جهود لترميم آثار بيزنطية في الأردن
ينهمك عدد من العمال الأردنيين والسوريين مع خبراء الأثار في استعادة رونق أرضية من الفسيفساء البيزنطية في كنيسة من القرن السابع في رحاب في شمال الأردن.
وهم يعملون ضمن برنامج لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “يونسكو” قدّم منذ انطلاقه عام 2019 نحو 300 فرصة عمل بدعم من الحكومة الألمانية ويهدف الى المساهمة في محاربة الفقر والبطالة مع حفظ التراث.
ويقول المسؤولون في اليونسكو إن المشروع الحالي يمهد الطريق لمشروع أكبر للحفاظ على التراث في ستة مواقع في شمال الأردن، تمن المتوقع أن يوفر أكثر من ألف فرصة عمل ولمدة عامين. وارتفع معدل البطالة عام 2020 ليصل الى نحو 23 بالمئة، في بلد تجاوز دينه العام 102 في المئة من الناتج المحلي.
تغيير في نهج حماية التراث
وأنجز فريق العمل ذاته الشهر الماضي ترميم فسيفساء كنيسة القديسة مريم التي بنيت عام 543 ميلادي في رحاب أيضا.
وتقول كبيرة مسؤولي المشروع في اليونسكو جورجيا شيزارو “المشروع بالغ الأهمية لإنه يمثّل تغييرا في نهج حماية التراث”.
وتضيف “إنه يأخذ بالاعتبار وضع السكان قرب المواقع الأثرية، والفكرة هي تدريبهم على حماية تراثهم”.
وتضم قرية رحاب 32 كنيسة أثرية، خمس منها فقط تظهر بقاياها للعيان، بينها كنيسة القديس جاورجيوس المبنية عام 230 ميلادي والتي تعد من أقدم كنائس العالم. بينما تغطي الرمال الأخرى. وهُجرت تلك الكنائس التي اكتشف معظمها بين عامي 1999 و2002، تدريجيا منذ العصر الأموي وحتى القرن التاسع.
ويقطن المفرق نحو 550 ألف شخص بينهم 165 ألف سوري، ثمانون ألفا منهم في مخيم الزعتري.
وتقدم نحو 600 شخص للعمل في المشروع، اختير نصفهم تقريبا. ويشكل الأردنيون 70 بالمئة من العاملين في البرنامج والسوريون 30 بالمئة. بينما 20 بالمئة من العاملين فيه إناث.
وتقول مسؤولة المشاريع في قسم الثقافة في “يونسكو” دانيا ديراني لفرانس برس إن للمشروع “هدفين أساسيين هما أولا حفظ التراث وثانيا توفير فرص عمل لأهل المنطقة”.
ويتم اختيار الأشخاص وفق تقييم من ناحية عدد أفراد الأسرة ودخلها وحاجتها و”الأكثر حاجة هم الذين يحصلون على العمل”.
وبحسب ديراني، تم تدريب هؤلاء وتثقيفهم ب”تاريخ الموقع والكنيسة والفسيفساء وأهمية العمل ثم آليات العمل وحفظ الفسيفساء والخلطات المستخدمة والترميم”.
وتتراوح الأجور بين 12,5 دينارا (17,6 دولارا) يوميا و15 دينارا، إضافة الى وجبات الطعام والمواصلات.
ويفخر العوض بعمله ضمن مشروع “فرص العمل لصون التراث الثقافي في الأردن”. ويقول لفرانس برس “هذه معالم تاريخية يجب الحفاظ عليها وصيانتها وترميمها، أنا سعيد وفخور بأنني جزء من هذا العمل”.
ويضيف الرجل الأسمر الذي ارتدى زيا أزرق وكمامة سوداء “المشروع أنقذ وضعي المادي، إذ ليس هناك عمل”، مشيرا الى أن لديه ستة أطفال أصغرهم طفلة بعمر أربع سنوات وأكبرهم شاب بعمر 18 عاما.
ويتابع “نحن لاجئون والعائلة كبيرة ومصروفها كبير. إيجار البيت تقريبا 100 دينار (نحو 141 دولارا)”. وهو يتقاضى من المشروع نحو 300 دينار (423 دولارا) شهريا.
ويقول الخزاعلة ذو الشعر الأسود الداكن والذي حصل على شهادة دبلوم عالي في فن وترميم الفسيفساء من معهد مادبا عام 2016، من جهته، إنه اكتسب “مهارات وخبرة أكبر”.
ويضيف الرجل العازب الذي يقطن رحاب مع عائلته “لم تكن هناك فرص عمل والظروف صعبة جدا”، مشيرا الى أنه فرح بالعمل ضمن تخصصه.