أخبار الآن | موسكو – روسيا (محمود طه)
تروي الأسطورة أن الشاعر الأوروغوياني إدواردو غاليانو كان عندما يبدأ المونديال يغلق غرفته مُعلقاً ورقة على بابها كـتب فيها: “مغلق من أجل كأس العالم“.
ولا يخرج من غرفته لمدة شهر ليستمتع بمشاهدة المونديال والكتابة عن كرة القدم.
الرجل المُلقب بشاعر كرة القدم رحل عن دنيانا في شهر أبريل من عام ٢٠١٥، ولكن بقي إرثه الأدبي وكتبه الخالدة في المكتبة العالمية، والتي يعد أبرزها كتاب ”كرة القدم بين الشمس والظل“.
في كتابه حاول إدواردو الخوض في خبايا كرة القدم وكشف تفاصيلها المثيرة بريشة فنان، ليتناول اللعبة الشعبية الأولى في العالم من منظور مختلف.
عن حراس المرمى، تجد الشاعر الأوروغوياني كتب قائلا: ”حارس المرمى.. يسمونه أيضا البواب، ولكننا نستطيع أن نسميه الشهيد، الوثن، النادم، أو المهرج الذي يتلقى الصفعات“.
”إنه وحيد، محكوم عليه بمشاهدة المباراة من بعيد، ينتظر وحيدا إعدامه رمياً بالرصاص بين العوارض الثلاث“.
”كان في السابق يرتدي الأسود مثل الحكم، أما الآن فلم يعد الحكم يتنكر بزي الغراب، وصار حارس المرمى يسلو وحدته بتخيلات ملونة“.
”إنه لا يسجل أهدافاً، بل يقف ليمنع تسجيلها، ولأن الهدف هو عيد كرة القدم، فإن مسجل الأهداف يصنع الأفراح، أما حارس المرمى، غراب البين، يحبطها“.
”يحمل على ظهره الرقم ١، أهو الأول في قبض المال؟ إنه الأول في دفع الثمن، فحارس المرمى هو المذنب دائما، وهو الذي يدفع الثمن حتى لو لم يكن مذنباً، فعندما يقترف أي لاعب خطأ يستوجب ضربة جزاء، يتحمل هو العقوبة، يتركونه وحيدا أمام جلاده في اتساع المرمى الخاوي، وعندما يتعرض الفريق لسوء حظ يكون عليه دفع الثمن تحت وابل من الكرات ليكفر عن ذنوب الآخرين“.
هكذا وصف إدواردو حال حراس المرمى ومعاناتهم مع كرة القدم، فهو مركز حُكم على من يشغله بالحرمان من مشاركة رفاقه في متعة اللعب، وعندما تتجه إليه الكاميرات يكون في موقف لا يحسد عليه في مواجهة وابل من الكرات يجب التصدي لها، وعندما يقل مردود الفريق يكون عليه مواجهة غزوات المنافس، حتى عندما يرتكب أحد رفاقه خطأ، فهو عادة ما يدفع الثمن.
وفي المونديال الحالي احتدمت المنافسة بين حراس المرمى في سباق إثبات الذات، وربما الحصول على جائزة القفاز الذهبي التي تقدم لحارس العرين الأفضل في كأس العالم.
الجائزة عادة ما تقدم للحارس الذي نجح في بلوغ المباراة النهائية وتوج باللقب، فخلال آخر ٣ نسخ حصل على الجائزة من قاد بلاده لمعانقة الكأس، ففي عام ٢٠١٤ حصدها الألماني مانويل نوير، وفي عام ٢٠١٠ توج بها الإسباني إيكر كاسياس، كما حصل عليها الإيطالي جيان لويجي بوفون في عام ٢٠٠٦.
أما في عام ٢٠٠٢ فقد تم تكريم الألماني أوليفر كان بالجائزة رغم الخطأ المباشر له في المباراة النهائية أمام البرازيل، ولكنه استحق الفوز بها نظراً لمجمل مشواره المتميز في البطولة.
وفي مونديال ١٩٩٨ ذهبت الجائزة للفرنسي فابيان بارتيز، أما في مونديال ١٩٩٤ فقد توج بها البلجيكي ميشيل برودوم رغم خروج منتخب بلاده من الدور ثمن النهائي أمام ألمانيا.
وفي المونديال الحالي يتنافس عدد كبير من الحراس على الفوز بالجائزة، ولكن قد تنحصر في النهاية بين الفرنسي هوغو لوريس والكرواتي دانييل سوباسيتش.
طوال مشوار البطولة نجح الحارسان في تقديم مستويات رائعة، ولكن قد تميل الكفة للحارس الكرواتي الذي نجح في تصدر المشهد خلال مواجهتين كان له الكلمة العليا في تحقيق الفوز خلالهما، حيث برع في التصدي لركلات الترجيح أمام الدانمارك وروسيا، كما زاد عن مرماه في مواجهة إنكلترا في نصف النهائي.
سوباسيتش الذي ينشط في صفوف موناكو الفرنسي نجح في الحفاظ على نظافة شباكه خلال دور المجموعات أمام نيجيريا والأرجنتين، وغاب عن مواجهة آيسلندا التي شهدت الهدف الأول في شباك الذي يسكن شباك الكروات.
وفي الأدوار الإقصائية اهتزت شباكه ٤ مرات ”هدف أمام الدانمارك، هدفان أمام روسيا، هدف أمام إنكلترا“، وكان له دور البطولة في ركلات الترجيح أمام الدانمارك وروسيا متفوقا على عملاقين بحجم كاسبر شمايكل وإيغور أكنفيف.
أما الفرنسي هوغو لوريس فقد تعرض لهجوم كبير خلال مشوار الفريق في المونديال، خاصة بعد مباراة الأرجنتين التي شهدت تسجيل ٣ أهداف في مرماه.
ولكن الحارس كان قد تألق أمام بلجيكا في مباراة نصف النهائي، كما ظهر بشكل متميز أمام أوروغواي في ربع النهائي.
لوريس استقبلت شباكه ٤ أهداف طوال البطولة، ٣ منها أمام الأرجنتين، في حين كان الهدف الرابع من ركلة جزاء أمام أستراليا في افتتاح مواجهات الديوك، وهو ما يعكس تميزه خلال إجمالي المشوار بإستثناء مباراة واحدة.
المباراة النهائية قد تكون لها كلمة الحسم لتحديد مسار القفاز الذهبي، ولكن في كل الأحوال ستكون الجائزة من أبرز مفاجآت المونديال حيث خابت آمال حراس راهن الجميع عليهم بأن يكونوا الأفضل خلال البطولة، ولكن انتهاء مشوار منتخباتهم مبكرا من جهة، أو عدم مشاركتهم من الأساس خلال المباريات، غيرت مسار الجائزة.
اقرأ أيضا: