منذ أن وطأت قدماه إسبانيا وبدأ المهاجم الدولي المغربي يوسف النصيري يتسلق المراتب بتأنٍ متسلحًا بالتركيز والعمل الجاد حتى بات بفضل أهدافه وجهده في الملاعب عنصرًا أساسيًا في تشكيلة فريقه إشبيلية ومحط اهتمام العديد من الأندية في القارة العجوز.
وضرب خرِّيج أكاديمية محمد السادس في مدينة سلا المغربية التي تعني بالمواهب الصغيرة، بقوة في مباراتيه الأخيرتين على ملعب ”رامون سانشيس بيسخوان“ في إشبيلية بتسجيله ثلاثيتين، الأولى ضد ريال سوسيداد في المرحلة الثامنة عشرة في التاسع من يناير الحالي، ثم أمام قادش مساء السبت الماضي في المرحلة العشرين.
وكانت ثلاثية قادش هي الثلاثية الثالثة للنصيري البالغ من العمر 23 عامًا في مسيرته الاحترافية، بعد الأولى في مرمى ريال بيتيس في فبراير 2019 عندما كان يدافع عن ألوان ليغانيس، والثانية أمام سوسيداد.
وأصبح ابن مدينة فاس أول لاعب في تاريخ النادي الأندلسي يسجل ”هاتريك“ في مباراتين متتاليتين على ملعب الفريق بالليغا منذ غييرمو كامبانال في سبتمبر وأكتوبر من عام 1940.
وعلّق النصيري الذي اقتنص صدارة لائحة الهدافين في الليغا برصيد 12 هدفًا مشاركة مع مهاجم أتلتيكو مدريد الدولي الأوروغوياني لويس سواريز، على ثلاثيته عقب مباراة قادش قائلًا: ”أنا سعيد جدًا بهذه الثلاثية وسعيد أيضًا بالعمل الذي قدمه اللاعبون وسأواصل في هذا الطريق لإحراز الأهداف وسنحاول كسب أكثر عدد من النقاط حتى النهاية ولن نستسلم“.
وأضاف: ”أعتقد أن الأمور لم تتغير بالنسبة لي منذ بدأت مسيرتي الاحترافية، فكلّ ما أحققه الآن هو نتيجة للعمل الجاد والتركيز، هما المفتاح عندما يتعلق الأمر بتسجيل الأهداف“.
رحلة صعود يوسف النصيري في الليغا
وتسلّق النصيري للمراتب في الليغا في صمت، فبعد بداية مشواره موسم 2016-2017 مع الفريق الرديف لملقة، حجز لنفسه مركزًا أساسيًا في تشكيلة الفريق الأول وخاض معه 39 مباراة سجل خلالها 5 أهداف حتى صيف 2018، عندما شارك مع منتخب بلاده في سن الـ21 في مونديال روسيا وتألق بشكل لافت في المباراة الأخيرة في الدور الأول ضد إسبانيا عندما منح المغرب التقدم 2-1 بضربة رأسية رائعة، قبل أن تدرك الأخيرة التعادل في الوقت بدل الضائع عبر ياغو اسباس.
وانتقل النصيري إلى ليغانيس عقب العرس العالمي وسجل له 15 هدفًا في 53 مباراة، قبل أن يتعاقد معه إشبيلية في يناير الماضي، ولعب أغلب المباريات احتياطيًا للدولي الهولندي لوك دي يونغ.
لكن النصيري فرض نفسه بقوة هذا الموسم ما قرر مدربه جولن لوبيتيغي الدفع به أساسيًا وكان عند حسن ظنه بتسجيله 12 هدفًا حتى الآن في الليغا و16 هدفًا في مختلف المسابقات بعد ثنائيتيه في مرمى كراسنودار الروسي ورين الفرنسي في دور المجموعات لمسابقة دوري أبطال أوروبا.
ورفع يوسف النصيري غلته التهديفية في الليغا إلى 34 هدفًا، كرابع أفضل هداف مغربي في تاريخ الدوري الإسباني، وهو يمني النفس بالسير على خطى مواطنيه السابقين الذين تركوا بصمة في الليغا في مقدمتهم الراحل العربي بن مبارك (58 هدفًا) الذي قاد أتلتيكو مدريد للتتويج بلقبين متتاليين في الدوري (1949-1950 و1950-1951)، والهداف التاريخي لغرناطة يوسف العربي (43 هدفًًا)، والنجم السابق لديبورتيفو لاكورونيا مساعد مدرب المنتخب المغربي حاليًا مصطفى حجي (40 هدفًا).
يوسف النصيري ينال إشادات واسعة في الصحافة العالمية
تألق يوسف النصيري لم يخطف الأنظار داخل الليغا فحسب، لكن العروض بدأت تنهال عليه، وأبرزها من وست هام يونايتد الإنكليزي الذي ذكرت تقارير صحفية أنه عرض 30 مليون يورو لضم المهاجم المغربي الشاب، لكن الفريق الأندلسي رفض العرض بعدما وجد مدربه لوبيتيغي ضالته التهديفية في النصيري خصوصًا وأنه يتوقع منه المزيد من التألق في الفترة المقبلة.
كما هنأ المدير الفني للمنتخب المغربي، وحيد خليلهودزيتش، قلب هجوم فريقه المقبل بعد أكثر من شهر على مواجهة جمهورية إفريقيا الوسطى وموريتانيا في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس الأمم الإفريقية المقررة في الكاميرون مطلع العام المقبل، في رسالة قال فيها: ”مرحبا يوسف، أهنئك على الثلاثية، لقد قدمت مباراة جيدة جدًا، تستحق المزيد. حظًا سعيدًا في المباريات المقبلة“.
ومن جهته، أشاد مصطفى حجي مساعد مدرب المنتخب المغربي بالأداء الذي قدمه مهاجم إشبيلية، وقال: ”هاتريك رائع، سعيد من أجلك يوسف، أنت على الطريق الصحيح، استمر، نحن سعداء لك في الجهاز الفني للمنتخب المغربي“.
وحظي النجم المغربي بإشادات واسعة في وسائل الإعلام بالقارة العجوز. ففي إسبانيا، عنونت صحيفة ”موندو ديبورتيفو“ مقالها بـ ”النصيري الناري“، فيما كتبت صحيفة ”آس“: ”ملعب سانشيس بيسخوان أصبح حديقة النصيري“ في إشارة إلى ملعب إشبيلية. وأكدت صحيفة ”ليكيب“ الرياضية الفرنسية أن ”أسد الأطلس لا يتوقف أبدًا عن الإبداع في إشبيلية“.
وفي بلجيكا، أوضحت صحيفة ”والفوت“ أن ”الأندلسيين سلموا مفاتيح الشاحنة ليوسف النصيري“، فيما أشادت به صحيفة ”أبولا” البرتغالية بعدما اعتلى صدارة هدافي الليغا.