ماليزيا حذرت باتخاذ إجراءات في حق شركتي “ميتا” و “يتك توك” إذا استمر ما اسمته بتقييد المحتوى الفلسطيني
ردت شركتا “ميتا” و”تيك توك“، على اتهامات من حكومة ماليزيا بحظر المحتوى المؤيد للفلسطينيين، في خضم الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.
والخميس حذرت ماليزيا من إجراءات محتملة ضد الشركتي، قائلة إن منصاتهما متهمة بتقييد المحتوى الداعم للفلسطينيين.
وقالت قالت “ميتا” التي تمتلك منصة “فيسبوك”، إنه “لا صحة” لهذه الاتهامات، مضيفة أنها “لا تتعمد قمع الأصوات على منصتها”.
كما قالت “تيك توك”، الجمعة، إن اتهامات كوالالمبور لها بحظر المحتوى المؤيد للفلسطينيين “لا أساس لها من الصحة”.
وأفاد متحدث باسم الشركة في رسالة بالبريد الإلكتروني لـ”رويترز”: “تطبق إرشادات المجتمع بشكل عادل على كل المحتوى الموجود على (تيك توك)”.
وأضاف: “نحن ملتزمون بتطبيق سياساتنا باستمرار لحماية مجتمعنا”.
وتتعالى الأصوات المنددة بمنصات التواصل الاجتماعي في الاونة الأخيرة بسبب ما يزعنه البعض بالتقيد على المحتوى المتعلق بالحرب في غزة.
ففي الوقت الذي تتواصل فيه الحرب على قطاع غزة، هناك معركة أخرى تدور بالتوازي على مواقع التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها فيسبوك، حول الصور والفيديوهات والمنشورات والشهادات التي توثّق تفاصيل الاعتداء، وتعامل تلك المنصات مع المحتوى والتطورات الراهنة.
وحذَّر الاتحاد الأوروبي، شركات التكنولوجيا المالكة للمنصات الاجتماعية، من وقوعها تحت وطأة العقوبات حال عدم حذف أي محتوى مؤيد لحركة حماس الفلسطينية.
ويواجه إيلون ماسك مالك منصة “إكس”، خطر فرض عقوبات وغرامات باهظة، بعدما غمرت شبكته الاجتماعية بالصور والمعلومات ذات الدوافع السياسية، التي تقول السلطات إنها تنتهك على ما يبدو سياساتها وقانون الاتحاد الأوروبي الجديد لوسائل التواصل الاجتماعي.
وأعلنت منصة “إكس” أنها أزالت أو صنفت عشرات الآلاف من المنشورات في الأيام التي أعقبت هجوم حماس على إسرائيل.
وكتبت الرئيسة التنفيذية للشركة ليندا ياكارينو في رسالة ردًا على انتقادات الاتحاد الأوروبي في هذا الشأن “منذ الهجوم الإرهابي على إسرائيل، اتخذنا إجراءات لإزالة أو تصنيف عشرات الآلاف من المنشورات”.
Everyday we're reminded of our global responsibility to protect the public conversation by ensuring everyone has access to real-time information and safeguarding the platform for all our users. In response to the recent terrorist attack on Israel by Hamas, we've redistributed… https://t.co/VR2rsK0J9K
— Linda Yaccarino (@lindayaX) October 12, 2023
حذف 795 ألف منشور
وأعلنت شركة “ميتا“، مالكة فيسبوك، الجمعة، حذف أكثر من 795 ألف منشور باللغتين العربية والعبرية، وصفتها بأنها “مزعجة أو غير قانونية” فيما يتعلق بحرب إسرائيل على غزة.
وجاءت خطوة الشركة بعد أن وبخها الاتحاد الأوروبي بسبب عدم معالجة المعلومات المضللة على منصاتها.
وقالت الشركة، في بيان، إنها تعمل مع مدققي الحقائق الذين يتحدثون العبرية والعربية، لحظر الحسابات واتخاذ الإجراءات اللازمة، بعد أن أبلغ المفوض الأوروبي تييري بريتون، الرئيس التنفيذي للشركة مارك زوكربيرج، وغيره من الرؤساء التنفيذيين لمواقع التواصل الاجتماعي، بأن منصاتهم كانت مسؤولة عن موجة من المحتوى غير القانوني في ما يتعلق بالحرب بين إسرائيل و”حماس”، وفق “بلومبيرغ”.
Meta has removed or marked more than 795,000 pieces of disturbing content for violating their policies in Arabic and Hebrew after it was rebuked by the EU https://t.co/UhjDRmUdhg
— Bloomberg (@business) October 13, 2023
وأوضحت الشركة، أنه في الأيام التي تلت الهجوم الذي شنته “حماس” ضد إسرائيل في 7 أكتوبر الجاري، فإنها أزالت 7 أضعاف المحتوى الذي ينتهك سياساتها باللغتين العبرية والعربية مقارنة بالشهرين الماضيين.
وقالت “ميتا” إنها تعمل أيضاً على خفض الحد الذي تتدخل فيه تقنيتها لتجنب التوصية بالمحتوى المخالف، وتقلل من ظهور التعليقات المسيئة المحتملة ضمن المنشورات على تطبيقات فيسبوك وإنستغرام، بعدما انتشرت صور ومقاطع فيديو لم يتم التحقق منها، والتي تصور العنف عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وتتضمن السياسات الجديدة قيوداً على استخدام فيسبوك و”إنستغرام لايف” للأشخاص الذين انتهكوا السياسات سابقاً، وقالت الشركة إنها “ستأخذ أي محتوى عن الرهائن الذين تحتجزهم “حماس” على محمل الجد، وستحذف المحتوى المنشور والحسابات التي تقف وراءه”.
شكوى من التحيز
على الجانب الآخر، يشتكى عدد من رواد منصات التواصل من أن التعليمات والقيود التي تفرضها المنصات حول “عدم نشر محتوى محظور مثل خطاب الكراهية، أو التحريض على العنف” ربما لا تسري على كل اللغات وعلى كل التوجهات السياسية بنفس الدقة.
ووجّه كثير من مستخدمي فيسبوك انتقادات للمنصة، واتهموها بالتحيز، بعدما حذفت منشورات تتناول التصعيد الراهن.
واشتكى عدد من رواد فيسبوك من تقييد استخدام الحسابات، وغلق أخرى لعدة ساعات أو أيام، على وقع تناولها ونشرها أخبارًا وصورًا للأحداث تخص المقاومة الفلسطينية منذ عملية “طوفان الأقصى”.
كما نشطت دعوات لوضع علامة “التقييم السلبي” لتطبيق فيسبوك، بعد الاتهامات الموجه له بالتضييق على المحتوى الفلسطيني وحظر منشورات دون أن تحمل مخالفات صريحة لمعايير النشر.
وفي حديث لـ”أخبار الآن”، رأى المهندس محمد الحارثي خبير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر، أن منصة فيسبوك لم تتعامل بحيادية مع الأخبار التي تتحدث عن الحرب في غزة، ففي الوقت الذي تترك فيه الأخبار التي تتحدث عن قصف حماس للمستوطنات والبلدات الإسرائيلية، فإنها تحذف البوستات التي تحمل صور للقصف الإسرائيلي لقطاع غزة.
وأضاف أنه في بداية الحرب سمحت منصة فيسبوك بتداول تلك أخبار عن الحرب على غزة، لكن بمجرد أن وجدت تفاعلا كبيرا عليها من المستخدمين، لجأت إلى حذف تلك المنشورات، ما دفع عدد كبير من المستخدمين إلى البحث عن منصات بديلة أخرى مثل تيك توك.
خوارزميات شبكات التواصل الاجتماعي
وخوارزميات شبكات التواصل الاجتماعي هي مجموعات من التعليمات البرمجية التي تتحكم في كيفية ظهور المحتوى للمستخدمين، وهي مصممة لعرض المحتوى الأكثر صلة وإثارة للاهتمام لكل مستخدم، بناءً على سلوكهم السابق وتفاعلاتهم مع المحتوى.
وتستخدم خوارزميات شبكات التواصل الاجتماعي مجموعة متنوعة من العوامل لتحديد المحتوى الذي سيتم عرضه للمستخدمين، بما في ذلك:
المحتوى الذي يتفاعل معه المستخدمون بشكل كبير، مثل الإعجابات والتعليقات والمشاركات.
المحتوى الذي يشبه المحتوى الذي يتفاعل معه المستخدمون بشكل كبير في الماضي.
المحتوى الذي ينشره الأشخاص الذين يتابعهم المستخدمون.
علامات المحتوى المخالف
وتعمل خوارزميات شبكات التواصل الاجتماعي على فلترة المحتوى وحذف المحتوى المخالف من خلال تحليل المحتوى بحثًا عن علامات تدل على أنه قد ينتهك سياسات المنصة.
وتشمل هذه العلامات ما يلي:
المحتوى الذي يحض على العنف أو الكراهية.
المحتوى الذي يحتوي على مواد إباحية أو غير لائقة.
المحتوى الذي يدعي معلومات خاطئة أو مضللة.
تختلف خوارزميات شبكات التواصل الاجتماعي من منصة إلى أخرى، ولكن هناك بعض القواسم المشتركة بينها. على سبيل المثال، تعتمد معظم المنصات على تفاعل المستخدمين لتحديد المحتوى الذي سيتم عرضه.
وتعتمد خوارزمية فيسبوك على تفاعل المستخدمين لتحديد المحتوى الذي سيتم عرضه، تتضمن هذه التفاعلات الإعجابات والتعليقات والمشاركات، كما تأخذ الخوارزمية في الاعتبار المحتوى الذي ينشره الأشخاص الذين يتابعهم المستخدمون.
في المقابل تعتمد خوارزمية تويتر على شعبية المحتوى لتحديد المحتوى الذي سيتم عرضه، ويتم حساب شعبية المحتوى بناءً على عدد الإعجابات والإعادة التغريدات.
أما خوارزمية إنستغرام، فإنها تعتمد على تفاعل المستخدمين والاهتمامات لتحديد المحتوى الذي سيتم عرضه، وتتضمن هذه التفاعلات الإعجابات والتعليقات والمشاركات. كما تأخذ الخوارزمية في الاعتبار المحتوى الذي يشاهده المستخدمون الآخرون.
كيف يتم فلترة المحتوى؟
تستعين وسائل التواصل الاجتماعي بمجموعة متنوعة من تقنيات الذكاء الاصطناعي لفلترة المحتويات، بما في ذلك:
تحليل المحتوى
تستخدم هذه التقنية خوارزميات التعلم الآلي لتحليل المحتوى بحثًا عن علامات تدل على أنه قد ينتهك سياسات المنصة. وتشمل هذه العلامات استخدام كلمات أو عبارات معينة، أو وجود صور أو مقاطع فيديو غير لائقة.
التقارير من المستخدمين
تسمح وسائل التواصل الاجتماعي للمستخدمين بالإبلاغ عن المحتوى الذي يعتقدون أنه مخالف، ويمكن استخدام هذه التقارير لتدريب خوارزميات التعلم الآلي على التعرف على المحتويات المخالفة.
المراجعة اليدوية
تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي فرقًا من الموظفين لمراجعة المحتوى الذي تم الإبلاغ عنه. يمكن للموظفين إزالة المحتوى الذي ينتهك سياسات المنصة.
حيل للهروب من “الخوارزميات”
وفي الوقت الذي اتهم فيه عدد من رواد فيسبوك بإخفاء المحتوى المناصر لفلسطين ويتحدث عن انتهاكات إسرائيل في الحرب على غزة، لجأ الكثيرون إلى حيل مختلفة للهروب من خوارزمياته والتحايل عليها لنشر المحتوى الذي يريدونه دون التعرض لحذف المنشور، أو حتى حظر وتعطيل الحسابات كما حدث لآخرين خلال الأيام الأخيرة بشكل لافت.
تلك الحيل التي يعتقد البعض بأنها “ناجحة في التحايل على معالجات اللغة المستخدمة من جانب خوارزميات تلك المنصات”، تحدها في الوقت نفسه شكوك حول مدى نجاحها، بالنظر إلى “تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل لافت، وتعاملها حتى مع مختلف اللغات، بما في ذلك اللهجات العامية”.
أول تلك الحيّل كانت من خلال كتابة الكلمات التي يُعتقد بحساسيتها وقراءتها من خلال خوارزميات فيسبوك، وذلك بأحرف متقطعة حتى تصعب عملية تصنيفها أو الكشف عنها من قبل تلك الخوارزميات، على غرار: (غ ز ة) و(إ س ر ا ء ي ل) ( ح م ا س).
ومن بين الحيل أيضاً، كتابة الكلمات ذاتها بالعربية، مع اقتطاع أو حذف الحرف الأوسط وكتابته بالإنجليزية، كي تصعب عملية تصنيفه أيضا، كتحايل على خوارزميات فيسبوك ومعالجات اللغة الذكية، على غرار كتابتهم (إSـرائيل، غـ Z ة).
كما لجأ آخرون إلى الكتابة العربية “بدون تنقيط” ضمن حيل للهروب من الخوارزميات.
ولم يجد كثير من المستخدمين صعوبة في فهم وقراءة تلك “الشفرات” أو الحيل، وهو ما شجّع الكثيرون على الاعتماد عليها في موضوعات مختلفة؛ ظناً أنها ناجحة في خداع الخوارزميات.
من جانبه، يشير المهندس محمد الحارثي إلى أن خوارزميات التعلم الآلي أصبحت تتعامل مع هذه الحيل وتفهمها، لأنها تتعامل وفقا لكثافة لجوء رواد المنصات لعنصر معين أو توجه بعينه، فإذا لجأ عدد كبير من المستخدمين على سبيل المثال لكتابة كلمات بدون نقط، أو كلمات بحروف متفرقة، أو حروف إنجليزية وعربية، فإنها مهيأة للتعامل مع هذه العناصر وتوصيفها وفهمها وفقا للسياق.
وأضاف أن هناك حيلة لا تستطيع خوارزميات التعلم الآلي فهما حتى الآن هي الكتابة بخط اليد، كأن يكتب أحد المستخدمين على ورقة بخط يده، وينشرها على فيسبوك، لكن مع مرور الوقت ولجوء عدد كبير من المستخدمين لهذه الحيلة ربما تفهمها الخوارزميات.
وأشار إلى أن هناك حيلة أخرى وهي تفادي كتابة الكلمات التي يمكن أن تفهمها الخوارزميات مثل كلمة غزة على سبيل المثال، فإذا أراد أن يكتب المستخدم جملة غزة تحت القصف، فإنه يمكن أن يكتبها في ورقة بخط يده، ويمكن أن يرسم أي شيء بخط يده يعبر عن غزة، ويكتب كلمة تحت ويعبر عن كلمة القصف بصورة إموجي “صاروخ” مثلا.