تواريخ مهمة في غزو البشر للفضاء
لطالما كان سباق الغزو للفضاء تحدٍ بين الدول ورسالة سياسية واستراتيجية وخاصة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي سابقاً خلال الحرب الباردة.
انطلقت في الـ 12 من أبريل (نيسان) 1961 أول رحلة بشرية إلى الفضاء، وكان على متنها السوفيتي يوري غاغارين.
وقبلها بأعوام قليلة في 1957، أُطلق أول قمر اصطناعي من صنع الإنسان “سبوتنيك 1” إلى الفضاء الخارجي، مؤذناً بفتح الباب أمام استكشاف الفضاء.
ثم أصبحت فالانتينا تيريشكوفا أول امرأة تحلّق في مدار حول الأرض في الـ 16 من يونيو (حزيران) 1963.
ثم وطأ نيل آرمسترونغ بقدمه سطح القمر في الـ 20 من يوليو (تموز) 1969. وبالتحام مركبتَي “أبولو” و”سويوز” الفضائيتين في الـ 17 من يوليو 1975، كانت أول بعثة بشرية دولية إلى الفضاء، ومن بعدها جرى الحفاظ على وجود بشري دائم متعدد الجنسيات في الفضاء الخارجي على متن المحطة الفضائية الدولية.
أدركت الأمم المتقدمة أن الفضاء الخارجي يضيف بُعداً جديداً لوجود البشرية، ولتحسين شروط الحياة البشرية على كوكب الأرض. وكالعادة، جرى تنظيم عمليات استكشاف الفضاء الذي دخلت فيه دول كثيرة، منها الصين والاتحاد الأوروبي والهند والبرازيل وأخيراً الإمارات ومن ثم الشركات الخاصة، وهذا الاستكشاف يخضع لبنود معاهدة “كارتا ماغنا (الميثاق الأعظم) المتعلقة بالفضاء” منذ 1967 بكونها الصك الأساسي للقانون الدولي للفضاء، التي تخضع للتطوير كلما تطوّرت آفاق اكتشاف الفضاء.
فوائد اكتشاف الفضاء
كان مشروع “أبولو” تأكيداً على قدرة الإنسان على السفر نحو النجوم، لكن المغزى من هذه القدرة بقي غير معروف، لكن خلال التسعينيات من القرن العشرين، أطلقت الرحلات الفضائية جيلاً جديداً من الأقمار الاصطناعية والمسابر الآلية الأكثر تطوراً، التي تعمل على اكتشاف الكواكب القريبة من الأرض، ودخلت دول جديدة التحدي الفضائي، ما أدى إلى ازدحام الساحة الفضائية. فإضافة إلى وكالة الفضاء الأمريكية، حافظت روسيا على خبراتها وإمكاناتها في هذا المجال.
واستقلّت اليابان نوعاً ما في معظم النشاطات الفضائية، ودخلت أوروبا القرن الواحد والعشرين كقوة فضائية رئيسة ضمن الوكالة الفضائية الأوروبية، وثبّتت الصين أقدامها كقوة فضائية بعد عقود من الجهود المتواصلة، وواصلت الهند تطوير قدراتها الصاروخية بعد إطلاقها التجاري الناجح لأقمار اصطناعية في المدار القريب للأرض عام 1999.
الثمار التي يجنيها الإنسان من رحلات الفضاء تتمحور حول زيادة المعرفة العلمية بهذا المجال وأسراره، واحتمالات الأبحاث الجديدة وإمكانات تطوير الصناعات، وتقديم اختراعات يمكن توظيفها مباشرة في خدمة الإنسان، ومنها استخدام مدار الأرض لاستقبال المئات من الأقمار الاصطناعية، التي كان تأثيرها كبيراً في الإنسانية، إذ اختصرت المسافات بين البشر عبر شبكة الاتصالات المتطورة، وأضافت الكثير إلى معرفتهم بالأرض كتحسين توقعات الطقس ومراقبة واستكشاف الثروات الأرضية والمساعدة في الملاحة والإنقاذ والصيد.
وأنتجت هذه الرحلات تطبيقات في حقول تكنولوجيا الحاسوب الإلكتروني ومواد الاستهلاك والطب والبيئة وتحسين الإنتاجية الصناعية والمواصلات وغيرها، كآلات كشف الدخان وشاشات التلفزيون المسطحة والبطاريات الطويلة الاستخدام وأجهزة قياس التلوث وتطهير المياه وأنظمة معالجات طبية مختلفة بالليزر لسرطان الثدي وأمراض القلب، يمكن الوصول إليها من خلال أبحاث مباشرة بشكل أرخص وأسرع بكثير. وكذلك تطوير الأبحاث الفضائية عبر نشر التلسكوبات الفضائية التي تسبر أعماق الفضاء التي أدّت بدورها إلى اكتشافات جديدة لم يكن الإنسان يتوّقع الوصول إليها في هذه الفترة القصيرة.
الشركات الخاصة والسياحة الفضائية
بقي غزو الفضاء حكراً على الدول الكبرى ومؤسساتها، وعلى رأسها وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” التي تتلقّى تمويلاً هائلاً للقيام بمهماتها. لكن في الأعوام القليلة الماضية، ظهرت المبادرات من الشركات الخاصة لغزو الفضاء، وأكثرها شهرة تلك التي أعلنت عنها شركة سبيس إكسSpaceX التي أسّسها إيلون ماسك، رجل الأعمال صاحب الأفكار الشجاعة في هذا المجال. وكان آخرها إعلان شركته خلال الأسبوع الماضي عن إطلاق أول صاروخ لها يحمل أشخاصاً إلى مدار الأرض، وذلك بعد أكثر من أسبوعين من إطلاقها أسطولاً مكوّناً من 60 قمراً اصطناعياً. وانطلق صاروخ “فالكون 9” من فلوريدا، حاملاً سفينة الفضاء “كرو دراغون” التي صممّتها “سبيس إكس”، وتموّلها وكالة “ناسا”، وعلى متنها اثنان من رواد فضاء الوكالة، هما: بوب بهنكن ودوغ هيرلي.
وهذه هي المرة الأولى التي تنقل فيها مركبة فضائية تجارية البشر إلى الفضاء، والمرة الأولى التي يتم فيها إطلاق رواد فضاء من الولايات المتحدة منذ نهاية برنامج مكوك الفضاء قبل تسعة أعوام، إذ اعتمدت أميركا على الرحلات المشتركة مع روسيا التي قامت بنقل رواد الفضاء الأميركيين، ليلتحقوا بزملائهم في محطة الفضاء الدولية.
هذه التطورات الأخيرة من دخول الشركات الخاصة إلى سباق غزو الفضاء يطرح أسئلة عدة حول الجدوى الاقتصادية من هذه الرحلات التي تتراوح تكلفتها ما بين بضعة ملايين من الدولارات كحد أدنى للأقمار الاصطناعية الصغيرة، ومئة مليار دولار للمحطة الفضائية العالمية.
تمثّل السياحة الفضائية قطاعاً واعداً جداً، وهناك كلام قد يبدو خيالياً حول إقامة منتجعات سياحية على القمر مثلاً أو تصنيع العقاقير والمركبات المعقدة في ظروف انعدام الجاذبية. وفي سبتمبر 2016، كشفت شركة “سبايس إكس”SpaceX عن نيّتها الوصول إلى المريخ، وجعل السفر الفضائي سياحة متاحة للجميع. وبدأت بالإعلان عبر موقعها الإلكتروني عن أسعار التذاكر.