هل تغير تعريف الأمية في السنوات الماضية؟
يحتفل العالم، الجمعة، 8 سبتمبر، باليوم العالمي لمحو الأمية تحت شعار “تعزيز محو الأمية من أجل عالم يمر بمرحلة انتقالية: بناء أسس مجتمعات مستدامة وسلمية”.
ويتيح الاحتفال فرصة لتسليط الضوء على الدور الأساسي الذي يؤديه الإلمام بالقراءة والكتابة والحساب في بناء مجتمعات أكثر سلاماً وعدلاً واستدامة، وفقا للأمم المتحدة.
وأضافت أن التعلّم المستمر والمستقل لمدى الحياة غير ممكن دون إتقان الكفاءات الأساسية مثل الإلمام بالقراءة والكتابة والحساب، التي تعتبر بدورها ضرورية لتطوير مهارات أخرى ذات طلب كبير، بما في ذلك التواصل الفعال وحل المشكلات وتحليل المعلومات.
أمية قراءة وكتابة أم أمية تكنولوجية؟
لا تزال الأمية مشكلة كبيرة في العالم، فهناك ملايين الأشخاص حول العالم لا يستطيعون القراءة أو الكتابة، وهذه مشكلة خطيرة لأنها تحرم هؤلاء الأشخاص من الفرص التعليمية والاقتصادية.
لكن في المقابل، هناك أمية التكنولوجيا وهي مشكلة جديدة نسبيًا، ولكنها تصبح أكثر أهمية مع انتشار التكنولوجيا في كل جوانب حياتنا، فالأشخاص الذين لا يعرفون كيفية استخدام التكنولوجيا الحديثة سيكونون في مأزق في عالم يعتمد بشكل متزايد على هذه التكنولوجيا.
وبالتالي، يمكن القول إن الأمية اليوم هي مزيج من أمية الكتابة وأمية التكنولوجيا، فالأشخاص الذين يعانون من أمية الكتابة محرومون بشكل كبير من تعلم كيفية استخدام التكنولوجيا الحديثة.
أما الأشخاص الذين يعانون من أمية التكنولوجيا هم أكثر عرضة للوقوع فريسة للاحتيال أو الإساءة بسبب عدم قدرتهم على فهم المعلومات الرقمية.
لذا، بات ضروريا تحسين مستويات محو الأمية في جميع أنحاء العالم، سواء محو الأمية الكتابة أو محو الأمية التكنولوجية.
محو الأمية التكنولوجية
في ظل التطور التكنولوجي الحالي، بات من الضروري أن يتم تعديل تعريف الأمية في عصر الذكاء الاصطناعي، الذي بات لاعبًا رئيسيًا في تغيير الطريقة التي نعيش ونعمل بها، ويتطلب منا أن نكون أكثر قدرة على التعلم والتواصل والتفكير النقدي.
وفي العصر الحالي، أمدّت وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الشعوب بسبل لتشكيل طموحاتهم وتحقيق الرفاهية والتخطيط لمستقبل أفضل بطرق كانت قديماً من درب الخيال.
يقول غافن باترسون الرئيس التنفيذي السابق لشركة اتصالات بريطانيا: “لقد استطاعت الثورات الصناعية السابقة تحقيق التقدم الاجتماعي عندما كانت مصحوبة بتغييرات في التعليم، وعلى وجه الخصوص، تضافر الجهود لتعزيز معرفة القراءة والكتابة والحساب”.
ويضيف: “إذا كنا نريد من الجميع أن يستفيد من التحوّلات الجذرية التي تشهدها اقتصادات العالم، فسوف نحتاج إلى المزيد من التغييرات في مجال التعليم، ومن بينها بناء ثقافة قوية لمحو الأمية التكنولوجية”
مهارات مطلوبة
ويركز التعريف الحالي للأمية على القدرة على القراءة والكتابة في اللغة الأم، ولكن في عصر الذكاء الاصطناعي، نحتاج إلى مهارات أخرى أيضًا، مثل:
- القدرة على فهم واستخدام المعلومات الرقمية، هذه المهارات ضرورية للتكيف مع التغيرات السريعة في العالم.
- القدرة على التعلم والتواصل والتفكير النقدي في بيئة رقمية، حيث يحتاج الأشخاص إلى القدرة على العثور على المعلومات ومعالجتها ومشاركة أفكارهم في العالم الرقمي.
- القدرة على حل المشكلات المعقدة واتخاذ القرارات في ظل عدم اليقين.
هذه المهارات ضرورية للنجاح في التعليم والعمل والحياة بشكل عام، في ظل التحديات الجديدة التي نواجهها في عصر الذكاء الاصطناعي.
لذلك، إذا أراد الشباب المشاركة بشكل كامل في العالم ينبغي عليهم معرفة التكنولوجيا على نحو متزايد، وأن يكون أكبر عدد منهم ملمًا بالتكنولوجيا.
وإذا أرادوا أن يكونوا مواطنين متمكنين، وليس مجرد مستهلكين، فسوف يحتاجون إلى فهم التوقعات وكيفية تأثير التكنولوجيا في حياتهم.
ليس ذلك، فحسب، بل إن التكنولوجيا سيكون لها دور كبير في وظائف المستقبل، حيث ستتوافر المزيد من الوظائف التقنية، والمزيد من المهن ذات البُعد التكنولوجي، لاسيما وأن التقدم العلمي يلعب دورًا رئيساً في جميع المجالات والتحديات التي تواجه المجتمع مثل تغير المناخ، والرعاية الصحية، والفقر، وعدم المساواة.
3 مجالات
ووفق غافن باترسون، فإن أي مبادرة لتعزيز محو الأمية التكنولوجية، يجب أن تركز على 3 مجالات هي:
مصدر إلهام للأطفال
ينبغي أن تكون المبادرات مصدر إلهام للأطفال لمعرفة المزيد عن التكنولوجيا التي يستخدمونها كل يوم؛ إذ يجب أن يتواصلوا مع مفاهيم التكنولوجيا باعتبارها مثيرة.
دعم المدرسين
يجب دعم المدرسين وتدريبهم على استخدام أدوات التكنولوجيا في الفصول الدراسية، حيث أن العديد منهم لا يشعرون بالثقة لتعليم مهارات التكنولوجيا.
تجهيز المدارس
ينبغي تجهيز المدارس بشكل صحيح، وحصول المدارس في المناطق النائية والمحرومة على خدمة الإنترنت، ودمج التكنولوجيا كجزء لا يتجزأ من الحياة المدرسية اليومية.
ويتطلب نجاح برنامج محو الأمية التقنية على المدى الطويل الالتزام المستمر بجميع الركائز الثلاث لهذا النهج، وتحقيق هذا التحول الثقافي، الذي بات ضروريًا، ويستغرق جيًا مدرسيًا كاملاً، حسب غافن باترسون.