في الجنوب والشرق، يُسيطر الجيش على الأمور بالكامل، وهناك أمن واستقرار”، مشيرًا: “غربي البلاد يُعاني من تناحر الميليشيات”.
مناورات هي الأكبر
وقبل أيام، بدأت أرتال من الوحدات العسكرية بالقوات المسلحة الليبية تحت رئاسة أركان القوات البرية في التحرك بقوامها وآلياتها المتنوعة التي تصل إلى أكثر من 7 آلاف آلية و25 ألف عسكري إلى مدينة سرت.
تأتي هذه التحركات استعداداً للمناورة العسكرية البرية الأكبر في تاريخ ليبيا والتي سيتم تنفيذها بالذخائر الحية في الأيام القادمة، وفقًا لإفادة القيادة العامة للقوات المسلحة.
وتهدف المناورة إلى رفع كفاءة الضباط وضباط الصف والجنود والعمل على وضعهم في حالة استعداد وجاهزية مستمرة.
كما أكدت وكالة أنباء نوفا الإيطالية يوم الأربعاء الماضي أن أبناء خليفة حفتر، صدام وخالد، أرسلوا رجالا ومركبات عسكرية نحو صحراء سرت والجفرة.
وينظر إلى هذه الخطوة، التي جاءت قبل أيام قليلة من ذكرى ثورة 17 فبراير، على أنها عرض للقوة من قبل الضباط، بدعم من موسكو، بهدف تعزيز وجودها في ليبيا في تاريخ مهم لتاريخ البلاد الأخير.
🔶 في حدث غير عادي من نوعه، #الجمع_السنوي لرئاسة أركان القوت البرية – غرفة عمليات #سرت الكبرى ، بحضور رئيس الأركان البرية (مراجع العمامي) وٱمر عمليات القوات البرية اللواء (صدام حفتر)، والعديد من القيادات العسكرية، لرفع الجاهزية تنفيذا لتعليمات #لقائد_العام المشير (خليفة حفتر) pic.twitter.com/9JFRfj9RSg
— مغاوير القيادة (@Ibnwatanlibya) February 13, 2024
وذكرت نوفا، نقلا عن مصدر أمني من الجفرة، أن سلسلة من المركبات العسكرية انتقلت خلال اليوم الأخير لإجراء تدريبات في سرت والجفرة.
تشمل الألوية الرئيسية المشاركة في التدريبات “القيادة العامة” بقيادة خليفة حفتر، والوحدات الأمنية بقيادة خالد حفتر، ولواء طارق بن زياد بقيادة صدام حفتر، واللواء 128 بقيادة حسن الزادمة.
ووفقا لنفس المصدر، تهدف هذه المناورات إلى إرسال رسالة مفادها أن أبناء حفتر يسيطرون على الوضع، بوجود والدهم أو بدونه، وقادرون على فرض سيطرتهم العسكرية على المنطقة الشرقية من ليبيا.