كيف تؤثر مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية؟
وهبنا ازدهار مواقع التواصل الاجتماعي في بداية القرن الواحد والعشرين فرصة التواصل السلس والسهل مع الأصدقاء وأفراد العائلة والأشخاص الذين نعتبرهم قدوةً لنا وحتى مع الغرباء والتعرف عليهم. بصفته كائناً اجتماعياً بطبعه، اغتنم الإنسان ظهور هذه الأدوات والتكنولوجيا الجديدة بشكل نهمٍ واعتاد الاتصال مع الآخرين باستخدامها في كل وقت ومكان.
ومع ازدياد تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على كل نواحي حياتنا، يتم تسليط الضوء أكثر وأكثر إلى ارتباطها بصحتنا العقلية والنفسية. في حال تم الإفراط باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، فيمكن أن تقود إلى العديد من التحديات والمشاكل النفسية مثل التوتر المزمن والاكتئاب واضطرابات الأكل وأنواع محددة من الإدمان.
معلومات عامة عن مواقع التواصل الاجتماعي والصحة النفسية
- يقدر أن أكثر من 210 مليون شخص من حول العالم يعانون من إدمان الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
- المراهقون الذين يمضون حوالي أو أكثر من 5 ساعات يومياً على أجهزة الهواتف الذكية معرضون لعوامل خطورة الانتحار بنسبة 71%.\
- حوالي 1/5 من المراهقين تعرضوا في السابق لنوع ما من أنواع التنمر على الإنترنت.
- يمكن أن يساهم الحد من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لمدة 30 دقيقة في اليوم إلى تراجع أعراض الوحدة والاكتئاب بشكل كبير.
- تم ربط استخدام موقع فيسبوك المفرط مع تراجع الصحة النفسية في وقت لاحق.
- 52% من الطلاب الجامعيين يفيدون أن مواقع التواصل الاجتماعي تجعلهم يشعرون بثقة أقل بنفسهم من حيث المظهر أو الاستمتاع بالحياة.
- 34% من الشباب يخافون من أن تفوتهم المتعة التي يتم بثها على مواقع التواصل الاجتماعي في حال توقفوا عن استخدام هذه المواقع.
- 92% من الأهل يعتقدون أن للإنترنت أو مواقع التواصل الاجتماعي تأثيرا سيئا على الصحة النفسية لأطفالهم.
- كلما زاد استخدام المراهقين لمواقع التواصل الاجتماعي، كلما زاد احتمال إصابتهم باضطرابات الطعام.
- 1/4 من المراهقات على الأقل قمن بالسابق بتعديل صورهن الشخصية قبل بثها على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب عدم ثقتهن بالمظهر الخارجي
- الخاص بهم وتشوه الصورة الذاتية.
ما هي أهم آثار استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية؟
التنمر الإلكتروني/ التنمر على الإنترنت
من الممكن أن يقوم الناس على مواقع التواصل الاجتماعي بالتنمر على الآخرين عبر الإنترنت عبر بث التعليقات المسيئة أو المؤذية وهو أمر شائع ولكنه يعرض الجميع للأذى النفسي حتى المتنمر الذي في الغالب ما يجد نفسه في موقع الضحية في مرحلة ما.
تعتبر هذه المشكلة خطرة على وجه الخصوص بالنسبة لدى الأطفال والمراهقين لأن التعليقات المؤذية والإشاعات يمكن أن تؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية للطفل. ويتضاعف مفعول التنمر الإلكتروني السلبي عندما يكون الضحية في موقع تنمر في الحياة أو إذا كان يعاني من مشاكل نفسية أخرى.
الخوف من تفويت المتعة
بغض النظر عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، من الطبيعي أن يشعر أي شخص بأن الآخرين يستمتعون بوقتهم بينما يشعر هو بالضجر أو يجد نفسه عالقا في المهمات الروتينية العادية عندما يرى أنهم سعيدون أو في نزهة لطيفة أو يقومون بنشاطات مثيرة.
إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي تعزز هذه المشاعر وتجعل الشخص يقلق من تراجع علاقاته الاجتماعية ويشعر أن حياته مملة خصوصاً عند تراكم هذه المشاعر مع الوقت. يمكن أن تتطور هذه المشاعر لتصبح مخاوف نفسية حقيقية مشاكلاً مثل التوتر المزمن والاكتئاب.
الإفراط باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي يسبب الشعور بالنقص
لطالما تم انتقاد مواقع التواصل الاجتماعي لسهولة إمكانية تعديل الصور باستخدام الفلاتر وأدوات تعديل الصور المتنوعة. غالباً ما تحفز الصور المعدلة إلكترونياً على خلق صورة مغلوطة عن الجسم مما قد يسبب بدوره الشعور بالنقص حيال المظهر الخارجي مما يعتبر أحد عوامل الخطورة للإصابة باضطرابات الأكل خصوصاً بين الفئات العمرية الصغيرة.
لا تنطبق هذه النقطة فقط على الصور الرائعة التي نراها للمشاهير والأصدقاء، وإنما أيضاً على الصور الشخصية التي نقوم بتحميلها لأنفسنا بسبب نظام “الإعجابات” و “المشركات” السائد على مواقع التواصل الاجتماعي مما يجعلنا في سعي دائم للحصول على رضا الآخرين ويحفزنا على مقارنة أنفسنا بالأشخاص الذين يقومون بنشر صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي عبر مقاييس الإعجابات والمشاركات.
الشعور بالوحدة والعزلة بسبب التواصل الاجتماعي
يمكن أن تساهم مواقع التواصل الاجتماعي في جعل المستخدم يشعر بالعزلة والوحدة، وقد أظهرت الدلائل العلمية أن التواصل المباشر أو الفيزيائي (وجهاً لوجه) ما بين البشر يساهم في تحسين الصحة النفسية بينما أثبتت دراسة تم إجراؤها في 2015 في Journal of the American Geriatrics Society أن الحد من التواصل الفيزيائي مع الآخرين يرفع احتمال الاصابة بالاكتئاب بنسبة 100%.
يعني ذلك أن التوقف عن التواصل المباشر مع الآخرين والاقتصار على التواصل الالكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي من شأنه أن يرفع احتمال:
- الإصابة باضطرابات المزاج مثل الاكتئاب.
- عدم القدرة على تحمل التوتر.
- الشعور المضاعف بالعزلة والوحدة.
مواقع التواصل الاجتماعي واضطرابات الأكل
إن الانتشار الواسع جداً لوسائل تعديل الصور على مواقع التواصل الاجتماعي تعني أن هذه المنصات قد تساهم في تعريض الناس لخطر اضطرابات الأكل. وقد وجدت دراسة تم إجراؤها في 2019 أنه كلما زاد استخدام المراهقين لمواقع التواصل الاجتماعي كلما ازداد احتمال إصابتهم باضطرابات الطعام.
يلاحظ أيضاً أن هناك صيحات عكسية تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي حيث يشيع أسلوب الحياة الصحي والطعام المحضر منزلياً أو الذي يعتمد المعايير الصحية المثالية ولكن يميل إلى أن يصبح نوعاً من الهوس وهذا ما يطلق عليه اصطلاحاً اسم “fitspiration”.
إدمان استخدام مواقع التواصل الاجتماعي
يؤدي فتح هاتفك الذكي واستخدامه في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي إلى إفراز الدوبامين في الدماغ وهو ما يعرف بهرمون السعادة. مع مرور الوقت والاستخدام المتكرر والمتواصل لمواقع التواصل الاجتماعي، يمكن أن يتشكل رابط بين استخدام الهواتف الذكية والشعور بإحساس المكافأة والتجربة المشوقة.
بالرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي قد تشكل إلهاءً محبذاً في البداية، فقد تشكل جرعة الدوبامين التي يتم إفرازها مع استخدام هذه المواقع والإنترنت حافزاً يجعلك تريد أن تدخل إلى هذه المواقع أكثر وأكثر مما يعتبر الخطوة الأولى في إدمان الإنترنت.
علامات تدل أن ولدك يمر بتجربة سلبية مع مواقع التواصل الاجتماعي
- تلاحظ أن الطفل أو المراهق يشعر بالتوتر عند سماع نغمة الإشعارات أو عند استخدام هاتفه الذكي.
- يتصف سلوكه بالسرية حول نشاطه على الإنترنت.
- يبدو الطفل أو المراهق عصبياً أو حزينا أو محبطاً بعد استخدام الهاتف.
- يهرع إلى إغلاق الهاتف عندما تدخل إلى الغرفة.
- تلاحظ تراجع علاقات ولدك الاجتماعية المباشرة وقلة تواصله مع الأصدقاء والعائلة.
نصائح للحفاظ على سلامة الأولاد من مواقع التواصل الاجتماعي
التحكم بإعدادات الخصوصية لحسابات الأطفال على مواقع التواصل الاجتماعي
من المهم للأهل أن يتحكموا بمواقع التواصل الاجتماعي التي يستخدمها الأطفال بهدف حمايتهم من الغرباء وحمايتهم من الإفراط من استخدام الإنترنت.
تشجيع الأطفال على التحدث معهم
حاول الحفاظ على مستوى حديث سلس مع أطفالك خلال كافة مراحلهم العمرية لتشجيعهم على إطلاعك على أفكارهم ومشاعرهم ومجريات حياتهم.
التعرف على أهل أصدقاء الأولاد
قد لا يكون من السهل على الأطفال والمراهقين إطلاع الأهل على مشاكلهم الخاصة، لكنهم قد يميلون إلى إطلاعهم على مشاكل الأصدقاء مما قد يشكل شبكة حماية مشتركة ما بين العائلات.