المنصة أثبتت أهميتها في تنبيه المزارعين للتحول لزراعة أصناف أكثر قدرة على الصمود في مواجهة المناخ
حققت أدوات الذكاء الاصطناعي انتشارًا واسع النطاق، بعد إطلاق روبوت الدردشة الشهير ChatGPT قبل عام، فيما يشير الخبراء إلى أن هذه التكنولوجيا من شأنها أن تُحدث ثورة في عدد لا يحصى من الصناعات.
لكن الباحثين في مجال المناخ ظلوا لسنوات يفكرون في كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وبرامج الكمبيوتر التي يمكنها تحليل كميات هائلة من البيانات بسرعة وإكمال المهام المعقدة بطرق مشابهة للطريقة التي يمكن بها للبشر، في محاولة لفهم المناخ المتغير ومعالجته بشكل أفضل.
منصة لتقييم تغير المناخ
يشعر مزارعو الطماطم في وسط الهند بالقلق بشكل متزايد بشأن التقلبات التي جلبتها الأحداث المناخية القاسية إلى المنطقة.
وبالنسبة لجزء كبير من المنطقة، تخلل العقد الماضي حالات جفاف شديدة أدت إلى خسارة كبيرة في المحاصيل، مما أثر على سبل عيش المزارعين المحليين.
على الجانب الآخر من العالم، تعمل شركة ClimateAi الناشئة في وادي السيليكون بولاية كاليفورنيا الأمريكية، على تطوير منصة ذكاء اصطناعي لتقييم مدى تعرض المحاصيل لدرجات الحرارة المرتفعة خلال العقدين المقبلين، وفق شبكة “سي إن إن” الأمريكية.
https://twitter.com/cnnphilippines/status/1728711714835927069
وتستخدم المنصة بيانات عن المناخ والمياه والتربة في موقع معين لقياس مدى قابلية النباتات الطبيعية للنمو في السنوات القادمة.
وكانت ولاية ماهاراشترا في الهند واحدة من دراسات الحالة الأولى التي أجراها فريق الشركة في عام 2021، ويمكن للمزارعين الدخول إلى تطبيق Climate Ai وإدخال البذور التي كانوا يزرعونها والمكان الذي يريدون زرعها فيه.
وباستخدام هذه البيانات، أجرت شركة Climate Ai عمليات محاكاة ووجدت أن الحرارة الشديدة والجفاف سيؤديان إلى انخفاض بنسبة 30% تقريبًا في إنتاج الطماطم في المنطقة خلال العقدين المقبلين، وحذرت المزارعين من ضرورة تغيير استراتيجيتهم.
وقد أثبتت النتائج أهميتها المحورية، حيث قام منتجو الطماطم بتعديل خطط أعمالهم من خلال التحول إلى زراعة أصناف بذور أكثر قدرة على الصمود في مواجهة المناخ وتغيير أوقات زراعة بذور الطماطم، وعادة ما يستغرق العثور على مواقع زراعة جديدة بعض الوقت بالنسبة للمزارعين المتأثرين بتغير المناخ، ولكن “الآن يمكن أن يحدث ذلك في غضون دقائق، كما أن التطبيق الجديد وفر عليهم الكثير من التكلفة”، وفقًا لهيمانشو جوبتا، الذي نشأ في الهند ويعمل حاليًا في شركة Climate Ai.
وقال جوبتا لشبكة CNN إن تقييم المخاطر المستقبلية للزراعة هو مجرد إحدى الطرق التي يتم بها استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لمعالجة أزمة المناخ.
قدرات تنبؤية
يقول الخبراء إن الذكاء الاصطناعي مستعد لتسريع كل شيء، بدءًا من الحد من التلوث وحتى تحسين نماذج الطقس.
من جانبه، قال فينغكي يو، الأستاذ في كلية الهندسة بجامعة كورنيل إن “الكفاءة هي أحد الأشياء التي يجيدها الذكاء الاصطناعي، فهو يستطيع تحسين القرارات، وتحسين الموارد، فهو نظام يتمتع بقدرات تنبؤية قوية جدًا ويمكن أن يكون مفيدا للغاية في العديد من المجالات، بدءًا من فهم الجزيئات صغيرة الحجم إلى فهم أنظمة المناخ الأوسع لمساعدتنا في مكافحة تغير المناخ”.
ومع الوتيرة السريعة التي ترتفع بها حرارة كوكب الأرض، فإن تسريع الحلول وتنفيذها أمر بالغ الأهمية.
ولكن على الرغم من كل ما يعد به الذكاء الاصطناعي، فإن البنية التحتية التي تدعم التكنولوجيا – مثل مراكز البيانات المملوءة بصفوف من الخوادم القوية التي تستهلك الطاقة – يمكن أن تشكل في حد ذاتها ضغطًا على البيئة، ويقول الخبراء إن مهندسي البرمجيات يجب أن يعملوا بشكل وثيق مع علماء المناخ لإيجاد التوازن.
معالجة البيانات بسرعة
ويشير مصطلح الذكاء الاصطناعي إلى أدوات رقمية مختلفة تم تدريبها لأداء مجموعة واسعة من المهام المعقدة التي ربما كانت تتطلب في السابق مدخلات من شخص فعلي.
بشكل عام، ما تشترك فيه هذه التقنيات هو قدرتها على المعالجة السريعة وإيجاد الروابط بين كميات هائلة من البيانات المتباينة، وهذا يجعل الذكاء الاصطناعي جيدًا بشكل خاص في أشياء مثل التنبؤ وإجراء عمليات المحاكاة.
وعلى عكس برامج الكمبيوتر التقليدية، يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي عادةً مواصلة التعلم بمرور الوقت مع توفر بيانات جديدة أو عندما تتلقى الأنظمة تعليقات جديدة حول جودة مخرجاتها.
وفي حين كان الاكتشاف العلمي يعتمد على قدرة البشر على جمع الأدلة ومراقبتها وتحليلها، فإن أجهزة الكمبيوتر يمكنها الآن معالجة مجموعات كبيرة من البيانات، وتحديد الأنماط، وإجراء تجارب رقمية في جزء صغير من الوقت الذي يحتاجه الباحثون البشريون.
وربما لن يحل الذكاء الاصطناعي محل الحاجة إلى البشر في مكافحة تغير المناخ. ولكن يمكن أن يجعل عملهم أسرع وأكثر فعالية.
ويحذر خبراء التكنولوجيا أيضًا من أنه يجب جعل الذكاء الاصطناعي ميسور التكلفة ومتاحًا للدول ذات الدخل المنخفض، لا سيما تلك التي تقع على الخطوط الأمامية لأزمة المناخ، وهو أمر يأمل جوبتا في معالجته أثناء توسيع برنامج Climate Ai.