أدوات يتيحها الذكاء الاصطناعي لعلماء الفضاء
يُعد الذكاء الاصطناعي من أهم التقنيات الحديثة التي تسهم بشكل ملحوظ في التطور التقني السريع، وزيادة فرص الابتكار والنمو في مختلف المجالات، بما في ذلك مجال علوم الفضاء.
ويشمل الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من أدوات وتقنيات البرمجيات التي يمكن أن تساعد علماء الفضاء على تحقيق اكتشافات جديدة مذهلة.
وكعلم، يتمتع علم الفلك بتقليد طويل في البحث عن الأنماط من خلال غربلة كميات هائلة من البيانات، والاكتشافات العرضية، والارتباط العميق بين النظرية والملاحظة.
وهذه كلها مجالات يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي أن تجعل مجال علم الفلك أسرع وأقوى من أي وقت مضى، وفق موقع “سبيس”.
AI is already helping astronomers make incredible discoveries. Here's how https://t.co/DhldzLpKHp pic.twitter.com/VE3vdkYytN
— SPACE.com (@SPACEdotcom) October 4, 2023
معالجة البيانات
يلجأ علماء الفلك بشكل متزايد إلى الذكاء الاصطناعي لمعالجة البيانات، وإزالة الأجزاء غير المفيدة من الصور للحصول على نتيجة نظيفة.
على سبيل المثال، تم إجراء “تغيير” على صورة الثقب الأسود الهائل الموجود في قلب المجرة “ميسييه 87” (M87) والتي تم إصدارها لأول مرة في عام 2019، في أبريل 2023، مما أدى إلى الحصول على صورة أكثر وضوحًا لبنية الثقب الأسود.
والمجرة “مسييه 87” هي مجرة حلزونية شديدة الشبه بمجرة درب التبانة التي تنتمي إليها الشمس، والأرض، وبقية المجموعة الشمسية، وهي تبعد عن الأرض نحو 55 مليون سنة ضوئية.وفي مثال آخر، سيقوم بعض علماء الفلك بإدخال صور المجرات إلى خوارزمية الشبكة العصبية، وتوجيه الخوارزمية بمخطط تصنيف المجرات المكتشفة.
والتصنيفات الحالية جاءت من مهام يدوية، إما من قبل الباحثين أنفسهم أو من خلال جهود علمية تطوعية للأشخاص.
وبعد التدريب، يمكن بعد ذلك تطبيق الشبكة المحايدة على البيانات الحقيقية وتصنيف المجرات تلقائيًا، وهي عملية أسرع بكثير وأقل عرضة للأخطاء من التصنيف اليدوي.
ويمكن لعلماء الفلك أيضًا استخدام الذكاء الاصطناعي لإزالة التداخل البصري الناتج عن الغلاف الجوي للأرض من صور الفضاء الملتقطة بواسطة التلسكوبات الأرضية.
وقد تم اقتراح الذكاء الاصطناعي لمساعدتنا في اكتشاف علامات الحياة على المريخ، أو فهم سبب ارتفاع حرارة هالة الشمس، أو الكشف عن أعمار النجوم .
فهم طبيعة الكون
وبدأ علماء الكونيات في استخدام الذكاء الاصطناعي لفهم الطبيعة الأساسية للكون.
وهناك اثنان من أكبر الألغاز الكونية هما هوية المادة المظلمة والطاقة المظلمة، وهما مادتان تتجاوزان معرفتنا الحالية بالفيزياء وتشغلان معًا أكثر من 95٪ من جميع محتويات الطاقة في جميع أنحاء الكون.
وللمساعدة في التعرف على تلك المواد الغريبة، يحاول علماء الكونيات حاليًا قياس خصائصها: ما مقدار المادة المظلمة والطاقة المظلمة الموجودة، وكيف تغيرتا عبر تاريخ الكون.
إن التغيرات الصغيرة في خصائص المادة المظلمة والطاقة المظلمة لها تأثيرات عميقة على التاريخ الناتج للكون، حيث تمس كل شيء بدءًا من ترتيب المجرات إلى معدلات تكوين النجوم في مجرات مثل مجرتنا درب التبانة.
وتساعد إمكانيات الذكاء الاصطناعي الهائلة، علماء الكونيات في تفكيك جميع التأثيرات التي لا تعد ولا تحصى للمادة المظلمة والطاقة المظلمة.
وفي هذه الحالة، تأتي بيانات التدريب من عمليات محاكاة حاسوبية متطورة.
في تلك المحاكاة، يقوم علماء الكون بتغيير خصائص المادة المظلمة والطاقة المظلمة ويرون ما الذي يتغير.
ثم يقومون بعد ذلك بإدخال هذه النتائج إلى الشبكة العصبية حتى تتمكن من اكتشاف جميع الطرق المثيرة للاهتمام التي يتغير بها الكون.
والشبكة العصبية هي طريقة في الذكاء الاصطناعي تُعلِّم أجهزة الكمبيوتر معالجة البيانات بطريقة مستوحاة من الدماغ البشري.
وعلى الرغم من أنهم ليسوا جاهزين بعد للبداية، إلا أن الأمل هو أن يتمكن علماء الكونيات بعد ذلك من توجيه الشبكة العصبية إلى ملاحظات حقيقية والسماح لها بإخبارنا مما يتكون الكون.
استكشاف الكويكبات
عادة تنتج الراصد الفلكية كميات هائلة من البيانات التي تحتاج لتحليلها.
وسيتم تكليف مرصد “فيرا سي روبين” الفلكي، وهو منشأة حديثة قيد الإنشاء على قمة جبل في تشيلي، وتضم المرصد أكبر كاميرا رقمية في العالم، بتوفير ما يزيد عن 60 بيتابايت (حيث يساوي بيتابايت الواحد ألف تيرابايت) من البيانات الأولية في شكل صور عالية الدقة للسماء.
ويتجاوز تحليل هذا القدر الكبير من البيانات قدرات حتى طلاب الدراسات العليا الأكثر تصميماً، فقط أجهزة الكمبيوتر، بمساعدة الذكاء الاصطناعي، ستكون على مستوى المهمة.
ومن الأمور ذات الأهمية الخاصة لهذا المرصد القادم هو البحث عن ما هو غير متوقع.
على سبيل المثال، اكتشف عالم الفلك ويليام هيرشل كوكب أورانوس بالصدفة أثناء مسح منتظم للسماء ليلاً.
ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد الأشياء التي يحتمل أن تكون مثيرة للاهتمام والإبلاغ عنها عن طريق تحديد أي شيء لا يتناسب مع النمط المحدد.
وفي الواقع، استخدم علماء الفلك بالفعل الذكاء الاصطناعي لاكتشاف كويكب يحتمل أن يكون خطيرًا باستخدام خوارزمية مكتوبة خصيصًا لمرصد “فيرا سي روبين”.
إمكانيات هائلة
يمتلك الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة يمكن أن تفيد علوم الفضاء، ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن نرى المزيد من التطبيقات المبتكرة لهذا المجال في السنوات القادمة.
فيما يلي بعض الأمثلة لكيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في علوم الفضاء:
تطوير ومراقبة المعدات الفضائية
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين دقة وكفاءة التحكم في المركبات الفضائية، ويمكن أن يساعد هذا في تقليل التكاليف وزيادة سلامة الرحلات الفضائية. على سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لقيادة المركبات الفضائية في المدار أو الهبوط على سطح القمر.
كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في مراقبة المركبات الفضائية ورصد أي مشاكل أو أعطال محتملة، مما يساعد على ضمان سلامة المركبات الفضائية.
يمكن للذكاء الاصطناعي أيضًا أن يساعد في صيانة المعدات الفضائية عن بُعد، مما يساعد على تقليل تكاليف السفر إلى الفضاء.
تحسين فهمنا للكون
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الضخمة من التلسكوبات الفضائية، وهذا يساعد في اكتشاف المزيد عن الكواكب والنجوم والمجرات أو تحديد خصائص كواكب معروفة.
ويساعد تحليل البيانات الضخمة التي يتم جمعها من المركبات الفضائية، مما يساعد العلماء على فهم الكون بشكل أفضل.
تحسين كفاءة العمليات الفضائية
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في أتمتة العديد من المهام الفضائية المعقدة، مثل مراقبة المركبات الفضائية وصيانة المعدات وتحليل البيانات، مما يؤدي إلى تحسين كفاءة وفعالية العمليات الفضائية وتوفير الوقت والجهد والتكلفة.