حرب غزة.. هيومن رايتس ووتش تؤكد أن قطع الإنترنت أثناء النزاعات المسلحة يعرض المدنيين للخطر
يعاني أكثر من مليوني شخص في قطاع غزة من الانعزال عن محيطهم ومجتمعهم وكذلك عن العالم، مع صعوبة الوصول إلى الإنترنت والانقطاعات المستمرة في الكهرباء، بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي والقصف المستمر على قطاع غزة.
ويعيش سكان غزة تحت الحصار منذ أن شنت إسرائيل قصفًا مكثفًا على القطاع وحاصرته في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر الجاري الذي شنته حماس على بلدات ومقرات عسكرية إسرائيلية.
وسلطت شبكة “سي أن أن” الضوء على مشكلة انقطاع الإنترنت في غزة، موضحة أن الغارات الجوية الإسرائيلية تسببت في دمار معظم البنية التحتية للاتصالات في القطاع.
وذكرت الشبكة أن القصف تسبب في تدمير اثنين من الخطوط الرئيسية الثلاثة للاتصالات المتنقلة، ولم يتبق سوى خط واحد يعمل، لكن الخدمة معطلة.
Gaza’s disappearing internet, visualizedhttps://t.co/0iNpzwzGvr pic.twitter.com/qeHyweqzDV
— Anna Brand (@thebrandedgirl) October 16, 2023
يأتي ذلك بالتزامن مع قرار الحكومة الإسرائيلية بقطع خدمات الإنترنت عن قطاع غزة، وفقا لوزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو كرعي.
وقال كرعي إن القرار يشمل حظر كافة أنواع الخدمات التي يقدمها مزودو خدمة الإنترنت الإسرائيليون لغزة.
الاتصالات تتراجع
بشكل عام، تراجعت الاتصالات في قطاع غزة من حوالي 95% في أوائل أكتوبر الجاري إلى حوالي 60% اعتبارًا من صباح الجمعة الماضية، وفقًا لبيانات من شركة “نت بلوكس” (NetBlocks) المتخصصة في مراقبة انقطاع الإنترنت ومقرها لندن.
وكشفت “سي أن أن” أن المزود الوحيد الذي يقف بين الفلسطينيين والانقطاع التام للاتصالات هو شركة بالتل (Paltel)، شركة الاتصالات الفلسطينية.
Gaza’s disappearing internet, visualizedhttps://t.co/kLDpAlSP8S pic.twitter.com/Sbj8uGTVqx
— Amer Amer 🇵🇸🇿🇦 (@AmerTahseen) October 14, 2023
وأوضحت أنه في حين توقف جميع مزودي خدمة الإنترنت المحليين التسعة في غزة عن العمل، فإن شركة بالتل هي أكبر مزود فلسطيني، ولديها اتصالات في قطاع غزة وفي جميع أنحاء المنطقة.
وبينما لا يزال هناك ما يكفي من شبكة الكابلات التي تدعم خدمات النطاق العريض الثابتة وخدمات الهاتف سليمة، وقالت الشركة إنها تتوقع “انقطاع التيار الكهربائي الكامل” في حالة تعرض المزيد من خطوطها إلى مصر أو إسرائيل للضرر.
دير البلح الأكثر تأثرًا
كان الاتصال بالإنترنت في محافظة دير البلح بغزة هو الأكثر تأثرًا، وفقا لموقع “نت بلوكس”، ويبلغ معدل الاتصال الإجمالي في المنطقة حاليًا 38.9%.
وتعرضت المنطقة لأضرار في عدة مواقع، بما في ذلك مخيم النصيرات للاجئين الذي تعرض للقصف من غارات جوية إسرائيلية، صباح الأربعاء.
ووفقا للشبكة، يعيش العديد من سكان غزة الأكثر فقرا في دير البلح، لأنها موطن لأربعة من مخيمات اللاجئين الثمانية في غزة، وتوفر المأوى لما لا يقل عن 191 ألف لاجئ، وفقًا لتقدير وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
حياة المواطنين في خطر
من جانبها، قالت ديبورا براون، كبيرة الباحثين في منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بمراقبة حقوق الإنسان، إن قطع الإنترنت أثناء النزاعات المسلحة يعرض المدنيين للخطر، ويمكن أن يساعد في الإصابة أو الوفاة لأن الناس يتواصلون حول الأماكن والظروف الآمنة، وفق موقع “ذا إنترسبت”.
Israel warns Palestinians on Facebook — but bombings decimated Gaza internet access https://t.co/WiDDa48D90 by @samfbiddle https://t.co/WiDDa48D90
— The Intercept (@theintercept) October 13, 2023
ووفقا للشركات والمنظمات البحثية التي تراقب التدفق العالمي لحركة الإنترنت، انخفض وصول سكان غزة إلى الإنترنت بشكل كبير منذ بدء الضربات الإسرائيلية، مع انقطاع خدمة البيانات بالكامل عن بعض العملاء.
وقال دوج مادوري من شركة مراقبة الإنترنت “كنتيك” لموقع “ذا إنترسبت”: “شعوري هو أن قلة قليلة من الناس في غزة لديهم خدمة الإنترنت”.
وأضاف أنه تحدث إلى جهة اتصال تعمل مع مزود خدمة الإنترنت في غزة وأخبرته أن الوصول إلى الإنترنت قد انخفض بنسبة 80 إلى 90% بسبب نقص الوقود والطاقة والغارات الجوية.
أما بالنسبة لأسباب انقطاع التيار الكهربائي، فقد أشارت مروة فطافطة، محللة السياسات في مجموعة الحقوق الرقمية (Access Now)، إلى الضربات الإسرائيلية على مباني المكاتب التي تضم شركات الاتصالات في غزة، مثل برج الوطن المهدم الآن، ساهمت كعامل رئيسي، في تلف شبكة الكهرباء.
وأضافت فطافطة أن “هناك تعتيم معلوماتي شبه كامل في غزة”.
بدائل محدودة
وفي ظل الوضع التدهور في الاتصالات والانقطاع المستمر في الكهرباء، لايزال هناك بدائل محدودة للغاية أمام أهل غزة للوصول إلى الإنترنت.
وذكرت “سي أن أن”، أنه يُمكن لمزودي الإنترنت الفلسطينيين تقديم خدمات شبكة الجيل الثاني فقط، وهي أبطأ بكثير من شبكة الجيل الثالث وأكثر عرضة للهجمات الأمنية بسبب ضعف التشفير.
وأشار تقرير سابق للأمم المتحدة إلى أن بعض سكان غزة الذين يعيشون بالقرب من الحدود الإسرائيلية يمكنهم الوصول إلى شبكات الجيل الثالث والرابع من مشغلين إسرائيليين، رغم أن الوضع الحالي غير واضح.
وقد لا يتمكن الكثيرون حتى من تشغيل الهاتف المحمول أو الكمبيوتر. وتوقفت محطة الكهرباء الوحيدة في غزة عن العمل منذ ظهر الأربعاء الماضي بعد نفاد احتياطي الوقود.
وجاء انقطاع التيار الكهربائي في غزة بعد أمر الحكومة الإسرائيلية بفرض حصار كامل على القطاع، ما أدى إلى تعليق إمدادات الطاقة من 10 خطوط إسرائيلية ساهمت في السابق في توفير ما يقرب من ثلثي الكهرباء في غزة هذا العام.
وقد لجأ السكان وكذلك المستشفيات إلى استخدام المولدات الكهربائية لتوليد الكهرباء، لكن الحصار أدى فعلياً إلى قطع طرق الإمداد بالسلع الأساسية، بما في ذلك الوقود، مما ترك هذه المولدات على شفا النفاد دون أي وسيلة للتزود بالوقود.
ومع تراجع الاتصال بالإنترنت وإمدادات الطاقة، تتفاقم الأزمة في غزة، وهي على وشك أن تترك الملايين معزولين عن بقية العالم.