Google Bard يدخل المنافسة في سوق تطبيقات الذكاء الاصطناعي
- Bard مصمم في الأصل كأداة إبداعية لصياغة الإيميلات والقصائد وتقديم الإرشادات
- غوغل تطمح بدمج Bard في محركها للبحث لتقديم إجابة مُلخّصة
- ChatGPT يركز على إنشاء نص، بينما يتميز Bard في لغة الحوار
مع إطلاق الإصدار التجريبي لروبوت الدردشة Google Bard قبل أيام، أصبح لدى عشاق الذكاء الاصطناعي 3 روبوتات دردشة تتنافس على جذب انتباه المستخدمين هي: ChatGPT الذي طورته شركة OpenAI، وBing AI الذي دمجته شركة مايكروسوفت في محرك بحثها الشهير Bing، بالإضافة إلى Bard التابع لعملاق محركات البحث غوغل.
شرارة هذه المنافسة المحمومة، أشعلها ChatGPT، الذي اكتسب زخمًا واسعًا منذ الأيام الأولى لإطلاقه في 30 نوفمبر الماضي، لدرجة أنه جعل حتى غير المتخصصين يبحثون بقوة عن هذا الاختراع العجيب الذي يجيب على جميع الأسئلة المطروحة عليه، بلغة تشبه البشر في ثوانٍ معدودة، ونجح في استقطاب 100 مليون مستخدم نشط شهريًا في يناير 2023.
بعد شهرين من ظهور ChatGPT، أطلقت مايكروسوفت روبوت الدردشة Bing AI، الذي استفاد بقوة من هذا الزخم، حيث يعتمد على التقنية ذاتها المستخدمة في ChatGPT، بعد أن دخلت مايكروسوفت في شراكة مع OpenAI بموجبها تعتزم مايكروسوفت استثمار 10 مليارات دولار أمريكي في OpenAI، تضاف لمبلغ مليار دولار ضخته مايكروسوفت بالفعل في OpenAI خلال 2019 و2021، مقابل السماح لها بالوصول إلى بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي الأكثر انتشاراً وتقدماً في OpenAI، حتى تستطيع مايكروسوفت المنافسة بقوة على هذه التكنولوجيا سريعة النمو، والتي تقدم نصوصًا وصورًا وغيرها من وسائل الاتصال استجابة لأوامر قصيرة.
مايكروسوفت قدمت بديلا قويا لـChatGPT
وبذلك نجحت مايكروسوفت في تقديم بديل قوي لـChatGPT، عبر Bing AI الذي تفوق على ChatGPT في بعض الأحيان، نظرًا لقدرته على الوصول إلى شبكة الإنترنت عبر محرك البحث الشهير Bing، وما تحويه من معلومات، وهذا يتيح للمستخدمين نتائجًا مُحدّثة باستمرار، بالإضافة إلى إتاحة روابط للمصادر التي استقى منها معلوماته، ليقدم للمستخدم تجربة أكثر دقة.
ومثلت هذه الخطوة أول تهديد حقيقي لشركة غوغل التي تهيمن على سوق محركات البحث حول العالم، بعد أن أصبح محرك البحث Bing يدعم تقنية الدردشة بالذكاء الاصطناعي.
غوغل بالطبع لم تقف مكتوفة الأيدي، وأعلنت في فبراير الماضي عن روبوت الدردشة Google Bard، وطرحت بالفعل نسخة تجريبية منه قبل أسبوع تقريبًا للمستخدمين في الولايات المتحدة وبريطانيا، على أن تتم إتاحة هذه النسخة تباعًا في بلدان أخرى، وسيساعد هؤلاء المستخدمون الأوائل في اختبار التكنولوجيا وتحسينها.
Bard يدعم حاليا اللغة الإنجليزية فقط، لكن لدى غوغل خططًا للتوسع في بلدان ولغات أخرى مع استمرارها في تحسين الخدمة.
وجاء Google Bard بعد عمل استمر لسنوات من شركة غوغل التي لا يمكن أن يُستهان بإمكانياتها الجبارة في مجال التكنولوجيا وتقنيات البحث على الإنترنت حول العالم، في سبيل إيجاد روبوت محادثة أكثر تطورًا، يقدم إجابات تبدو في أحيان كثيرة مثل البشر.
وتم تصميم Google Bard في الأصل كأداة إبداعية لصياغة رسائل البريد الإلكتروني والقصائد وتقديم الإرشادات حول موضوع معين، ويمكنه توليد الأفكار وكتابة منشورات المدونة والإجابة على الأسئلة بالحقائق أو الآراء.
وبدلاً من دمجه مع محرك البحث غوغل مثلما فعلت مايكروسوفت مع Bing، انطلق Google Bard في صفحة ويب قائمة بذاتها تتميز بمربع أسئلة للدردشة، ويوجد في الجزء السفلي من الإجابة زر “Google it”، والذي يأخذ المستخدمين إلى علامة تبويب جديدة بها صفحة نتائج بحث Google تقليدية حول الموضوع.
وتطمح غوغل بأن تدمج إمكانياته في محركها للبحث، وذلك لتقديم إجابة مُلخصة لما يبحث عنه المُستخدم، إضافةً إلى نتائج البحث التقليدية المُعتادة في غوغل.
مصادر البيانات
لعقد مقارنة بين الروبوتات الـ3، سنلقي الضوء على مصادر البيانات التي تستخدمها الخوارزميات الخاصة بكل نظام، والفروق بينها، وبناء على ذلك سيتحدد المستخدم، الخيار الأمثل، وفقا للمهمة التي يريد أن ينجزها.
بداية، تستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل عام، “شبكات عصبونية” مستوحاة من بنية المخ البشري، تعتمد على التعلم المعزز من ردود الفعل البشرية، وتتعلم إنجاز المهام بطرق مشابهة، لا سيما من خلال التجربة والخطأ، وهي تقنية تدرب نموذجًا لغويًا كبيرًا لتقديم استجابات أكثر فائدة وأقل خطأ.
أثناء تدريب هذه الأنظمة، تُزوّد بكميات هائلة من المعلومات، ثم تُكلّف بإنجاز مهمة ما من خلال استخدام تلك البيانات، مثل كتابة مقال عن موضوع معين، ومع مرور الوقت، تُحدّد لها الكلمات والجمل المنطقية، وأيضاً تلك التي لا معنى لها، بحيث تتحسن المحاولات التالية، وهذا الأمر أشبه بطفل يتعلّم نطق كلمات صعبة بإشراف أحد والديه، وهكذا تتعلم تلك الأنظمة شيئًا فشيئًا، لتستخدم تلك القدرة في المحاولات القادمة.
وبعد شراكة مايكروسوفت مع OpenAI، يعتمد كلا من ChatGPT وBing AI في استجاباته على أحدث نسخة من مُولّد النصوص (GPT) الذي يشير اختصارا إلى “المُحرِّك التوليدي المُدرَّب مُسبقا” (Generative Pre-trained Transformers)، وهي فئة من برامج الذكاء الاصطناعي المنتجة للنصوص، طوّرها مختبر OpenAI، تقوم بالأساس على عملية تُدعى التعليم غير الخاضع للإشراف، تتضمن إيجاد أنماط في مجموعة بيانات دون إعطاء أمثلة مصنّفة أو تعليمات واضحة لما يجب البحث عنه، وأُدخلت عليه نصوص من مصادر المعلومات المفتوحة على الإنترنت، بما في ذلك موسوعة ويكيبيديا والمواقع الإخبارية والكتب والمدونات والمقالات، لتكوين إجاباته ذات صلة بالموضوع.
أما Google Bard فإنه يعتمد على نظام يحمل اسم (LaMDA) التي تعني “نموذج اللغة لتطبيقات الحوار” (Language Model for Dialogue Applications) الذي كشفت عنه غوغل قبل عامين، وهو يشبه (GPT) لكنه يختلف بأنه دُرب على الحوار وليس النص، لذلك سنجد أن (GPT) يركز في إنشاء نص، بينما يركز (LaMDA) في إنشاء حوار، وهذا يمكنه من إنشاء محادثة بطريقة حرة لا تقيدها معلمات الاستجابات المستندة إلى المهام، إذ يستخدم النموذج مفاهيم، مثل: نية المستخدم، والتعلم المعزز، والتوصيات بحيث يمكن للمحادثة التنقل بين الموضوعات غير ذات الصلة بسلاسة.
وتم تدريب Bard على مجموعة بيانات تشمل مصادر المعلومات المفتوحة على الإنترنت مثل ويكيبيديا والمستندات والمحادثات والحوارات.
وصول غوغل إلى سوق روبوتات الدردشة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لم يأتي متأخرًا كما يتصور البعض، لأن غوغل طورت (LaMDA) استنادًا إلى (Transformer) وهي بنية الشبكة العصبية المفتوحة المصدر لفهم اللغة الطبيعية التي أعلنت عنها غوغل عام 2017، وهي من بين أحدث وأقوى فئات نماذج التعلم الآلي التي اُخترعت حتى الآن، وتعد حجر الأساس للعديد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدية التي نراها اليوم، ومنها نموذج (GPT-3) المستخدم في ChatGPT.
مميزات وعيوب
أحد أبرز مميزات نموذج GPT المستخدم في ChatGPT وBing AI، أنه يمكن أن يولد استجابات لغوية طبيعية شبيهة بالإنسان وجذابة وبجودة غير مسبوقة وبلغات متعددة، كما يمكنه أن يتفاعل بطريقة محادثة ويتعامل مع أسئلة المتابعة والتصحيحات والتحديات والرفض، يزيد على ذلك، أنه يمكنه استخلاص البيانات مباشرة من الإنترنت لتوفير المعلومات ذات الصلة والمُحدّثة بمعلومات آنية، كما يفعل Bing AI، وهي ميزة لا توجد حتى الآن في ChatGPT الذي توقفت حدود معرفته عند عام 2021.
أما عن مميزات Google Bard فإنه يقديم أيضًا استجابات محادثة شبيهة بالبشر، ويمكنه إنشاء نص إبداعي ومفيد لأغراض مختلفة، مثل الكتابة أو التعلم أو الترفيه، بالإضافة لقدرات تقنية متقدمة مثل تحرير النص وإنشائه بناء على طلب المستخدم، ويبحث في الويب في الوقت الفعلي للعثور على أحدث الإجابات على الأسئلة المطروحة، ما يجعل إجاباته مُحدّثة باستمرار.
ويمكن أن يتكامل بسهولة مع بحث غوغل ويقترح استفسارات لمزيد من الاستكشاف أو التحقق، ويمكنه توفير الدعم والتفاعل الآليين للشركات التي تحتاج إلى التواصل مع العملاء.
ونظرا إلى أنه تم تصميم Bard على نسخة خفيفة الوزن من (LaMDA)، فإنه يتطلب قوة حوسبة أقل ويسمح للشركات بالتوسع إلى عدد أكبر من المستخدمين؛ ما يسمح بتحسين المزيد من التعليقات.
ومثلما تشترك الروبوتات الـ3 في مميزات أبرزها توفير الوقت والجهد للبحث عن الإجابات وكيفية كتابة المحتوى بشكل سريع للغاية، وتوفير ردود محددة على جميع الاستفسارات مهما كان نوعها ومجالها، فإنها تشترك أيضا في عيوب أبرزها أن هذه الروبوتات قد لا يُنتج دائمًا نصًا أصليًا أو متماسكًا، لأنها تعتمد على مجموعة كبيرة من النصوص الحالية التي قد تحتوي على أخطاء أو انتحال، بالإضافة لعدم قدرتها على التعامل مع الاستعلامات المُعقّدة أو المُتخصصّة التي تتطلب معرفة المجال أو التفكير المنطقي، ناهيك عن عدم قدرتها على الحفاظ على شخصية أو نبرة متسقة عبر المحادثات أو السياقات المختلفة، وإمكانية ارتكاب أخطاء غبية أو “هلوسة” وإنتاج معلومات غير دقيقة.
ولإخلاء مسؤوليتها، نشرت غوغل بيان ضمن مربع استعلام Bard لتحذير المستخدمين من احتمال ظهور مشكلات متعلقة بمعلومات غير دقيقة أو مسيئة لا تمثل وجهات نظر غوغل، كما أنها وفرت
للمستخدمين 3 خيارات للإجابات لكل سؤال، وأتاحت لهم تقديم ملاحظات حول فائدة إجابة معينة.
وقال مسؤولون تنفيذيون في غوغل إن الشركة حريصة على معرفة كيفية استخدام الناس للتكنولوجيا، وستعمل على تحسين روبوت الدردشة بناءً على الاستخدام والتغذية الراجعة.
وفيما يتعلق باعتماده كمصدر للمعلومات الموثوقة، اعترفت غوغل بأن Bard لم يتم تصميمه بشكل أساسي ليكون مصدرًا للمعلومات الموثوقة، لأنه ببساطة هو أداة مكملة لبحث غوغل، مضيفة: “نريد أن نتحلى بالجرأة في كيفية الابتكار باستخدام هذه التكنولوجيا وكذلك أن نكون مسؤولين”.
الخلاصة.. اختر الأداة المناسبة لمهمتك؟
رغم تشابه الروبوتات الـ3 في أمور كثيرة، لكن يمكن أن يتحول كل منها لخيار أمثل بالنسبة لك، وفقا للمهمة التي تحتاج لتنفيذها، وبناء على نقاط القوة الواضحة في كل نظام.
وبلا منازع، يمثل ChatGPT الخيار الأمثل بالنسبة لك، إذا تعلقت المهمة بإنشاء النصوص، سواء كانت الكتابة إبداعية أو استدلال استقرائي أو تلخيص كتابات ومقالات، بالإضافة لقدرته الكبيرة على الترجمة.
وتدعم النسخة الأحدث من GPT-4 هذه الميزة، حيث تُمكّن المستخدم من إنتاج ردود كتابية أطول تصل إلى أكثر من 25000 كلمة نصية، مقارنة بـ3000 كلمة في النسخة السابقة، وتم تدريب الروبوت ليكون أكثر أمانًا وواقعية، مع عدد أكبر من حالات الاستخدام التي تشمل الآن أيضًا إنشاء محتوى طويل، والبحث عن المستندات وتحليلها، والمحادثات الممتدة.
يأتي ذلك بالإضافة لقدرته الكبيرة على فهم اللغات غير الإنجليزية، حيث يقدم الإجابة بدقة عالية على الآلاف من الاستفسارات المتعددة عبر 26 لغة مثل الإيطالية والأوكرانية والكورية وحتى لغة التيلجو في الهند، بالإضافة لقدرته في الترجمة من لغة إلى أخرى.
لكن يجب الأخذ في الاعتبار أن بيانات ChatGPT متوقفة عند 2021، وبالتالي لا يعلم شيئًا عن الوقائع أو الأحداث أو البيانات بعد هذا التاريخ.
في المقابل، يوفر كلا من Bing AI وGoogle Bard تجربة بحث مثالية، تأتي بنتائج دقيقة ومحددة ومُحدّثة، وأكثر تخصصًا وارتباطًا بالاستفتسار، ولا تتركك غارقًا في آلاف الصفحات والمواقع التي تظهر لك عادة عندما تقوم بعملية بحث تقليدية على غوغل أو بينغ.
وللاستزادة والتأكد من دقة المعلومات وتاريخها، يوفر Bing AI وGoogle Bard روابط المصادر التي استقيا منها الردود.
ويتفوق Bard على أقرانه، في أن ردوده من المفترض أن تكون فائقة الأصالة وتحاكي الكلام البشري بطريقة لا يمكن تمييزها عن الإنسان الحقيقي، بفضل نظام (LaMDA)، الذي يمكنه أيضًا تبديل السياق بسهولة عندما يغير المستخدم الموضوع أثناء المحادثة.
هناك ميزة إضافية في Bard وهي قدرته على تجميع المعلومات في تنسيق سهل الفهم، بغض النظر عن مدى تعقيد الموضوع، يعني أنه يمكن في النهاية تحسين طريقة بحث الأشخاص عن المعلومات.
وقد ألمحت غوغل بالفعل إلى أنه سيتم دمج Bard في بحث غوغل، وهذا يعني أن الذكاء الاصطناعي سوف يبسط الموضوعات المعقدة ويعيد المعلومات إلى تنسيقات سهلة الفهم، حتى تتمكن من الحصول على رؤى مختلفة حول الموضوعات التي ليس لها إجابة واحدة صحيحة بشكل خاص.
وأخيرًا، فإن الذكاء الاصطناعي حتمًا سيغير قواعد اللعبة، ومثلما أحدث نقلة نوعية في إنشاء نصوص تشبه البشر بكبسة زر، فإنه سيغير مستقبل محركات البحث على الإنترنت، ويجعل تجربة المستخدم في العثور على المعلومة أكثر سهولة وتخصصًا.