الجانب المضيء لـ chatgpt في تنمية مهارات الطلاب وتوسيع مداركهم
- chatgpt يمكن أن يتحول لمساعد شخصي للطلاب في المنزل
- إشراك ChatGPT في العملية التعليمية، يجب أن يبدأ من المعلم نفسه، إذ يمكن لهذا الروبوت أن يفيد المدرسين أيضًا
“الذكاء الاصطناعي يمكنه تغيير التعليم، وإضفاء الطابع الشخصي على التعُّلم، وتمكين الطلاب من التعُّلم بالسرعة التي تناسبهم”.. مقولة أطلقها ساندر بيتشاي الرئيس التنفيذي لشركة جوجل، ربما تجعلنا نعيد التفكير في كيفية الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي، الذي يمكن أن يحدث ثورة حقيقية في الطريقة التي نتعامل بها مع التدريس والتعلم.
هذه المقولة تأتي في ظل جدل مُحتدم بين الأوساط الأكاديمية حول العالم، خشية استغلال chatgpt
أحدث أدوات الذكاء الاصطناعي، كوسيلة للغش والانتحال الأكاديمي وسرقة الأفكار، بعدما باتت أداة سهلة في يد الطلاب، تمكنهم من إنجاز واجباتهم الدراسية بمختلف أنواعها فقط بكبسة زر، لقدرتها الفائقة على توليد إجابات على الأسئلة المتعلقة بالاختبارات والواجبات.
يأتي ذلك نظرًا لقدرة الروبوت Cha GPT على فهم مدخلات اللغة الطبيعية وإنتاجها؛ إذ يمكنه الرد على الأسئلة بطرق تجعل من الصعب التمييز بين المحتوى الذي يصنعه هذا البرنامج، والإجابات التي يكتبها الطلاب بأنفسهم.
لكن في المقابل، هناك تيار من الأكادميين ينادي بضرورة استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي وعلى رأسها chatgpt بطريقة إبداعية وغير ضارة، للاستفادة من إمكانياتها الهائلة في تنمية القدرات النقدية للطلاب، مشيرين إلى أن ذلك سيكون بمثابة حافز للتغيير في ممارسات التعلم في الفصول الدراسية.
وطالب هذا التيار، المدارس والجامعات بضرورة تتبنى chatgpt بشكل مدروس كوسيلة تعليمية مساعدة، يمكنها أن تطلق العنان لإبداع الطلاب، وتوفر لهم دروس خصوصية في المنازل، وتساعد على إعداد الطلاب بشكل أفضل للعمل جنبًا إلى جنب مع الذكاء الاصطناعي.
هذه النظرية لها وجاهتها، ففي السابق حينما ظهرت شبكة الإنترنت، وتنامى استخدام محرك البحث جوجل، وموسوعة ويكيبيديا، اعتقد المعلمون حينها أن ذلك سيدمّر التعليم، ويجعل الطلاب أكثر اعتمادًا على الإنترنت في واجباتهم المدرسية، لكن ذلك لم يحدث. بل على العكس؛ أصبحت شبكة الإنترنت موردًا لا غنى عنه بالنسبة للطلاب، وساهمت في توسيع مداركهم، وإطلاعهم على ثقافات ومعارف مختلفة، بلغات عدة، لم يكونوا ليصلوا إليها دون وجود الإنترنت، الذي أضحى نافذة واسعة للتعلم الذاتي واكتساب المهارات والمعارف، في شتى المجالات العلمية.
وعلى عكس الجوانب السلبية، هناك تأثير مذهل لاستخدام التكنولوجيا، ساهم في زيادة وصول الملايين من الناس إلى المعلومات على مستوى العالم. على سبيل المثال، من منا لا يستخدم هاتفه الذكي في القراءة والكتابة، واستخدام المدقق الإملائي، وبرامج تحويل النص إلى كلام، والكلام إلى نص، وبرامج الترجمة. هذه التكنولوجيا نستخدمها في حياتنا اليومية دون التفكير في كيفية تطورها لأول مرة.
لذلك سنركز في السطور التالية، على الجانب المضيء لبرامج الذكاء الاصطناعي، والتي يمكن للطلاب من خلالها أن يستفيدوا من ChatGPT في تنمية مهاراتهم، وتوسيع مداركهم.
مساعد شخصي.. ماذا نتعلم منه؟
في وجود محركات البحث على الإنترنت، ربما يتوافر للطلاب مصدرًا للإجابة على أسئلتهم المتنوعة، لكن الإجابات عادة لا تحمل طابعًا شخصيًا مثلما يفعل المعلم حينما يجيب على سؤال تلميذه، إذ تحيلك المحركات لمئات الصفحات التي تحوي معلومات متنوعة، ربما قد تصيبك بالتشويش، وتعطيك معلومات لا تناسب ما تود البحث عنه.
لكن في المقابل، يمكن أن يتحول ChatGPT إلى مساعد شخصي في المنزل، يوفر للطلاب إجابات متخصصة ذات طابع بشري، تركز فقط على النقاط المطروحة بدقة وبلغة سليمة.
ببساطة، فإن chatgpt يمكن أن يستخدمه الطلاب بعدة طرق لتعزيز التعلم في المنزل، استعدادًا للفصل الدراسي، وبعد انتهاء اليوم الدراسي، يمكن لهذا الروبوت أن يتحول لمدرس شخصي في المنزل يشرح المفاهيم، ويعطي الأمثلة المختلفة التي تساعد الطللاب على فهم الموضوع بطريقة جيدة. ليس ذلك فحسب؛ بل يمكنه أن يضع للطلاب الخطوط العريضة التي يسيروا عليها في كتابة موضوع معين، كما يمكنهم أن يتعلموا من أسلوبه في طرق الكتابة والسرد.
وتمثل الكتابة أحد أبرز المهارات التي يجب على الطلاب الإلمام بها، وبغض النظر أنهم يحتاجون لمهارة الكتابة لاجتياز الاختبارات الدراسية المختلفة، لكن احتياجهم إليها يتعاظم بعد التخرج أيضًا، لأن التقديم على بعض الوظائف يتطلب في الأساس مهارات معتمدة على الكتابة المُتقنة في شكل تقارير ورسائل بريد إلكتروني وعروض تقديمية؛ لذلك يحتاج الطلاب لأن يكونوا قادرين على البحث والتفكير النقدي وتنظيم أفكارهم بشكل متماسك من أجل أداء هذه المهام بعد التخرج.
ويمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي مثل chatgpt أن تجعل الطلاب يتعلمون السرد الشخصي، والكتابة بالمعلومات، والتفكير النقدي، والمراجعة، والبحث، والمناقشة، وتنظيم الأفكار بشكل إبداعي.
ليس ذلك فحسب بل يمكن أن يتحول chatgpt إلى مُدرّب على الكتابة أو مدرس شخصي للطلاب، وبدلاً من انتظار ملاحظات المعلم، يمكن للطلاب أن يتلقوا التعليقات على كتاباتهم في غضون ثوانٍ باستخدام هذه الأداة، التي بإمكانها مراجعة كتاباتهم الشخصية في موضوع ما وتحريرها وإعطاء بعض الملاحظات لتحسينها.
يقول مدير مركز تعزيز التعلم والتعليم بجامعة كنتاكي الأمريكية الدكتور تري كوناتسر: “نحن نستخدم الكتابة في الفصل الدراسي ليس فقط لتظهر لنا ما يعرفه الطلاب، ولكن حتى تتاح لهم الفرصة للتعلم في المقام الأول، لأن الكتابة نفسها هي نشاط اكتشاف”.
ويعمل “كوناتسر” مع المدربين حول تطوير المناهج الدراسية، ويشير إلى أن المدرسين يخططون لحث الطلاب على استخدام chatgpt لنقد المخرجات بأنفسهم، وهذا سيساعد الطلاب على التفكير في نوع الكتابة التي من المفترض أن يقوموا بها في الفصل، ليروا كيف يرقى الطالب إلى أسلوب الكتابة والهيكل الذي يجب أن يتعلمه.
هناك ميزة أخرى يمكن أن يتعلمها الطلاب من chatgpt وهي تحسين مهارات التفكير النقدي، الذي يعتمد على البحث، والقراءة، والقدرة على التمييز بين الحقيقة والرأي، والانفتاح على وجهات نظر متعددة، والقدرة على تنظيم المعلومات التي يتعلمها الطالب في صورة متمسكة ومفهومة.
تعزيز طرق التدريس
إشراك ChatGPT في العملية التعليمية، يجب أن يبدأ من المعلم نفسه، إذ يمكن لهذا الروبوت أن يفيد المدرسين أيضًا، ويُحدث نقلة نوعية في طرق التدريس التقليدية، عبر الاستفادة من قدرة الذكاء الاصطناعي الهائلة على توليد الأفكار والمعلومات.
ويعد إنشاء الخطوط العريضة للدروس إحدى الطرق التي يمكن للمدرسين من خلالها استخدام ChatGPT في الفصل.
وفي مثال حي على ذلك، تقول شيري شيلدز، مدرسة اللغة الإنجليزية بالمدرسة الثانوية في ولاية أوريجون الأمريكية، إنها اختارت طلابًا في أحد فصولها لاستخدام ChatGPT لإنشاء خطوط عريضة لمقالاتهم التي تقارن وتناقض قصتين قصيرتين من القرن التاسع عشر تتطرقان لموضوعات تتعلق بالجنس والصحة العقلية. وبمجرد إنشاء الخطوط العريضة، وضع الطلاب أجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بهم بعيدًا وكتبوا مقالاتهم بخط اليد.
وأضافت أن هذه العملية لم تعمق فقط فهم الطلاب للقصص وحسب؛ لكنها علمتهم أيضًا كيفية التفاعل مع مخرجات أدوات الذكاء الاصطناعي وتقييمها، وفق صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.
ويمكن لهذا البرنامج أيضا أن يساهم في إنشاء أفكار لأنشطة الفصل الدراسي، وأن يكون شريكا في مناظرة كأن تقول له “أقنعني بوجوب حظر التجارب على الحيوانات”.
حتى عيوب ChatGPT، مثل احتواء بعض أجوبته على معلومات خاطئة، يمكن أن تصبح نقطة انطلاق لممارسة التفكير النقدي في الفصل الدراسي، كأن يوجه المدرسون طلابهم لمحاولة تعثر ChatGPT، أو تقييم ردوده بالطريقة التي يقيّم بها المعلم ردود أفعال الطالب.
يمكن أن يساعد ChatGPT المعلمين أيضًا في توفير الوقت في التحضير للفصل. ويقول جون جولد، مدرس التاريخ للصف الثامن في مدرسة في ولاية رود آيلاند الأمريكية، إنه جرب استخدام ChatGPT لإنشاء اختبارات، حيث قام بتغذية الروبوت بمقال عن أوكرانيا، وطلب منه إنشاء 10 أسئلة متعددة الخيارات يمكن استخدامها لاختبار فهم الطلاب للمقال، مشيرا إلى أنه من بين هذه الأسئلة العشرة، كان هناك 6 منها قابلة للاستخدام.
وأشار “جولد” إلى أن ChatGPT لن يشكل تهديدًا لتعلم الطلاب طالما قام المعلمون بإقران مخرجاته بالمناقشات الموضوعية داخل الفصل، لأن أي أداة تتيح للطلاب تحسين تفكيرهم قبل حضورهم إلى الفصل وممارسة أفكارهم، ستجعل المناقشة داخل الفصل أكثر ثراءً.
ومن بين الأنشطة التي يمكن للمدرسين فيها استخدام chatgpt لتعزيز التعلم في الفصل الدراسي، رفع الحصيلة اللغوية للطلاب عبر إنشطاء قوائم مفردات مخصصة لهم، وذلك بإدخال قائمة بالكلمات وستقوم الأداة بإنشاء جمل باستخدام هذه الكلمات، وإعطاء الطلاب أمثلة لمساعدتهم على فهم المعاني.
كما يعد chatgpt أداة رائعة تساعد الطلاب في ترجمة النصوص بسهولة من لغة إلى أخرى، ما يوفر لهم أداة قيمة للفهم والتواصل.
ويمكن لهذه الأداة أيضًا أن تساهم في دروس الرياضيات، عبر شرح المفاهيم خطوة بخطوة، وبذلك سيكون الأمر أشبه بوجود مدرس رياضيات افتراضي في متناول أيديهم.
كما يمكن استخدام chatgpt لإنشاء ألعاب رياضية أو تحديات للطلاب. على سبيل المثال، يمكن للمدرسين أن يستخدموه لإنشاء سلسلة من المسائل الرياضية ويجعلون الطلاب يتسابقون مع الزمن لحلها، وهذا وسيلة ممتعة وجذابة لمراجعة المواد وتشجيع المنافسة.
مركز التميز في التدريس بولاية فلوريدا الأمريكية، نصح بتشجع الطلاب على استخدام Chat GP خارج الفصل الدراسي للحصول على توضيح إضافي لمفهوم قد يكون مربكًا. إذ يمكن للطلاب الوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي على مدار 24 ساعة في اليوم وبلغات متعددة. نظرًا لأن الوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي مجهول الهوية، فإنه يمنح الطلاب الانطوائيين فرصًا لطرح أسئلة لا يشعرون بالراحة عند طرحها في الفصل.
كما نصحت بتشجع الطلاب على استكشاف كيفية تطبيق الذكاء الاصطناعي في مجالات حياتهم المهنية في المستقبل، وطرح المشاكل التي يمكن أن يحلها الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكنه تحسين التعامل معه، أو ما هي المخاطر المحتملة للاعتماد على أداة الذكاء الاصطناعي في تخصصات بعينها؟
وأخيرًا، تعد chatgpt أداة قيّمة ومتعددة الاستخدامات، توفر لنا إمكانية الوصول إلى البيانات وتساعدنا في تحليلها ويمكن أن توفر لنا آلاف ساعات العمل، وتسهل فهم المعلومات المعقدة بطريقة مبسطة، وبذلك يمكن استخدامها بعدة طرق لتعزيز التعلم في الفصل، فلماذا لا نشجع المدرسين على تجربها، ونحث الطلاب على استخدامها بالطريقة الصحيحة التي تفيدهم في مسيرتهم العلمية؟